آراء

إلى نتنياهو: لا تحصين ولا “هجرة طوعية”.. بل تسوية سياسية مع الفلسطينيين

إحدى الصيغ الساحرة التي انتقلت من هامش اليمين إلى تياره العام هي “الهجرة الطوعية” لسكان قطاع غزة. ومن خطة خيالية لموشيه فايغلين، الذين قال إن كل ما هو مطلوب هو فتح الأبواب وكل شيء سيتدبر، تحولت هذا الأسبوع إلى خطة سياسية شبه رسمية. رئيسة حزب يمينا، اييلت شكيد، قفزت على العربة ولم تؤيد الخطة فقط، بل قالت إنها حاولت الدفع نحوها في السنوات الأخيرة.

سمعنا في الشهر الماضي عن خطة تحصين رائعة لسدروت وبلدات غلاف غزة، وتم تسريب خطة للجيش لبناء سور (إضافي للجدار الأمني) على الفور، من يد مردخاي وحتى ناحل عوز من أجل منع التسلل. إضافة إلى ذلك، جرى الإبلاغ عن خطة نشر شبكات تمويه فوق المستوطنات للتشويش على إطلاق القذائف المضادة للدبابات. كل من يعيش في المنطقة يشاهد البطارية التي بنيت على الشارع الغربي في سدروت، في المنطقة التي قتل فيها موشيه فيدر في أيار الماضي.

إذا اعتقدتم أنه لا توجد علاقة أعيدوا التفكير. الفشل المتواصل في القطاع الغزي يولد خططاً مرفوضة تكلفنا المليارات ولا تجلب أي نتائج. هجرة طوعية؟ هذا صحيح. أنتم تعرفون كم هي قديمة هذه الفكرة؟ في 1968 بدأوا بالدفع نحوها والبؤرة كانت، للدهشة، قطاع غزة. الفكرة كانت تشجيع الهجرة من القطاع إلى الضفة الغربية ومن هناك إلى الدول العربية. رئيس الحكومة في حينه ليفي أشكول كان مشاركاً في هذه المبادرة، ولكن القادة العسكريين عادوا ببشرى واحدة وهي: لقد فشلنا.

ليس واضحاً ما الذي يجب علينا أن نأمله عندما نسمع جهات سياسية ووزيرة رفيعة المستوى هي عضوة في الكابنت، يطرحون خططاً للهجرة الطوعية. إذا فشلنا فستكون هذه حلقة أخرى في السلسلة غير الفاخرة لمحاولات فاشلة من أجل تشكيل وجه الشرق الأوسط بالقوة. وإذا نجحنا سيكون الأمر أكثر سوءاً. تعالوا نتخيل من هم الأشخاص الذين يريدون وسيتمكنون من الهجرة. على فرض أن إسرائيل وحماس لن تضعا أي عوائق، فإن هذه الهجرة ستخلي غزة من أبنائها وبناتها الأكثر تأهيلاً. ومن يعتقد أن مجتمعاً محطماً وضعيفاً في غزة هو مصلحة إسرائيلية، يجب عليه إعادة النظر في الأمر. ومثلما أن الفقر والجوع الشديد في غزة الآن هما أرض خصبة لنمو اليأس والكراهية والتطرف والعنف الداخلي والخارجي ضدنا، هكذا أيضاً كسر القيادة المدنية وإضعاف الموارد الاجتماعية.

إلى حين فشل الهجرة الطوعية، والأسوأ من ذلك نجاحها، فإن كل ما تبقى هو المزيد من التحصين. والذي يريد أن يعرف عن مختصر تاريخ التحصين في سدروت وغلاف غزة عليه القدوم ليشاهد. بدأ هذا في الغرف الآمنة واستمر بتحصين أنابيب الإسمنت الموضوعة تحت كل شجرة، وبناء الأسوار ومكعبات الإسمنت التي بنيت فوق رياض الأطفال، وعائق تحت الأرض مكلف جداً، وتحسين الجدار الأمني، وبطاريات من التراب والأشجار على خطوط سكة الحديد. والآن كما قلنا ثمة خطط لسور ضد الاختراقات وشبكات تمويه. الخطوة القادمة هي وضع رجل حراسة لكل طفل في سدروت أو نقل السكان إلى مساكن تحت الأرض.

منذ الأزل كان هناك حل إنساني واحد قابل للحياة: تسوية سياسية. دولة إسرائيل مع السايبر وجوائز نوبل والجيش الأقوى في الشرق الأوسط والتفاخر بـ “أبنائنا” لا يمكنها خلق مبادرة كهذه وهي تتخبط أمام منظمة شبه عسكرية غير قوية. إن تحصين كل عامل وخطط الهجرة الجماعية لن “ستهزم هذه الحرب”. هذا سيحدث ببناء عملية سياسية بمساعدة الأمم المتحدة ومصر ومحور الدول العربية المعتدلة. عملية ستعزز المجتمع المدني في غزة وليس العكس، تعيد السلطة الفلسطينية إلى المعابر والسيطرة في القطاع ولا تعزز من يقومون بمحاربتنا بطرق عنيفة، عملية تعيد الجيش إلى وظيفته وهي الدفاع عن المستوطنات وليس استفزاز قواتنا في حرب استنزاف لا يوجد هدف لها.

يا رئيس حكومتنا، بنيامين نتنياهو، نحن نتنازل عن التحصين والتمويه وعن محاولة هندسة المجتمع في غزة. ننتظر خطوات حقيقية، خطوات إبداعية وشجاعة تجلب الهدوء الحقيقي لسنوات طويلة. العقد الأخير أثبت أنك لست الرجل الذي سيدفع قدماً بهذه الخطوات. حررنا واسمح لآخرين جيدين بأن يجربوا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى