آراء

صفقة القرن خالية وترامب مثل سابقيه من الرؤساء الأمريكيين

يصل رئيس فريق السلام الأمريكي جاريد كوشنير هذا الأسبوع إلى المنطقة كي يبحث مع الأطراف ويواصل مساعي الإدارة “للعمل على خطة السلام”، تلك التي تسمى تحبذاً ودون أي أساس في الواقع “خطة القرن”. أما عملياً فهذه “خطة لوخ نس”، على اسم المخلوق الخيالي “نس” الذي يعيش في بحيرة نس في شمال إسكتلندا.

ومثلما في حالة الوحش، هناك مئات الأشخاص الذين يدعون بأنهم رأوا الخطة، العشرات الذين يقسمون بأن بوسعهم أن يصفوا كيف تبدو بالضبط. وبعض الأفراد المميزين الذين يمكنهم حقاً أن يشرحوا وجوده. غير أنه، مثل الوحش، لا يوجد شيء كهذا يسمى “خطة القرن”.

قد تكون موجودة في أوراق عمل وعدة مخططات محتملة، وقد تكون هناك أفكار بعضها جيد، ولكن خطة سياسية مرتبة وقابلة للتنفيذ والعيش؟ أشك. نعرف عن وجود خطة حوافز اقتصادية عرضت قبل وفي أثناء المؤتمر الاقتصادي في البحرين، ولكن وجود خطة سياسية، يتأجل نشرها كل بضعة أسابيع منذ سنة، لن يثبت أبداً.

في بداية الطريق، كان ترامب محقاً في حقيقة أساسية وحيوية واحدة: المسيرة السياسية، في الصيغة التي وجدت فيها منذ اتفاقات أوسلو، استنفدت نفسها ولم تنجح. ولكن إذا أردنا تحطيم المسلمات الفكرية والأطر، يجب التفكير بإبداع. غير أن انعدام الجدية والإشكالية انطلقا على الفور. رئيس يعرف موضوع الشرق الوسط كمصلحة أمريكية فيخصص له التزاماً رئاسياً ومالاً سياسياً؛ يبني فريقاً يتناسب مع ذلك، ويمنح سلطات وصلاحيات لوزير الخارجية ومستشار الأمن القومي. لا تعين صهرك ومحامين لك للعقارات وللإفلاسات ثم تتوقع نجاحاً دبلوماسياً مدوياً، وأكثر من ذلك أنهم بميل سياسي معروف.

إن سلسلة من الخطوات أحادية الجانب والتصريحات مست بصورة الولايات المتحدة في نظر الفلسطينيين كوسيط حيادي: نقل السفارة إلى القدس، وتقليص كبير في تمويل التعاون الأمني مع السلطة الفلسطينية، وإصرار دائم على عدم الإعلان عن الالتزام بنموذج الدولتين مثلما فعلت إدارات سابقة على مدى 40 سنة، واعتراف بحق إسرائيل في ضم أجزاء من يهودا والسامرة، والامتناع عن إقامة جهاز تشاور مع الفلسطينيين، ورفض إطلاع الملك عبد الله ملك الأردن على الخطة، واتهام الفلسطينيين بعدم الجدية في عدد لا يحصى من تغريدات “تويتر” لجيسون جرينبلات والثرثرة والتكرار من واشنطن لأقوال نتنياهو بأنه “ثبت بأن النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني ليس الأمر المركزي في الشرق الأوسط بل إيران”.

قد يكون كل شيء صحيحاً، ولكن ما هكذا تبنى الخطط. كل خطوة كهذه قد يكون ممكناً تبريرها. ولكن عندما يفحص كل شيء معاً يكون من السهل فهم سبب استنتاج الفلسطينيين بأن الإدارة غير جدية في نواياها وغير موضوعية.

إن الإدارات الأمريكية، منذ الرئيس جونسون بعد حرب الأيام الستة وحتى الرئيس أوباما، حرصوا على مظهر من التوازن، الحيادية بالنسبة للمناهج الأساسية والموضوعية في المفاوضات. وحتى عندما نشرت خلاصاتهم واستنتاجاتهم، مثل كلينتون الذي نشر “مبادئ الاتفاق” في كانون الأول 2000، ومرة أخرى في خطاب كانون الثاني 2001 التي مالت على نحو ظاهر إلى الجانب الإسرائيلي، فقد وازنوا ذلك مع رؤيا للمستقبل تكون فيه “دولتان تعيشان بسلام وأمن الواحدة إلى جانب الأخرى”.

يمكن أن نوافق أو نعارض الدولة الفلسطينية، ويمكن أن نفترض بأن إقامتها ممكنة أو أن نستنتج بأنها لم تعد ممكنة، ولكن لا يمكن أن نتجاهل مبدأ “الدولة الفلسطينية” الذي وعدت به إدارات أمريكية وحكومات إسرائيلية، وأن نتوقع أن يوافق الفلسطينيون على البحث في الخطة التي تقوم على أساس أفكار غامضة من التنمية الاقتصادية بمبلغ عشرات مليارات الدولارات غير الواضح من أين ستأتي، ودون ذكر السيادة السياسية.

يميل الرؤساء الأمريكيون في السنوات الأخيرة إلى نمط ثابت في سياستهم في الشرق الأوسط: عدم الاهتمام النابع من انعدام المصلحة الأمريكية الواضحة، وميل الانسحاب من المناطق. لا يوجد ما يدعونا إلى الافتراض بأن ترامب مختلف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى