آراء

حيل نتنياهو السحرية تستنفز من قبعته السحرية

تلقى نتنياهو أمس ضربة من الجمهور الإسرائيلي. الساحر السياسي وساحر الحملات وسيد التلفاز وشيطان الـ “فيسبوك”، لم يحصل على أغلبية صلبة لمواصلة حكمه وإنقاذ نفسه من لوائح الاتهام التي تنتظره وخاضعة للاستماع، وفشل رهانه بعد أن حل الكنيست في نهاية مايو. من اللحظة التي تخلى فيها افيجدور ليبرمان عن نتنياهو، تقلصت “القاعدة” التي تؤيده، وتواصل تقلصها في الانتخابات الحالية.

الآن هو الوقت المناسب لإبداء ملاحظة تحذير: ما زال نتنياهو في الحكم، وموارد الدولة تحت تصرفه. النتائج النهائية يمكن أن تميل لصالحه أكثر من العينات، ولنتنياهو ما يقدمه لأشخاص محتملين يتركون أحزابهم من المعسكر المضاد. مع ذلك، أراد نتنياهو تفويضاً واضحاً من الناخبين، لكنه لم يحصل عليه. وهذا يفهمه السياسيون وزعماء الدول العظمى والمستشار القانوني للحكومة ورؤساء الأجهزة الأمنية، وجميعهم يلاحظون ضعفه ويردون وفقاً لذلك.

علامات الضعف الأولى ظهرت في الاستهانة التي تلقاها من ترامب وبوتين اللذين كانا هذه المرة -خلافاً للمساعدة الحماسية التي منحاها إياه في الانتخابات السابقة- بخلاء في نوايا حسن النية. “حلف دفاع؟ اتصل بنا بعد الانتخابات”، قال له ترامب وهو في الطريق لتسخين العلاقات مع إيران. “ضم غور الأردن؟ هذا خرق للقانون الدولي”، ذكره بوتين بعد أن جعله ينتظر ثلاث ساعات إلى حين الالتقاء به. أين هذا من العناق في المرة السابقة؟! نتنياهو فهم الرسالة، ومرة واحدة يتحول ترامب من الصديق الجيد إلى عدو إسرائيل الذي يريد أن يفرض عليها صفقة القرن والتحادث مع زعماء إيران. “أعرف كيف أقف أمامه”، قال نتنياهو. ولكن لحظة.. لماذا لم تخبرنا من قبل بأن ترامب يفعل كل ذلك من أجلك؟

الحدث الأهم في الحملة الانتخابية كشفه هنا زميلاي عاموس هرئيل وحاييم لفنسون. الثلاثاء الماضي، أراد نتنياهو شن عملية عسكرية تكتنفها المخاطر في غزة، والتي كانت ستؤدي إلى تأجيل الانتخابات. القائد الذي تردد خلال سنوات كثيرة وهو يخشى من عمليات استعراضية عنيفة، خاصة من جنازات الجنود، غير جلده وفكر بشن حرب من أجل النجاة من الانتخابات. لقد صده تحفُّظ رئيس الأركان افيف كوخافي، ومن قبل المستشار القانوني للحكومة، مندلبليت، الذي طلب تنفيذ إجراء قانوني ما للمصادقة على العملية. وقد تبين أن كل القوة السياسية لرئيس الحكومة ووزير الدفاع، الذي خلفه كابنت لأشخاص يقولون نعم، لم تكن كافية أمام معارضة المستوى المهني الرفيع. إن حدثاً كهذا كان سيثير جوقة اليمين بادعاءات حول “مؤامرة انقلابية” في وزارة الدفاع برئاسة مندلبليت، الذي يلاحق نتنياهو باعتباره رئيس النيابة العامة. ضبط نتنياهو نفسه هذه المرة، وربما فهم أن قوته أنهكت، كما فهم ذلك الجنرال كوخافي والجنرال احتياط مندلبليت، اللذان لم يخافا من الوقوف ضده.

الأزمة لم تنته، سيحاول نتنياهو مرة أخرى تجريب الورقة العسكرية، ربما من أجل تأجيل جلسة الاستماع أو إذكاء الأزمة السياسية وإرفاقها بطبول الحرب. سيحاول منع تمرد الليكود ضده، خشية عزله وتشكيل حكومة وحدة. وبعد أسبوعين، ينتظره الاستماع لدى المستشار القانوني. يصل إلى كل هذه المحطات من موقف ضعف، في أعقاب فشله في الانتخابات. أرانب الساحر نفدت أمس، وإنقاذه يقتضي منه إيجاد أرانب جديدة أو الضغط على الزر الأحمر، وإرسال محاميه لعقد صفقة قضائية مع مندلبليت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى