آراء

جولة جديدة و صعبة للمصالحة الفلسطينية.. د.أيمن الرقب

تنطلق في القاهرة في الحادي والعشرون من نوفمبر جولة جديدة بين الفصائل الفلسطينية لتطبيق تفاهمات القاهرة عام ٢٠١١ .. وتعتبر هذه الجولة الأهم لأنها تأتي بعد التفاهمات بين فتح وحماس الشهر الماضي والتي بناءً عليها تم تسليم الوزارات والمعابر في غزة لحكومة الوفاق الوطني الفلسطيني ما تم الاصطلاح على تسميته التمكين ..

ورغم أن جولة المفاوضات السابقة بين فتح وحماس كادت أن تفشل لولا تدخل الجانب المصري بكل ثقله و ليتحول لشريك وليس راعي لهذه المفاوضات وهذا ما شهدناه خلال عملية تسليم الوزارات والمعابر في قطاع غزة وهذا ما كان ينقص المفاوضات بالسابق ..

تحقيق المصالحة الفلسطينية مصلحة فلسطينية ومصرية وعربية فاستمرارها يمس بالأمن القومي العربي والمصري والفلسطيني على حدٍ سواء .

مصر تستضيف هذه الجولة وهي تدرك أنه يوجد ملفات ساخنة قد تفجر كل ما تم انجازه ولكنها واثقة من سياستها ( الدبلوماسية الناعمة ) والتي من خلالها ستتغلب على كل المعيقات وهي تنظر لتطبيق اتفاق القاهرة على مراحل وليس رزمة واحدة مستخدمة نظرية كرة الثلج التي كلما زاد تدحرجها في اتجاه واحد كلما كبُرت .. لذلك قد يتم خلال هذه الجولة تأجيل ملفات الى مراحل قادمة من المفاوضات وبكل الأحوال ستشهد هذه الجولة من المفاوضات التالي :

أولا : تقيماً لما تم انجازه خلال الشهر الماضي وتمكين الحكومة في قطاع غزة وقد يشهد هذا الملف الكثير من السجال خاصة في ملف موظفي حماس الذين يجب دمجهم داخل الوزارات والإلتزام بدفع رواتبهم بدءاً من الشهر القادم عبر السلطة وكذلك رفع العقوبات التي فرضها رئيس السلطة على قطاع غزة والتي شملت إحالة موظفين إلى التقاعد المبكر وخصم جزء من رواتبهم وتخفيض نسبة الكهرباء التي تصل قطاع غزة عبر الاحتلال وغيرها من العقوبات التي لم يتم إلغاؤها حتى الآن من قبل رئيس السلطة محمود عباس.

ثانياً : تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة أو الإبقاء على الحكومة الحالية مع اجراء بعض التعديلات عليها وتكون من مهامها الإعداد للانتخابات البرلمانية والرئاسية وتهيئة كل الظروف لنجاحها .. وقبل أن تبدأ هذه اللقاءات تهاجم حماس رئيس حكومة التوافق رامي الحمد لله رداً على تصريحاته الأخيرة حول  تمكين الحكومة والتزاماتها تجاه قطاع غزة وتطالب بتغييره .. مما يعني أننا قد نذهب لتشكيل حكومة جديدة برئيس وزراء جديد إلا إذا رأى الجميع الإبقاء على هذه الحكومة في هذه المرحلة .

ثالثاً : منظمة التحرير الفلسطينية و ضرورة انضواء الجميع بها خاصة حركتي حماس والجهاد وتطالب الفصائل بتنفيذ تفاهمات القاهرة عام ٢٠٠٥ من خلال تشكيل إطار قيادي مؤقت يقود منظمة التحرير الفلسطينية ويشرف على آلية انتخاب واختيار مجلسها الوطني الذي سيختار لاحقا اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية خاصة ان معظم قيادة المنظمة الحالية طاعنة في السن وجزء من أعضاء المجلس الوطني وافته المنية بعد أكثر من عشرون عاماً على عقد المجلس الوطني في غزة عام ١٩٩٦ ..  وحقيقة الأمر إن الشعب الفلسطيني بحاجة لانتخاب مجلس وطني جديد يمثل الكل الفلسطيني في الداخل الفلسطيني والشتات لتثبيت الحق الفلسطيني و‘عادة الهيبة لمنظمة التحرير .. وأعتقد أن هذا الملف من أهم الملفات .

رابعاً : الانتخابات البرلمانية والرئاسية الفلسطينية والتي استحقت منذ سنوات وهي الصورة الحقيقية لانتهاء الانقسام الفلسطيني في حال إجرائها .. وكما أشرنا مهمة الحكومة الفلسطينية القادمة هو تهيئة الأجواء لاجراء الانتخابات والاشراف عليها وموعدها يحدده رئيس السلطة الفلسطينية من خلال اصدار مراسيم بذلك خلال ستة اشهر على الاقل وقد تمتد لسنة حسب الظروف .. وكما اشرت الانتخابات مهمة للشعب الفلسطيني ليجدد شرعياته التي انتهت منذ سنوات ويعيد الثقة بقيادة يختارها من جديد وبذلك تنتهي سنوات الانقسام .

خامساً : ملف الأمن والحريات وهذا الملف يدخل بتفاصيله وحدانية السلاح لذلك سيكون من أهم الملفات واصعبها فالسلطة لن تقبل بتكرار نموذج حزب الله اللبناني في قطاع غزة وأنها ترى انه لا سلاح الا سلاح السلطة الفلسطينية ولن تقبل وجود ميلشيات مسلحة خاصة ان قطاع غزة به الكثير من المليشيات المسلحة لمعظم الفصائل الفلسطينية واكبرها كتائب القسام التابعة لحركة حماس . . من جانبها ترى حماس وبعض الفصائل أنها لن تسمح بالمساس بسلاح المقاومة وتفكيكه وهذا ما يجعل الامر اكثر تعقيدا ..

وفي هذا السياق أرى أن هذا الملف ممكن معالجته من خلال تشكيل جيش وطني فلسطيني يضم كل المليشيات المسلحة وبكل إمكانياتها المسلحة وتحت قيادة هيئة أركان من كل الفصائل وتتبع وزارة الداخلية الفلسطينية ونستطيع أن نفاوض الاحتلال حول تفكيك السلاح لاحقا من خلال ربطه بسلاح المستوطنين أقل تقدير ولكن فكرة تفكيك السلاح بهذه السهولة دون أي ثمن كمن يكسر يديه بنفسه..

هذه الملفات وغيرها كثير قد تفجر المصالحة إذا لم تتم معالجتها بهدوء وحكمة لذلك أعتقد أن جمهورية مصر والمفوضة من جامعة الدول العربية لإتمام المصالحة الفلسطينية قد تلجأ لتأجيل الملفات الأكثر صعوبة لمراحل لاحقة وجزء منها سيؤجل للقاء فتح وحماس في شهر ديسمبر وكما أشرنا مصر الآن شريك في المصالحة وليس راعي مما يساعد في تجاوز الكثير من الخلافات وهذه الجولة تختلف عن اللقاءات السابقة لأن الجميع يريد أن ينهي سنوات التيه الفلسطيني ويؤسس لمرحلة جديد قادرين فيها مواجهة كل المتغيرات في العالم والمنطقة والشعب الفلسطيني قادر على ذلك مدعوما بعمقه العربي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى