آراء

على إسرائيل ألا تفوت مشروع مارشال الصيني

في نهاية نيسان أخذت القمة الثانية للمبادرة الصينية «الحزام والطريق» في بكين، التي شارك فيها 36 رئيس دولة بهدف تحقيق التعاون الدولي في مشروع البنى التحتية الأعظم الذي أعلن كمشروع الاستثمار الدولي الصيني الأكثر طموحاً، بل واعتبر «مشروع مارشل» القرن الـ 21. ولكن إسرائيل تغيبت عن القمة، أغلب الظن على خلفية تأييد الصين طويل السنين للدول العربية في النزاع الإسرائيلي ـ العربي. فهل يوجد لنا مكان للانخراط في المشروع المهم رغم المصاعب؟ يبدو أن نعم. بل تعد هذه فرصة تاريخية ـ ولكن عليها أن تسارع.
إن مشاركة إسرائيل في المشروع تجد تعبيرها في انضمامها إلى بنك آسيا للاستثمارات الإنشائية (AIIB) في 2016. وهكذا أصبحت واحدة من 57 دولة أقامت البنك ـ المبادرة التي اتخذتها الصين بهدف تشجيع الاستثمارات في الدول على محور المشروع. إن لانضمام إسرائيل كعضو في البنك أهمية سياسية واقتصادية في سياق الشرق الأوسط، وفي سياق تعاون أوسع في آسيا. في الماضي واجهت إسرائيل معارضة من جانب الدول الآسيوية الإسلامية في المحاولات للانضمام إلى البنك الآسيوي للتنمية (ADB)، وعليه، يبدو أن انضمامها إلى (AIIB) يشير إلى فرص تجارية جديدة للإسرائيليين في آسيا وخلق نقاط لقاء لم تكن في الماضي ممكنة للتعاون الاقتصادي بين إسرائيل والدول الآسيوية الإسلامية.
ولكن لماذا من المهم جداً ألا نفوت القطار الصيني؟ فعلى الرغم من أن مخطط المشروع الأصلي أنه لا يتضمن إسرائيل في خرائطه، حظي الصينيون بعطاء لإدارة ميناء حيفا وبناء ميناء أسدود، ولهذه الاستثمارات مؤشر واضح لخطة صينية استراتيجية واسعة في إسرائيل. اليوم يمر مخطط المشروع عبر قناة السويس الضيقة والقريبة من مناطق معادية في شمال سيناء، ولكن العمل على بناء سكة قطارات بين أسدود وإيلات (التي أعلن عنها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو منذ قبل عقد من السنين) كفيل بأن يخلق بديلاً حقيقياً للصينيين ويحول المخطط إلى إيلات. وبالمناسبة، فإن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي شارك في القمة، بل ووقع على اتفاقات إضافية.
أسدود أمر مفهوم، ولكن كيف ترتبط حيفا هنا؟ جيد أنكم سألتم. في نيسان 2017 عرضت لأول مرة مبادرة «سكك حديدية لسلام إقليمي» من قبل وزير المواصلات إسرائيل كاتس، تسعى لربط دول الخليج الفارسي، السعودية والأردن بميناء حيفا من خلال سكك حديدية للقطارات كبديل عن مسار التجارة البحرية الأوروبي ـ العربي الذي يحيط شبه الجزيرة العربية ويضطر لأن يعلق مع قوى شيعية قرب شواطئ اليمن، المعادية للحكم السعودي والمحور السني المعتدل.
بعد سنة من عرض المبادرة، في أيار 2018، وقعت مذكرة تفاهم بين الصين وعُمان، يقيم الصينيون بموجبها ميناء ومنطقة اقتصادية خاصة في عُمان باستثمار 10 مليار دولار، يكون نقطة مرسى للسفن الصينية في طريقها إلى شرق إفريقيا. ولكن في ضوء التعاون بين إسرائيل وعُمان يبدو أن لهذا الاستثمار الصيني أهمية استراتيجية واقتصادية أعلى بكثير، يحتمل أن تكون كفيلة بأن تحول مخطط المشروع تماماً وتضع إسرائيل نقطة ربط مركزية وحصرية لأوروبا. لقد أصبحت مثل هذه الوضعية معقولة حتى أكثر في ضوء إعلان دبي في قمة نيسان عن استثمارات مشتركة مع الصين بمبلغ 3.4 مليار دولار.
ومع ذلك، فإلى جانب الفضائل الكثيرة لمشاركة إسرائيل في مبادرة الحزام والطريق والتعاون مع الصين من المهم أن تكون حكومة إسرائيل يقظة من المخاطر من جانب الجمهورية الشيوعية ـ الانتقاد اللاذع على استراتيجية «شرك الدين» الذي تتهم به؛ تطلعاتها الاستخبارية؛ وعدم الالتزام القانوني؛ والأهم من كل شيء، التآمر على الحليفة الأهم لإسرائيل، الولايات المتحدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى