آراء

أيهما وقع في فخ المناورة.. إسرائيل أم “حزب الله”؟

منذ أن صفت إسرائيل خلية حزب الله من مطلقي الحوامات المتفجرة في سوريا، وفي الليلة ذاتها في بيروت، برزت ظروف غامضة حول معدات حيوية لصناعة صواريخ حزب الله، وعد نصر الله بالانتقام والرد، واستعدت إسرائيل، وقيدت تحركات الجيش الإسرائيلي على طريق الشمال. وحسب وسائل إعلام لبنانية، ثمة دمى جنود تجلس في المركبات العسكرية التي سافرت على الطريق. المزارعون الذين يعملون في كرومهم قرب الحدود أمروا باليقظة والحذر، وحذرت إسرائيل حكومة لبنان أنها إذا لم تلجم حزب الله، ستعيد لبنان إلى العصر الحجري. في نهاية الأسبوع اشتدت الإخطارات، والتقطت صور المدافع في طريقها إلى الشمال، وألغى الجيش الإسرائيلي مناورة كبيرة، بل وأجل تسريح الناطق العسكري أيضاً. وانتظر الجيش بتحفز، كالرفاص، انتقال نصر الله.

اعتقد الخبراء العسكريون والسياسيون، وربما عن حق، بأن حزب الله يبحث عن عملية تبدو كانتقام ولا تلزم إسرائيل بالرد. ولهذا، فقد هاجم بعد ظهر أول أمس موقعاً عسكرياً قرب أفيفيم بصواريخ مضادة للدروع، وأصاب جيب سيارة إسعاف مدرعة من طراز “زئيف”. رد الجيش الإسرائيلي بنار المدفعية (“مئة قذيفة”، قال رئيس الوزراء) والنار من مروحية. وفي موعد قريب من ذلك هبطت على مسافة غير بعيدة من أفيفيم مروحية إخلاء، وحمل جنديان مضمدان مع “دم” يلطخ ضماداتهما على الحمالات، رفعا إليها وأخليا إلى مستشفى رمبام. وأفاد الناطق بلسان المستشار بأن “الجنديين أنزلا من المروحية، فحصا في الطوارئ وسرحا دون علاج طبي”.

يخيل أن نصر الله كان راضياً. وأفادت وسائل الإعلام على لسان الناطقين بلسان حزب الله بأن لإسرائيل قتلى وجرحى، وأعلنت النصر. بعد وقت قليل، أعلن رئيس الوزراء بعدم وجود مصابين.

هناك كاتب يوناني يسمى ايزوفوس كتب قصة “ذئب! ذئب!” وكلنا نعرف قصة الذئب بتفاصيلها. أما الاستنتاجات فهي:

1. نصر الله ليس غبياً، وحتى لو وقع في فخ المناورة وصدق بأنه نجح في المس بجنود الجيش الإسرائيلي، فإن الحساب سيبقى مفتوحاً، ومرة أخرى “ألزمناه” بالانتقام. وهو يعرف كيف يؤجل انتقامه بل ويضرب بعيداً عن حدودنا. ضربونا في الأرجنتين مرتين. من يعتقد أن نصر الله “مردوع”، وأنه سيكتفي بإصابة المركبة المحصنة التي تركت لمصيرها في الساحة في أفيفيم، حتماً سيخيب ظنه، وسيكون ثمن الخطأ جسيماً. وبالتالي، في كل لحظة ولحظة على الجيش الإسرائيلي أن يتصرف وكأن فريقاً معادياً من المخربين يراقبنا بالمناظير وينتظر لحظة الغفلة.

2. عرضت إسرائيل غير مرة أشرطة تثبت بأن حماس تستخدم سيارات الإسعاف “الهلال الأحمر” لنقل المخربين والصواريخ. وبالتالي لا يمكنهم أن ينزلوا باللائمة إذا ما ضرب سلاح الجو مركبات كهذه. في عهد الصراع ضد بريطانيا استخدمت الهاغانا المقاتلين في سيارات إسعاف نجمة داوود الحمراء. ولكن الجيش الإسرائيلي اليوم ليس الهاغانا، وليس منظمة إرهاب. لماذا يحتاج إلى إخلاء “جرحى” في مروحية وطرح مسرحية “أصبنا! أصبنا!” وبعد ذلك الإعلان بأن ليس منا مصابون على الإطلاق؟ والهتاف بأننا ضحكنا عليهم! هذا لا يعني أن أعداءنا يحتاجون إلى الذرائع كي يمسوا بسيارات إسعاف، ولكن هكذا نكون قد وفرناها لهم. إن دولة تعرض “مصابين وهميين” كي تمنح أعداءها “صورة نصر” تبدي ضعفاً، فإن مئة قذيفة مدفعية على تلال فارغة لا تغطي عليها.

3. قذيفة مدفعية بقطر 155 ملم، وحتى تلك التي انتهى مفعولها، تكلف آلاف الشواكل. إذا كان هذا قصفاً لغرض الشرف وليس لغرض قتل أي عضو في حزب الله بالخطأ، ولكي لا ندعي عرض ضرر بلبنان، بمعنى أن الرد جاء أساساً للأغراض الداخلية، إذن.. أليس أقل تكلفة وأكثر أماناً أن نستخدم الألعاب النارية؟

4. بدلاً من ذلك، ألا ينبغي أن نقتل نصر الله أخيراً؟ أقترح فقط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى