مصر

“كنز اقتصادي يوفر مليارات”.. كيف تستفيد مصر من “الرمال السوداء”؟

تحتضن الشواطئ المصرية بمساحات شاسعة كنزا اسمه “الرمال السوداء”، تلك الرمال المتوافرة على سواحل مصر المطلة على البحر المتوسط من رشيد إلى رفح بطول 400 كيلو متر، وتنتشر بفعل التيارات البحرية والأمواج في تلك المناطق إلى جانب تواجدها في الكثبان الرملية.

وترجع الأهمية الاقتصادية للرمال السوداء لاحتوائها على نسبة كبيرة من المعادن ذات الأهمية الاقتصادية، التي يمكن أن تعود على مصر بملايين الدولارات سنويا.. ونظرا لتلك الأهمية فقد وقعت القوات المسلحة اليوم عقدا لبدء مشروع فصل المعادن الاقتصادية من الرمال السوداء بمصر مع الشركة المصرية للرمال السوداء، كشركة مساهمة مصرية تابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية.

وترجع تسمية “الرمال السوداء” بهذا الاسم حيث أنه يغلب عليها اللون الداكن لاحتوائها على كثير من المعادن الثقيلة كخامات الحديد، كما تحتوي على نسبة صغيرة من المعادن المشعة، فيما تحتوي على نسبة عالية من عنصر “التيتانيوم” الداخل في صناعة هياكل الصواريخ والطائرات ذات الارتفاعات العالية لمقاومة الظروف الكونية، كما يستخرج منه “الإلمنيت” عالي الجودة والمستخدم في صناعات الأصباغ وتغليف أنابيب البترول تحت سطح الأرض وتبطين الأفران، بالإضافة إلى استخدامه في المفاعلات النووية لكبح جماح التدفق النيتروني داخلها.

والرمال السوداء، هي رواسب شاطئية سوداء ثقيلة تتراكم على بعض الشواطئ بالقرب من مصبات الأنهار الكبرى، وتتركز بفعل تيارات الشاطئ على الحمولة التي تصبها الأنهار في البحر.. وطبقا لآخر مسح جوي قامت به هيئة المواد النووية المصرية، فإن مصر تعد واحدة من أهم وأغنى الدول التي تتوافر بها الرمال السوداء، إذ توجد عند منطقة الرأس السوداء بالقرب من رشيد، كما يوجد ما يقرب من 11 موقعا على السواحل الشمالية تنتشر بها تلك الرمال بتركيزات مرتفعة.

وكشفت آخر دراسة جدوى قامت بها شركة (روش) الأسترالية أن العائد الاقتصادي من موقع واحد فقط من الـ11 موقعا ستعود على مصر بأكثر من 255 مليون جنيه سنويا، أي ما يعادل أكثر من 46.5 مليون دولار.. فاستغلالها يوفر على مصر ملايين الدولارات التي تنفقها في استيراد واحد فقط من تلك المعادن، كالزكون الذي يعتبر أحد العناصر الأساسية في صناعة السيراميك الذي تشتهر بها مصر،‏ بالإضافة إلى معادن أخرى أهمها الحديد والجرانيت والمونازيت ومعدن التيتانيوم، الذي يستخدم في صناعة أجساد الطائرات والغواصات وقضبان السكك الحديدية‏.‏

ورغم أن مصر تملك أكبر احتياطي من الرمال السوداء في العالم‏،‏ إلا أن تلك الصناعة كانت متوقفة منذ زمن بعيد، وليس هناك سوى بعض الدراسات النظرية تضاف إليها محاولات غير ناجحة لإقامة مشروع لاستغلال الرمال السوداء فى مصر وفصل المعادن التي توجد في الرمال للاستفادة منها في إقامة صناعات ضخمة، وهو ما دعا وزارة الكهرباء إلى التأكيد على ضرورة استغلال هذه الثروة التي يقدر الاحتياطي التعديني المؤكد منها بحوالي 285 مليون طن تحتوي على متوسط قدره 3.4% من المعادن الثقيلة بطول 22 كيلومتراً في القطاع الغربي الذي يقع شرق البرلس.

كما يوجد احتياطي تعديني مؤكد في القطاع الشرقي بحوالي 48 مليون طن تحتوي على متوسط 2.1% من المعادن الثقيلة، بخلاف امتدادات مستقبلية للخام، وهي أرقام اقتصادية بشكل جيد طبقا للدراسات التي أجريت وأكواد التعدين الدولية.

ورواسب الرمال السوداء المصرية، التى تمثل أكبر احتياطي في العالم‏، تنتشر تركيزاتها العالية من المعادن ذات الأهمية الاقتصادية في الرمال الشاطئية في مناطق على ساحل البحر الأبيض المتوسط حول مصبات فرعي نهر النيل رشيد ودمياط الحاليين أو الفروع السبعة القديمة المطمورة، وهي: السهل الساحلي على جانبي مصبي فرعي رشيد ودمياط‏، وشرق بوغاز بحيرة البرلس، والسهل الساحلي الممتد من شرق بحيرة البردويل حتى مدينة العريش شمال سيناء.

ويقدر الاحتياطي الجيولوجي لرواسب الرمال السوداء المصرية بنحو مليار و100 مليون متر مكعب من الرمال الجافة تكفي لتشغيل مصنع لاستخراج المعادن الاقتصادية لمدة 150 عاما بطاقة استهلاك للخام مقدارها 1000 متر مكعب في الساعة على مدى 24 ساعة في اليوم‏،‏ أي 24 ألف مترا مكعبا يوميا‏،‏ وعلى مدار ‏300‏ يوم تشغيل في السنة.

وتملك منطقة رشيد أكبر احتياطي من الرمال السوداء، إذ يوجد بها 500‏ مليون متر مكعب.. ويوجد في منطقة دمياط 300‏ مليون متر مكعب فيما تملك منطقة بلطيم احتياطي يقدر بنحو 200‏ مليون متر مكعب، بالإضافة إلى 100‏ مليون متر مكعب في منطقة شمال سيناء.. وتترتب هذه المواقع حسب الإمكانات والمميزات التصنيعية، حيث تتقدمها منطقة بلطيم، تليها منطقة رشيد، ثم منطقة دمياط، ثم منطقة شمال سيناء‏.‏

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى