تقارير وتحليلات

خطة إسرائيل لضمِّ غور الأردن بدأت قبل إعلان نتنياهو بحرمان الفلسطينيين من المياه وإبعاد زوجاتهم

لم يكن إعلان بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه سيفرض السيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة الغربية، وتحديداً غور الأردن، مجرد وعد انتخابي، بل هو امتداد لخطة إسرائيلية قديمة لضم غور الأردن، جرى تنفيذها تدريجياً لعقود.

والآن أصبحت الظروف مهيّأة لجنيِ نتنياهو ثمار الخطة لنفسه، عبر استباق أي مفاوضات مستقبلية مع الفلسطينيين بضم هذه المنطقة المهمة والغنية بالموارد.

ودفع إعلان نتنياهو العديد من الأوساط الفلسطينية والعربية والدولية للتحذير من خطورة هذه الخطوة.

وأكد نتنياهو قبل أقل من أسبوع على إجراء الانتخابات البرلمانية، أنه في حال فوزه سيقدم للكنيست مشروعاً كاملاً، لنشر مستوطنات بغور الأردن، وأن الجيش الإسرائيلي ملزم بالتواجد بكل مناطقه.

خطة إسرائيلية قديمة لضم غور الأردن ولكن المشكلة في التوقيت

لم يأت نتنياهو بجديد في مسألة التمسك الإسرائيلي بغور الأردن، فقد دأب الساسة الإسرائيليون من مختلف المشارب السياسية والحزبية على تأكيد هذا الموقف، لكن جديد تصريحاته يتعلق بتوقيته الحاسم والحساس، فنحن على مقربة من أيام قليلة من توجه الإسرائيليين لصناديق الاقتراع، واستطلاعات الرأي تمنح خصومه نسباً متقدمة، مما حدا به للتلويح بورقة غور الأردن لاستعادة ما فقده من أصوات اليمين.

خليل شاهين، رئيس قسم البحوث في المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدّراسات الاستراتيجية، قال ، إن «تصريحات نتنياهو تؤكد أن الهدف الإسرائيلي بضم الغور بات محل إجماع إسرائيلي، حتى بين الأحزاب المتنافسة، بما فيها أزرق-أبيض، المنافس الأساسي لليكود.

وأوضح أن خلافات الطرفين تتعلق فقط بعمق الضم، ومساحته، وتوقيته، ومن الواضح بعد هذه التصريحات أنّ ضم الغور سيوضع على طاولة صانع القرار الإسرائيلي، بعد انتخابات الثلاثاء القادم، ولو تدريجياً» .

علاقة إعلان بنيامين نتنياهو بصفقة القرن 

«نتنياهو يسعى للاستفادة من وجود ترامب في البيت الأبيض، وينسق معه خطواته لضمّ الغور، انسجاماً مع مضامين صفقة القرن، حسبما يقول شاهين.

ورأى أن تهديد نتنياهو بضم الغور يأتي إعلاناً استباقياً للتأثير على ما تبقَّى من بنود الصفقة.

وقال في المقابل تكتفي السياسة الفلسطينية بالتنديد، دون الانتقال لخطوات عملية على الأرض، رغم أنها ترى التوجهات الأمريكية والإسرائيلية تنتقل من مرحلة إدارة الصراع إلى حسمه بفرض الأمر الواقع» .

من يعيش في غور الأردن؟

وتبلغ مساحة غور الأردن نحو 400 كم2، وهو أكثر جهات العالم انخفاضاً تحت مستوى سطح البحر، ويوجد فيه البحر الميت.

ويعتبر غور الأردن القطاع الشرقي للضفة الغربية، حيث يمتد على طول 120 كم، من منطقة «عين جدي» قرب البحر الميت جنوباً، وحتى الخط الأخضر، جنوبي بيسان، شمالاً، ويبلغ عرضه 15 كم.

يتعرض سكان غور الأردن لقمع إسرائيلي متزايد

ويعيش في الغور 47 ألف فلسطيني، في عشرين بلدة ثابتة، بما يعادل 2% من التعداد الكلي للفلسطينيين في الضفة الغربية.

ويبلغ عدد مستوطني غور الأردن 7500 نسمة، يسكنون في 26 نقطة استيطانية، وهناك رغبة حكومية إسرائيلية في مضاعفة عددهم، وإقامة مرافق اقتصادية كبيرة لتشجيعهم على السكن فيها.

لماذا يتلهف نتنياهو لضم غور الأردن؟

قال أبو يوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية لموقع «عربي بوست»، إن «تهديد نتنياهو بضم الغور يسعى لتحقيق هدفين: استراتيجي يتطابق مع توجهاته اليمينية المتطرفة، مستفيداً من الدعم الأمريكي اللامحدود، وقرب إعلان صفقة القرن، وتصريحات واشنطن التي تجيز ضم أجزاء من الضفة الغربية لإسرائيل، والهدف الثاني يتعلق بالعملية الانتخابية، ورغبة نتنياهو في مغازلة أصوات اليمين لاستقطابهم» .

وأضاف أن «ردود الفعل الفلسطينية والعربية والإسلامية والدولية هامة وجيدة، لكنها تفتقر لآليات تطبيق على الأرض، من خلال عزل الحكومة الإسرائيلية، وملاحقتها قضائياً، وترتيب الوضع الداخلي الفلسطيني بإنهاء الانقسام، ووقف التنسيق الأمني مع الاحتلال» .

خطة إسرائيلية قديمة لضم غور الأردن.. هذا ما يفعلونه بسكانه 

منذ احتلال الضفة الغربية في حرب 1967، اعتبرت جميع الحكومات الإسرائيلية منطقة غور الأردن بمثابة «الحدود الشرقية» لإسرائيل، وطمحت إلى ضمها للدولة.

وعلى مدار السنين، تم الإعلان عن الغالبية العظمى من أراضي الغور على أنها أراض تابعة للدولة (أي سلطة الاحتلال).

وفي إطار اتفاقية أوسلو، تم تصنيف غور الأردن بأنها مناطق C، تسيطر عليها إسرائيل سيطرة تامة، وأقامت خلال السنوات الأخيرة أربعة حواجز ثابتة، وشدَّد الجيش الإسرائيلي بصورة ملحوظة من القيود المفروضة عليها، وأتاح المرور فقط لسكان الغور على أساس بطاقة الهوية.

أما باقي سكان الضفة الغربية، فيُطلب منهم إبراز تصريح خاص يتم إصداره من الإدارة المدنية الإسرائيلية.

الحصار.. الزوجات محرومات من العودة لبيوتهن

لا ترى إسرائيل في الأغوار وحدة جغرافية واحدة مع الضفة الغربية، وبالتالي، فإن الفلسطينيين الذين يسكنون خارجها، ويمتلكون أراضي زراعية في مجالها، جرى فصلهم عن أراضيهم، وفقدوا مصادر رزقهم.

كما أن الفلسطينيات اللواتي تزوَّجن من رجال يسكنون في الأغوار، وانتقلن للعيش معهم في المنطقة دون أن يبدلن البند الخاص بالعنوان في بطاقة الهوية، لا يخرجن من المنطقة، خشية منعهن من العودة لبيوتهن.

 كما توقف الكثير من مزودي الخدمات عن الوصول لهذه القرى.

الأردن يرى في الإعلان استهدافاً له وليس للفلسطينيين فقط

«الأردن يتوقع أن نتنياهو سيطبّق وعده تجاه الغور، إن لم يجد ردود فعل عربية قوية مؤثرة، حسبما قال شاكر الجوهري السياسي الأردني لـ «عربي بوست» .

وأضاف قائلاً: هذا سيعني له تحقيق إنجازات سياسية داخل معسكر اليمين الإسرائيلي، من خلال التوسع في برنامجه الاستيطاني.

وقال إن الأردن غير مرتاح نهائياً لنتنياهو منذ ولايته الأولى في عام 1996، لأن معسكر اليمين الذي يقوده يرى أن ضفتي نهر الأردن إسرائيليتان» .

الأردن قلق على أمنه من الإعلان الإسرائيلي

وأضاف أن «الأردن يعتقد أن نتنياهو مستعد لأن يغدر بالجميع من أجل مكاسب انتخابية، والأردن يتخوف من تصريحاته الخاصة بالغور، لأنها مكلفة للمملكة على مختلف الأصعدة: أمنياً وسياسياً واقتصادياً وإنسانياً.

فعمان ترى في ضمّ الغور لإسرائيل حرماناً لها من التواصل المستقبلي مع الكيان الفلسطيني بالضفة الغربية، لاسيما من خلال الحدود المشتركة ومصادر المياه، والتدخل العسكري والأمني في حال حصول أي اضطرابات أمنية محتملة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في الضفة الغربية» .

ثروات تسيل اللعاب.. وأهل الغور محرمون منها  

وتعتبر منطقة غور الأردن من المناطق المتميزة نسبياً بوفرة مواردها المائية، يوجد فيها 133 بئراً جوفية، وحفرت إسرائيل 35 بئراً بقدرة إنتاجية تقدر بـ40 مليون متر مكعب، وفرضت قيوداً على حفر أي آبار جديدة للفلسطينيين في المنطقة، وأغلقت الآبار الفلسطينية الواقعة في المناطق العسكرية.

كما تعتبر إسرائيل غور الأردن جزءاً من خططها الأمنية، واتَّخذت عدة إجراءات للحدِّ من الوجود الفلسطيني، وزيادة الوجود اليهودي، كإعلان بعض مناطقه عسكريةً مغلقةً، يمنع الفلسطينيون من الوصول إليها، وإقامة 90 موقعاً عسكرياً، والسعي لخلق وجود إسرائيلي مدني وعسكري، بواسطة نقاط استيطانية، بحيث تشكل المنطقة حزاماً واقياً للقدس من أي هجمات عسكرية من الناحية الشرقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى