آراء

درس يوسف الأول… بقلم/نسرين البخشونجي

 

حين علمت بخبر استقالة مٌدرسة يوسف بكيت, لأن ابنى سيتعلم أول درس من دروس الحياة القاسية, الفراق. كنت أعلم أنه يحب معلمته وكنت ألمس محبتها له وصبرها عليه باعتباره طفل عنيد. فكرت فى ردة فعله حين يعرف الخبر وفهمت سر نظرة دكتورة بسمة حين ألتقيتها فى حفل المدرسة الأخير رغم انجازها مع الأطفال..كانت بسمة حزينه.
أثرت الدكتورة بسمة أن تخبر الأطفال بنفسها, ألتقطت معهم الصور التذكارية وأكلت معهم البيتزا وكتبت لكل طفل رسالة وداع أنيقة, ثم ودعتهم كأم حنون وتركتهم على وعد بزيارات متكررة قبل أن ينتهى العام الدراسى. رغم مرور ثلاثة أيام فقط منذ رحيلها, إلا أن يوسف يكرر لى كل يوم أنه ينتظرها ولن يغيب لأنها ستأتي قريبا.
أذكر كم كان يوسف سعيدا بعد إنتهاء أول يوم دراسي عقب إجازة نصف العام لأنها حين رأته حضنته وقالت له أفتقدتك كثيرا. لم يحك لى عن لقائه مع أصدقائه أو زملاءه. لأن ما فعلته المعلمة كانت أهم وأكثر تأثيرا علي حالته النفسية.
لم ترغب دكتورة بسمة فى ترك الأطفال دون معلمة رغم حدوث ظروف أسريه طارئة لها, لكنها بقت حتى تمكنت إدارة المدرسة من التعاقد مع معلمة جديدة, دربتها بنفسها وعرفتها على شخصية طلبها وطريقة التعامل المناسبه لكل طالب وطالبه.
ربما يبدو ما فعلته دكتورة بسمة نادر فى ظل مشكلات التعليم فى مصر وأزمة التعمل التربوى مع الطلاب فى المدارس, اعلم أن ما فعلته ربما يبدووكأنه استثناء. ولكنها فعلت الصواب, فعلت ما يجب أن يكون هو السائد وليس النادر. لأن أصل كل تصرف هو الضمير الإنساني..وكان ضميرها هو الأصل.
يقول أبو بكر عبد الكلام الرئيس الحادى عشر للهند “التدريس مهنة نبيلة للغاية تشكل شخصية الفرد وعيارته ومستقبله. إذا تذكرني الناس كمدرس جيد ، فسيكون ذلك أكبر شرف لي.”. رغم قسوة درسها الأخير لهم, أعلم أن ما فعلته دكتورة بسمة وهبة مع طلابها سيترك أثرا جميلا فى نفوسهم, رغم صغر سنهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى