آراء

بعد شهر من قتل الحلاق: ليس بيد المحققين في إسرائيل ما يوثق إطلاق النار

بعد شهر من إطلاق جنود حرس الحدود النار على إياد الحلاق وقتله في البلدة القديمة في القدس، تظهر هناك علامات استفهام فيما يتعلق بالتحقيق في ظروف إطلاق النار. حسب أقوال مصدر مطلع على تفاصيل التحقيق، ليس هناك توثيق لإطلاق النار في كاميرات الحماية، رغم أن فحص “هآرتس” يظهر أنه هناك سبع كاميرات على الأقل في منطقة الحادثة، اثنتان في غرفة القمامة التي اختبأ فيها الحلاق. المتهم الرئيسي بإطلاق النار حقق معه مرة واحدة فقط يوم الحادثة. وحتى الآن لم يتم تنفيذ إعادة تمثيل الحادث. التحقيق في المراحل النهائية، وفي الأيام القريبة من المتوقع أن يقوم أعضاء قسم التحقيق مع رجال الشرطة بتحويل الملف كي يفحصه أحد المدعين العامين في القسم.

الحلاق (32 سنة) الذي كان يعاني من حالة توحد شديدة، دخل إلى البلدة القديمة عبر باب الأسباط. وقد أثار شك رجلي شرطة اللذين قالا بأن رجال شرطة آخرين حذروهم من مخرب مسلح. الاثنان (شرطي برتبة صغيرة أنهى تدريبه قبل بضعة أسابيع، وقائده– بدآ بمطاردته. هرب الحلاق واختبأ في غرفة قمامة وهناك أطلق عليه النار وقتل. بعد ذلك، تبين أنه لم يكن مسلحاً. فوراً بعد الحادثة طلبت عائلة الحلاق من السلطات نشر توثيق إطلاق النار، ولكن هذه السلطات لم تعترف بوجود مثل هذا التوثيق. وفي المداولات التي جرت بشأن طلب العائلة، امتنع ممثل قسم التحقيق مع رجال الشرطة عن الإجابة على سؤال في هذا الشأن، وقال إن المحققين جمعوا كاميرات الحماية في المنطقة. وفي التحقيق مع الشرطي الصغير، عرض عليه توثيقاً جزئياً للمطاردة، لكن لا أحد من المشبوهين تم إطلاعه على توثيق إطلاق النار نفسه. ولم يعرض على وردة أبو حديد، معلمة الحلاق، أي توثيق للحادثة. مصدر في جهاز إنفاذ القانون قال للصحيفة بأنه “لو كان هناك توثيق لإطلاق النار لكان سيعرض على المحقق معهم”.

“هآرتس” رسمت كاميرات الحماية في المئة متر الواقعة بين باب الأسباط حيث بدأت مطاردة الحلاق، وبين غرفة القمامة التي قتل فيها. معظمها مربوطة بشبكة توثيق المطاردة الشرطية “مباط 2000”. النظام الذي يشمل مئات الكاميرات التي تتابع ما يجري في البلدة القديمة ومحيطها وثقت تقريباً كل حادثة أمنية في المنطقة في السنوات الأخيرة، وأحياناً نشر التوثيق بعد فترة قصيرة من الحادثة.

في باب الأسباط كاميرتان لمباط 2000، وفوق البوابة عامود عليه كاميرا أخرى. وعلى بعد 50 متراً تقريباً من هناك توجد ثلاث كاميرات أخرى، إحداها تعود للشرطة. أمام غرفة القمامة ثمة كاميرا للشرطة موجهة نحو الشارع، وعلى بعد 20 متراً تقريباً منها هناك كاميرا أخرى موجهة لمدخل غرفة القمامة. وفي غرفة القمامة نفسها توجد كاميرتا حماية تعودان لشركة “فورد لخدمات التنظيف”، التي تشغل عمال النظافة في البلدة القديمة لصالح البلدية وشركة تطوير شرقي القدس. أحد العمال ومدير في الشركة قالا للصحيفة بأن الكاميرات أخذت يوم الحادثة، لكنهما لا يعرفان إذا كانت تعمل في ذاك اليوم وهل من أخذها هم من الشرطة أم من قسم التحقيق مع رجال الشرطة.

من التحقيق في ظروف الحادثة تبين أن الشرطي الأعلى رتبة أطلق النار على الحلاق أثناء المطاردة ولكنه لم يصبه. وحسب الشكوك، عندما اختبأ الحلاق داخل غرفة القمامة أطلق الشرطي الصغير رصاصتين من بندقية ام16، وأظهر تشريح الجثة أنهما تسببتا في موته. في هذه النقطة ثمة فجوة بين روايتي الشرطيين؛ الشرطي الأعلى رتبة يدعي بأنه أمر الشرطي الأصغر رتبة بالتوقف عن إطلاق النار. وهذا يدعي بأنه لم يسمع نداء كهذا وأنه فتح النار بعد أن لاحظ حركة مشبوهة للحلاق. ورغم ذلك، فإن قسم التحقيق مع رجال الشرطة لم يجر مواجهة بين المتهمين. المحققون أيضاً لم تتم مواجهتهم مع أبو حديد التي شهدت بأنها صرخت على رجال الشرطة: “إنه معوق” قبل إطلاق النار على الحلاق. وقال شخص مطلع على تفاصيل التحقيق إن قسم التحقيق مع رجال الشرطة يميل إلى عدم قبول رواية المعلمة ويفضل رواية رجال الشرطة التي تقول إنها لم تكن شاهدة على إطلاق النار وأنها وصلت إلى غرفة القمامة بعد إطلاق النار على الحلاق.

قسم التحقيق مع الشرطة أيضاً لم يجر إعادة تمثيل لإطلاق النار. ومثلما نشر في “هآرتس”، فإن التمثيل الذي كان يجب أن يجري قبل ثلاثة أسابيع ألغي بسبب وجود مراسلين في المكان. وما نشر بشأن الإلغاء أثار عاصفة في قسم التحقيقات مع الشرطة لأن المشاركين في التحقيق لم يكونوا على دراية من ذلك. ومنذ ذلك الحين لم تجر محاولة أخرى للقيام بإعادة التمثيل.

حسب أقوال مصدر في جهاز إنفاذ القانون، فإنه وباستثناء شهادة المعلمة، لم يُعثَر على أي شيء يعارض رواية رجال الشرطة التي تقول بأنها طاردت من اعتقدوا بأنه مخرب مسلح ولم يعرفوا بأنه من ذوي الاحتياجات الخاصة. هذا المصدر أضاف بأن التحقيق لم يظهر أي شك بارتكاب مخالفة جنائية من جانب الشرطي عالي الرتبة الذي تسرح منذ ذلك الحين من الخدمة. شخص آخر مطلع على تفاصيل التحقيق قدر بأن الملف ضد الشرطي الصغير سيغلق، وقال إنه “للوهلة الأولى هذا ليس حالة اليئور ازاريا”. المتهم الرئيسي لم يعد بعد إلى وحدته، والشرطة مترددة الآن بشأن كيفية التعامل معه.

محاميا المتهم الرئيسي، افرات نحماني–بار، وألون بورات، قالا: “الأمر يتعلق بمأساة. مع ذلك، من المهم أن نتذكر بأن الجندي عمل حسب التعليمات التي أعطيت له وصورة الوضع التي عرضت عليه من قبل جهات أعلى منه. يجب أن نمكن سلطات التحقيق من استنفاد الفحص حتى النهاية بصورة موضوعية ودقيقة. يجدر الامتناع عن إجراء محاكمة عامة وإصدار حكم استناداً إلى شهادات وشائعات ومعلومات جزئية”.

محامو الشرطي الأعلى رتبة، اورن شفارتس، ويوغف نركيس من مكتب شفارتس – نركيس، وشركاؤه، قالوا: “من أجل استنفاد التحقيق، مطلوب استكمال التحقيق، لأن موكلنا يصر على أنه أمر بعدم إطلاق النار قبل الرصاصات القاتلة. وطالما لم تقم سلطات قسم التحقيق مع الشرطة بالتحقق من هذه الرواية، فإن موكلنا يصر على فحص روايته بجهاز كشف الكذب. صحيح أن نتائج فحص جهاز كشف الكذب لا تُقبل ضمن الإجراءات القانونية، لكنها أداة تحقيق مقبولة وأحياناً حاسمة من أجل اتخاذ قرارات من قبل سلطات التحقيق والنيابة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى