آراء

الإثيوبيون في إسرائيل.. بين صوت الأصوليين وتهديدات المستوطنين

عندما لا تكون هناك مساواة أمام القانون فما من مساواة في أي شيء، لا في التعليم أو الصحة أو الجيش. دولة لها قوانين منفصلة للسود والبيض، اليهود والعرب، الكبار والصغار، يمكن أن تسمي نفسها دولة قانون إلى الأبد، لكنها ليست دولة قانون. هي دولة منحلة، أو في طور الانحلال. نريد أن نؤمن بأن الانحلال لا يأتي في وقتنا. وأن ديمونة لن تصبح تشرنوبل، ولن تكون هناك حرب أهلية. نعيش هنا بشكل جيد مع الشعور بالثقة بأننا محصنون أيضاً ضد طرد الأطفال وقمع العرب واضطهاد الفقراء. نحن نتعايش مع ذلك جيداً.

الحكومة تتعايش مع هذا جيداً أيضاً. عندما يروق لها تتعزز، والمواطنون فيها يضعفون. الضعفاء ليسوا من يفتشون في القمامة فحسب، بل من سددوا القرض السكني. الانتقال من قوي إلى ضعيف هو قصير وسريع، مثلما الحال في الولايات المتحدة. تقليص مخصصات التقاعد وتسريحات و”أنظمة تطبيق جديدة”، وسيأتي يوم نفتش في القمامة.

سبعون سنة من الإيمان والخداع والتدهور المعتدل، حولتنا إلى مغفلين غير مدركين. لم نعرف ما هي الديمقراطية. اعتقدنا أن الديمقراطية تعني أن الأغلبية هي التي تقرر، وهذا كل شيء. تنازلنا عن حقوق الأقلية. جهلنا أن القليل من الديمقراطية غير موجود. إما كل شيء وإما لا شيء. يصعب التصديق أي نوع من المغفلين نحن. نحافظ على القانون في الدولة في الوقت الذي من مسموح فيه للآخرين بأن يخرقوه. لم نعرف أن كل ذلك تظاهر مزيف كبير، وأن “المبادئ” صاغها ناسخون، والأيديولوجيا صاغها مستشارو انتخابات. وكل ذلك من أجل إخفاء هدفهم الحقيقي الذي هو القوة والمال والاحترام.

نحن مغفلون، نقوم بفحص كل أقوال لإهود باراك وأفيغدور ليبرمان وكأنه قسم أمام الله. نهان ونخجل من أي تناقض في أقوالهم. لحظة، نسأل. ألم تقولوا هذا وذاك والآن تقولون العكس؟ أجل هم يكذبون. وماذا في ذلك؟ هم لا يعملون لدينا. فبعد لحظة من حصولهم على القوة والمال والوظائف لن يعودوا يشاهدونا على بعد متر، لا يمثلوننا، بل يمثلون أصدقاءهم. الأصوليون يمثلون الأصوليين، واليمينيون يمثلون المستوطنين.

لم يحدث هذا بشكل نادر، فقد حدث أكثر من مرة، ويحدث منذ سبعين سنة. مرة كل بضعة أشهر نعتقد أن الانتخابات ستغير الواقع وأنهم سيطرحون شعارات حادة وبارعة، لكن كل ما نفعله هو توفير راتب جيد وتقاعد كبير لمنتخبي الجمهور. ليس لدينا “منتخبون”، وليس لدينا “منتخبو جمهور”. ميكي زوهر، منتخب جمهور مثلما أنا ملكة إنكلترا. ليس الجمهور من انتخبه، فبنيامين نتنياهو هو الذي اختاره، وهو مدين له بما يزيد عن 40 ألف شيكل شهرياً، وهو ليس مدين لنا بشيء. قد يكون زوهر غبياً، لكن ليس إلى درجة أن لا يعرف كيف سيكون وضعه عندما يناقض نفسه مرتين في اليوم. هو يعرف جيداً أنهم ينظرون إليه مثل الكلب، الذي يسخرون منه ويدوسونه، لكنه يعرف الآن أن هذا هو ثمن الثراء في الغد. ويرى أن أبناء الكيبوتسات تحولوا إلى أصحاب ملايين. والضباط تحولوا إلى تجار سلاح. وعمال الإنتاج أصبحوا أصحاب أسهم. زوهر يعرف أن من دخل إلى السياسة وهو فقير يخرج منها ثرياً. هذا ليس فظيعاً، يقول لنفسه. سمعت القليل من الهراء، لكن سنكون غداً في وضع جيد. ليس هناك من سيدافع عنا من زوهر وأصدقائه، لا الدستور ولا المشرعين ولا القضاة ولا وسائل الإعلام. حكومة مصابة بالشلل، تعمل في شراء الجميل، مباشرة أو من خلال وسطاء أو تشريع يحول مخالفي القانون إلى أشخاص ورعين.

طريقة التعامل مع حكومة مصابة بالشلل ليس من خلال التعليقات، بل من خلال المظاهرات وإغلاق الشوارع، لكن هذه أيضاً يمكن أن تكون مجدية أكثر لو أن الإعلام خدمنا ولم يخدم الراعين لها وسياسييهم، وكانت تبث ما يريدون منا رؤيته، والمهم الذي يجب أن نراه.

عندما لا يكون هناك إعلام ولا قانون، فإن المظاهرات والإغلاقات هي التي ستقول للحكومة المتحصنة والتي تهمل ما نفكر فيه. هذه هي اللغة التي تفهمها حكومة كهذه، هي تعرف أنه في عملية الانحلال فإن كل شخص يدافع عن نفسه بالسلاح الذي لديه. سلاح الأصوليين هو مصوتون خاضعون. وسلاح المستوطنين هو التهديد بالحرب الأهلية. والذين هم من أصل إثيوبي لا يوجد لهم مصوتون ولا تهديد. كل ما لديهم هو إغلاق الشوارع، ومن هو غير مستعد للتظاهر وإغلاق الشوارع، فلا يلم أحداً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى