منتدى الفكر الاستراتيجي

عقوبات ترامب علي إيران أدت لنتائج عكسية في العراق

قالت مجلة “بولتيكو” الأمريكية أن العقوبات التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب علي إيران أدت إلي نتائج عكسية علي العراق ووضعت الساسه العراقيين في وضع حرج.

العقوبات الأمريكية

عندما أعلن ترامب في 7 أغسطس فرض عقوبات أمريكية جديدة علي إيران، قال رئيس الوزراء حيدر العبادي أن بلاده ستلتزم علي مضض ولكن بعد مرور أسبوع دعا مسؤوليين عراقيين بغداد للحفاظ علي العلاقات التجارية مع طهران.

وتوضح المجلة أن سبب ذلك لأن العراق تتقاسم حدودها مع إيران علي طول 1485 كيلومترا ويمكن ان تتضرر من العقوبات لأن العراق تعتمد علي جارتها الشرقية طهران في إمدادات الغاز والكهرباء والماء والمواد الغذائية، الوضع في العراق لا يجعل منها الفائز، فالغزو الأمريكي جعل البلاد تعتمد علي التجارة والخدمات الإيرانية.

الغزو الأمريكي علي العراق

وأشارت المجلة إلي وجود 5200 جندي أمريكي في العراق، ومع ذلك تعتمد علي إيران في العديد من الخدمات، وعندما فرض المجتمع الدولي عقوبات على الرئيس العراقي الراحل صدام حسين من عام 1990 إلى عام 2003 ، تم إعفاء الأردن المجاورة من العقوبات، و اعفت الأمم المتحدة الأردن من العقوبات لشرائها النفط من العراق الذي كان ممنوع تصديره، وبذلك يوجد حالة سابقة من الاعفاء من العقوبات ويمكن أن تعفي أيضا العراق من العقوبات الإيرانية.

ولكن إذا لم ترفع العقوبات وانتهكت العراق العقوبات المفروضة علي إيران، فمن المحتمل أن تضع العراق في دائرة نفوذ إيران في الوقت الذي تسعي فيه إدارة ترامب تقليص النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.

وأضافت المجلة ان عبادي الذي يعد مؤيدا لأمريكا أكثر من سلفه، لا يمكنه تحمل فرض العقوبات، وقال في 13 أغسطسط “لم أقل أننا نلتزم بالعقوبات ولكن قولت أننا نلتزم بعدم استخدام الدولار في المعاملات وليس لدينا خيار آخر”.

موقف العراق من العقوبات

أعادت الولايات المتحدة فرض العقوبات على المعادن الثمينة ، بما في ذلك الذهب وصناعة السيارات وشراء الدولار الأمريكي، وتقول الحكومة في بغداد إنها لم تتوصل إلى اتفاق حول ما إذا كانت ستلتزم بالعقوبات الأخرى ، وهي عبارة تعبرعن عدم الالتزام، ولقد واجه العبادي بالفعل رد فعل معاكس من السياسيين العراقيين والإيرانيين لمجرد اقتراحه في البداية أن تمتثل العراق للعقوبات.

وفقاً لتقارير إعلامية عراقية ، زار مسؤولو وزارة الخزانة الأمريكية البنك المركزي العراقي في يوليو وقالوا ” إن الولايات المتحدة ستعاقب أي بنك عراقي أجرى تعاملات مالية مع إيران”.
وبحسب صحيفة ” وول ستريت جورنال”، إن لدى الحكومة العراقية حسابات مصرفية لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ، حيث يتم الاحتفاظ بدولاراتها، وهذه الدولارات التي يعتمد عليها الاقتصاد العراقي ، يمكن تجميدها إذا خالف العراق العقوبات.

الواقع يجعل العراق في قبضة إيران

وتري المجلة أن العراق ليس لديها خيار سوي انتهاك العقوبات رغم هذه الصعوبات المحتملة وذلك لعدة أسباب، أولاً: يحتاج العراق لغاز إيران المكرر حيث أعلن وزير الكهرباء العراقي في يوليو 2017 أن العراق ستعتمد علي الغاز الإيراني لتوليد الكهرباء لمدة سبع سنوات على الأقل.
ينتج العراق الغاز الطبيعي من تلقاء نفسه ، لكنه يفتقر إلى التسهيلات اللازمة لمعالجته كوقود للاستهلاك المحلي، يشكل الغاز الذي يستقبله العراق من إيران حوالي 20 % من الكهرباء التي ينتجها بالفعل ، ولا يستوفي الغاز العرايق سوى 70% من الطلب على الكهرباء ، وترسل العراق النفط إلي إيران لدفع ثمن وارداتها من الغاز ولسداد ديون الكهرباء.

قضية المياة

ثانياً ، تعتمد إمدادات المياه في العراق على تدفقات نهري دجلة والفرات حيث تحصل على 98% من مياهها، وإذا امتثل العراق للعقوبات الأمريكية يمكن لإيران تحويل 13 % من موارد المياه في العراق.
وقال نائب وزير المياه العراقي لـ ” جلف نيوز” في أبريل “إن 20 إلى 30 %من مياه نهر دجلة في العراق تنبع من إيران، إذا امتثل العراق للعقوبات ، يمكن لإيران بسهولة أن تقطع تدفقات المياه ، كما فعلت بالفعل في منطقة كردستان الشمالية في محافظة السليمانية ، وفقا لما اعلنته وزارة الزراعة في حكومة إقليم كردستان، في وقت الجفاف الشديد في العراق ، هذا ليس تهديدًا خاملًا”.

غزو المنتجات الإيرانية للعراق

ثالثاً: غمرت المنتجات الإيرانية السوق العراقية بمنتجات رخيصة مثل المواد الغذائية، وأدي ذلك إلي تقويض الزراعة في العراق من خلال تقليل الطلب على المنتجات المحلية الأكثر تكلفة، ولو توقف العراق عن شراء هذه السلع ، فلن يتمكن المزارعون من إنتاج ما يكفي من الإمدادات للبلاد، بجانب على مدى عدة سنوات فر مزارعون عراقيون إلى المناطق الحضرية بسبب نقص الطلب والصراع مع تنظيم داعش، و في الوقت الحالي يشكل انخفاض أعداد المزارعين عقبة.

التأثير السياسي لإيران في العراق

لدى إيران نفوذ سياسي أيضًا، فمنذ الانتخابات الوطنية في 12 مايو ، لم تتمكن النخب السياسية في العراق من تشكيل حكومة جزئية بسبب الضغوط الهائلة من طهران لوضع السياسيين لصالحهم، إذا نجح الموالون الإيرانيون في السيطرة على الحكومة الجديدة ، فإن حكام العراق سوف يتخذون بالتأكيد قرارات تدعم المصالح الإيرانية.

كيف يمكن ان تكون دول الخليج بديل لإيران بالنسبة للعراق؟

تبدو دول الخليج وتركيا بديلاً منطقياً للتجارة الإيرانية، وعلي الرغم من تحفيف إيران القيود العراقية ضدها من خلال كسب مسؤولي الحدود لصالحها منذ سنوات، ومن غير المحتمل أن ينتهز المسؤولون الفاسدون الفرصة لتوسيع قائمة العراق من الشركاء التجاريين.

بشكل عام ، بينما تعترض دول الخليج على الاعتماد الاقتصادي العراقي على إيران ، فإن الحكومات لم تفعل الكثير لمساعدة العراق على أن يصبح أكثر استقلالية، لم يؤد مؤتمر إعادة الإعمار الذي رعته الكويت لمساعدة العراق وعقد في فبراير إلى نتائج ، بحسب مصادر عراقية ، على الرغم من تقديم ملايين الدولارات من التعهدات.

مرة أخرى ، يجد العراق نفسه خاضعا لسيطرة قوى خارجية وبدون أي إجراءات في وقت تشهد فيه البلاد اضطرابات مدنية حول نقص المياه والكهرباء، ومع معاقبة إيران تقوم الولايات المتحدة دون قصد بتشجيع العراق على الابتعاد عن واشنطن وان تقع في أحضان طهران.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى