تقارير وتحليلات

صحيفة إسرائيلية مقربة من نتنياهو تكشف ملامح مخطط الضم الاستعماري

كشفت صحيفة “يسرائيل هيوم” الإسرائيلية أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يتدارس فرض “الوجبة الأولى” من مخطط إحالة السيادة بضمّ الكتل الاستيطانية التي تشكّل 10% من الضفة الغربية المحتلة، على أن تشمل الوجبة الثانية 20% المتبقية وفقا للمخطط وهي تشمل ضمّ الأغوار.

وقالت “يسرائيل هيوم” التي تعتبر بوقا لنتنياهو إنه بذلك يرغب بخفض الاحتكاكات مع الأردن والحد من النقد الموجه لإسرائيل في الحلبة الدولية. وقالت “يسرائيل اليوم” استنادا لـ “أحاديث أجراها نتنياهو مع عدة جهات في الأيام الأخيرة”: “إن نتنياهو يبحث إمكانية تجزئة مخطط إحالة السيادة الاستعماري وتطبيقه بالتقسيط على أن يشمل القسم الأول المستوطنات القائمة في قلب الضفة الغربية المحتلة بعيدا عن الكتل الاستيطانية الكبيرة”، موضحة أن الجهات المعنية في إسرائيل تعاين هذه الخطة التي بلورها نتنياهو استنادا إلى “صفقة القرن” وأنها تريد سماع موقف الإدارة الأمريكية منها، وتقول إن الخطة المقترحة ما زالت في المرحلة الأولية ولم تعد خرائط بعد.

وتزعم “يسرائيل هيوم” أن نتنياهو توصل لاستنتاج بـضرورة معاينة تقسيم مخطط الضمّ لمرحلتين انطلاقا من عدة اعتبارات أولها: من شأن هذه الخطوة أن تنعكس على المنطقة وعلى المجتمع الدولي، منوهة أن إسرائيل تصغي للانتقادات الصادرة نحوها وتقوم بخطواتها بحذر.

كما تقول “يسرائيل هيوم” إن خطوة على دفعتين تناسب توجهات البيت الأبيض الذي يرى بـرؤية ترامب خطة للسلام لا للضمّ، وتابعت: “بصرف النظر إذا كان الضم دفعة واحدة أو بدفعتين سيوجه نتنياهو دعوة للرئيس الفلسطيني محمود عباس بتجديد المفاوضات مع إسرائيل، فهذا يلائم منطق خطة ترامب الرامية لتبليغ رسالة للفلسطينيين بأن الوقت يمر في غير صالحهم”.

مستوطنات نائية

كذلك بما يتعلق بالمنطقة التي ستفرض عليها السيادة الإسرائيلية، يميل نتنياهو للبدء في ضم مستوطنات نائية بالذات لعدة أسباب. وتقول “يسرائيل هيوم” أيضا إن تحاشي ضمّ الأغوار الفلسطينية من شأنه الحد من رد فعل الأردن الذي يثير قلق الإدارة الأمريكية ناهيك عن وجود إجماع إسرائيلي واسع على إبقاء الأغوار تحت السيطرة الإسرائيلية في كل اتفاق مستقبلي ولذلك تخف الحاجة الملحّة للبدء في ضمها هي بالذات.

وتورد “يسرائيل هيوم” سببا مشابها لعدم تفضيل نتنياهو بدء المخطّط بالكتل الاستيطانية الكبيرة كـأرئيل، معاليه أدوميم وغوش عتصيون، وتابعت: “طبقا لخطط السلام في الماضي كان من المفترض أن تتحول هذه الكتل الاستيطانية أصلا إلى جزء من إسرائيل”. في المقابل تقول الصحيفة الإسرائيلية إن فرض السيادة على مستوطنات في عمق الضفة الغربية التي تعتبر قلب “أرض إسرائيل العتيقة” سيشكّل مقولة سياسية لها معنى تاريخي وستنزل عن الأجندة احتمال اقتلاعها مستقبلا. وتابعت: “وصل نتنياهو لاستنتاج بضرورة تعديل مخطط الضمّ في أعقاب مصاعب جمّة اصطدم بها في الآونة الأخيرة”.

العلاقات مع دول عربية

وبخلاف تقارير إعلامية، نتنياهو ليس قلقا من تدهور العلاقات مع دول عربية ويعتقد أن العقوبات الأوروبية لن تكون جوهرية. وزعمت الصحيفة أن الولايات المتحدة تطالب بأن يكون مخطط فرض السيادة متفقا عليه من قبل قادة “أزرق- أبيض” بينما هم يرفضون الكشف لـنتنياهو عن موقفهم منها مما يدفعه للبحث عن مسار يخرج “العربة من الوحل”. وادعت “يسرائيل هيوم” أنها علمت بسبب آخر لإعاقة جوهرية في عملية الضمّ يتمثل بـ”ترسيم خرائط”.

وتابعت: “وضع الجنرال داني تاريزا المسودة الأولى لـخريطة فرض السيادة وقد سبق أن صاغ خريطة بناء جدار الفصل”. وقالت إن مجلس الاستيطان سبق وكشف عن هذه الخريطة التي تشمل تواصلا جغرافيا لدولة فلسطينية مستقبلية لكن جهات كثيرة في اليمين عارضتها. ولذا، وفقا لـ “يسرائيل هيوم”، تم طرح خريطة أخرى على الجانب الأمريكي مريحة أكثر للمستوطنين لا تشمل تواصلا جغرافيا في الأرض الفلسطينية.

وكشفت أن لجنة ترسيم الخرائط الإسرائيلية – الأمريكية أقامت عدة اجتماعات حول الخريطة الخاصة بـالضمّ دون التوصل لتوافق عليها، منوهة أنه على الخلفية هذه أيضا يميل نتنياهو لتقسيم مخطط السيادة على دفعتين لأنه لا يملك في المرحلة الأولى قرارا حاسما حول الحدود المستقبلية مع دولة فلسطينية. وتضيف: “صحيح أنه حسب شروط خطة ترامب فإن احتمال قيام دولة فلسطينية هو احتمال ضئيل لكن السؤال هو أي مساحة ستشملها الدولة الفلسطينية النظرية وهو سؤال إشكالي جدا لا اتفاق داخليا حوله في إسرائيل ولا مع الولايات المتحدة. إن فرض سيادة جزئية على مستوطنات معينة دون ترسيم خط متواصل يتيح تحاشي الحاجة لحسم النقاش الآن مع الولايات المتحدة ومع اليمين الإسرائيلي الذي يعارض قسم منه الخطة”. وعقب الناطق بلسان البيت الأبيض على ما ذكر، فاكتفى بالقول للصحيفة الإسرائيلية: “حتى الآن لا توجد خريطة خاصة بـفرض السيادة. لجنة ترسيم الحدود تواصل عملها لكن عملية الترسيم لم تنته بعد”.

دعوة المستوطنين

وبهذا السياق نقلت “يسرائيل هيوم” عن مجلس الاستيطان دعوته لنتنياهو بضم الضفة الغربية دون الاكتراث بتهديدات العرب واليسار، وتابع مجلس الاستيطان: “نحن نريد خطوة تاريخية وفرض فوري للسيادة الإسرائيلية الكاملة على كل المستوطنات وعلى الأغوار كما التزم نتنياهو أمام مواطني إسرائيل قبيل الانتخابات العامة الأخيرة”.

ودعا قادة المستوطنين لتطبيق السيادة دون تأجيل وليس بالتقسيط و”بدون دولة فلسطينية تمس بسلامة بلادنا وتهدد مستقبل المستوطنات وأمن الإسرائيليين”. في رسالتهم لـنتنياهو قال قادة المستوطنين: “قدمنا لك خريطة الاستيطان التي تحرس مصالح إسرائيل الوطنية والأمنية وعليك أن تتبناها، واترك إرثا للأجيال القادمة”.

مياه للمستوطنات

وبهذا المضمار كشفت القناة السابعة الإسرائيلية أن شركة المياه الإسرائيلية “ميكروت” افتتحت خط مياه جديدا يربط مناطق الضفة الغربية بشبكة المياه “الوطنية” كخطوة للضم في الشهر المقبل. وأوضحت القناة أن الخط الجديد يمتد عبر مستوطنة ألفيه منشيه والمنطقة “ج”، فيما افتتحت الشركة محطة ضخ مياه جديدة ومتطورة في منطقة بركان الصناعية الاستيطانية شمال الضفة والتي سيكون بمقدورها إمداد المياه إلى المستوطنات في المناطق الجبلية.

وقال رئيس مجالس مستوطنات الضفة يوسي داغان لإذاعة جيش الاحتلال إن ربط البنية التحتية للمياه في مناطق الضفة بشبكة المياه الوطنية يشكل تطبيقا فعليا للسيادة، وهذه خطوة مهمة لنكون جزءا من إسرائيل. يشار إلى أن عضو الكنيست أوفير أكونيس (الليكود) المقرب من نتنياهو قال للإذاعة ذاتها إن إعلان السيادة الإسرائيلية على أراضي في الضفة الغربية سيبدأ في الأسابيع القليلة المقبلة وسيشمل أجزاء من الأراضي في المناطق “ج”.

ضوء أخضر

وقال النائب أكونيس خلال لقاء إذاعي إن الإدارة الأمريكية أعطت الضوء الأخضر لمثل هذا الإجراء. من ناحيته قال رئيس حزب “يسرائيل بيتينو”، عضو الكنيست، أفيغدور ليبرمان، إنه في حال إطلاق عملية فرض السيادة الإسرائيلية، فإنها ستكون جزئية فقط، بينما ستدفع إسرائيل مستحقاتها كاملة.

وقال ليبرمان إن نتنياهو قد قضى على كل إمكانية لفرض السيادة الحقيقية، لكن صحيفة هآرتس قالت إن التقديرات لدى جميع الأطراف أنه لم تشطب عن جدول الأعمال إمكانية الضم “المحدود”، منوهة أن دعم “أزرق أبيض” للضم يعتمد على القدرة للنظر للضم المحدود كجزء من برنامج سياسي أوسع يدعمه الصمت الدولي والإقليمي، وربما مصحوبا بإيماءات للفلسطينيين، وليس كخطوة أحادية التي تعتبر مهمة شبه مستحيلة.

وأضافت الصحيفة أنه “لم يجبر أحد نتنياهو على أن يحدد الأول من يوليو التاريخ المحدد للبدء بالضمّ بحيث أن أي تأجيل للموعد سيعتبر على الفور وبالفعل حالة فشل، وفي هذه الحالة يكون قد كبّل ذاته وسيكون وحيدا تماما”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى