آراء

فيديل كاسترو : الثائر الذي تحول الى ديكتاتور

بعد 57 سنة من  الحكم الفردي المطلق ، يغادر  زعيم الثورة الكوبية الحياة ، بهافانا يوم 25 نونبر 2016  عن عمر يناهز 90 سنة ، تاركا وراءه بلدا يئن تحت نير التخلف والفقر و الافلاس الاقتصادي والاجتماعي ، ولمكر الصدف بعد وفاته بثلاث ايام ، يفتح خط جوي لاول مرة بين ميامي الامريكية عاصمة المنفيين الكوبيين في الخارج و مدينة هافانا عاصمة الثورة ضد الامبريالية الامريكية ، كأن القدر اراد لروح كاسترو رفض التطبيع والانبطاح للامريكيين الى اخر رمق. مجريات الاحداث  و التضاريس الوعرة  واسرارا كثيرة مدفونة للابد  ، حولت كاسترو من  اسطورة الهم  الجماهير العريضة من الفلاحين والكادحين الى بطل  للاعتقال والاغتيال السياسي للمعارضين.

  • من هو فيديل كاسترو ؟

كانت طفولة فيديل كاسترو قاسية جدا ، حيث ولد وهو بدون هوية ولا اسم  حتى وصل الى سن 14 سنة ، بسبب مغامرات ابيه الجنسية الكثيرة  فقد كثر اخوته من زيجات كثيرة، الاولى هي ماريا لويزا  ، ولد كاسترو يوم 13 غشت 1926  بقرية صغيرة تدعى BIRAN بيران ، من ام خادمة في ضيعة والده  وترتيبه الثالث  من اخوته الستة من زواج غير معترف به بخادمته لينا روز lina ruz ، حيث ان اباه ََANGEL القادم من منطقةGALICE ، راكم ثروة هامة من معاملته  التجارية والمالية مع شركات صناعة السكر الامريكية  ، ويملك ضيعات كثيرة يسيرها بيد من حديد وكان ابو كاسترو من انصار باتيسا الديكتاتور الكوبي  . تلقى فيديل كاسترو تعليما غير معمق حيث تنقل بين عدة ثانويات منها collège de dolors et collège  belen  وكلهم بسانتياغو ، وكان مشاغبا ومشاكسا  في طفولته عنيدا جدا الى درجة ان اقدم  على حرق بيت عائلته في احدى المرات.

2-فيديل كاسترو الثوري :

قاد فيديل كاستور اول حركة تمردية فاشلة  في 26 يوليوز 1953، لذلك سميت حركته حركة 26 يوليوز، لكن ستظل سنة 1955  حاسمة للتوجه الثوري لفيديل الذي التقى في منفاه ومعتقله بالمكسيك ،برفيق دربه ومنظر ثورته  الارجنتيني تشي كيفارا ، الثائر الاممي الذي تجاوزت سمعته وشهرته كل الاصقاع .حيث اعتقلا الرفيقين في بداية سنة 1956 بزنزانة  واحدة في سجن ميكيل شولتز MIGUEL SHULTZ  بالعاصمة مكسيكو ، يبلغ عمر فيديل انذاك 30 سنة و كيفارا 28 سنة . يناير 1959 سيشن فيديل كاسترو ورفاقه حملة هجومية واسعة  انطلاقا من جبال سيرا مايسترا الوعرة  وتجاوز الجزيرة ب1000 كيلومتر شرقا مصحوبا ب 3000 مقاتل ، هذه الحملة ادت الى هروب الديكتاتور  باتيستا، مما ادى الى التحاق معظم جنوده بثوار فيديل كاسترو . وتمت السيطرة على  العاصمة هافانا في 1 يناير 1959 وعمر فيديل لا يتجاوز 32 سنة، بعد الثورة كلف تشي غيفارا بمهام كبرى كالادعاء العام  في محاكم الثورة ، ثم  المسؤول عن الاصلاح الزراعي  ومسؤول البنك المركزي  ووزيرا للصناعة ، قبل ان يغادر كوبا  سنة 1965 لاستكمال مهامه الثورية الى جانب حركات التحرر الوطني بافريقيا .وعكس المتداول  فقد كان كاسترو في البداية اقرب الى الولايات المتحدة الامريكية منها الى الاتحاد السوفياتي ، حيث ان شعار ثورته كان هو “لا ديكتاتورية  يسارية  لا ديكتاتورية  يمينية ، نريد ثورة تحررية انسانية “.  فقد قام فيديل كاسترو بزيارة رسمية للولايات المتحدة الامريكية  في 15 ابريل 1959  واستقبل من طرف نائب الرئيس الامريكي  ريتشارد نيكسون ، وادى تجاهل الرئيس ايزنهاور لزيارته الى تغيير نظرة التحالفات في ذهن فيديل كاسترو الذي احس بالاهانة والاحتقار ، فاجبر على ركوب محور الاتحاد السوفياتي حيث قام بزيارات متكررة الى الاتحاد السوفياتي وربط علاقات صداقة متينة مع الزعيم السوفياتي  خورتشوف ،حيث استقبل للمرة الثانية سنة 1964 في موسكو استقبال الابطال.عاقبت الولايات المتحدة الامريكية بسرعة فيديل كاسترو بسبب سياسته التأميمية لمزارع السكر وتوجهه نحو موسكو، التي اوقعت كوبا والعالم في ازمة صواريخ سنة 1962 كادت ان تؤدي الى حرب عالمية ثالثة ، اذ  اعتبر  الرئيس الامريكي  كيندي في خطاب له يوم 22 اكتوبر 1962  نشر صواريخ باليستية خارج الاراضي السوفياتية تهديدا للسلم الدولي .

فيديل كاسترو : الديكتاتور

اعتقد الكثيرون ان كاسترو كان متشبعا بالفكر الاشتراكي التقدمي الذي كان يمثله فكر ماركس وتنظيم لينين ، الا ان الحقيقة هي ان كاسترو لم يكن سوى ديكتاتور لفظته الولايات المتحدة بسبب سياساته الوطنية والفلاحية خصوصا ، وانه حكم كوبا بالحديد والنار الى جانب اخوه المفترض  راوول كاسترو وابن اخيه راوليتو  واقصى المعارضة السياسية وملا السجون بمعتقلي الرأي،بعد انهيار الاتحاد السوفياتي فقد فيديل كاسترو داعما رئيسيا في العالم تزامن ذلك مع توسع الديموقراطيات في امريكا اللاتينية ، فبقي كاسترو معزولا يغازل امريكا بدون جدوى ، فخلف بلدا اقتصاده متخلف ، يئن تحت الفقر والحرمان ويرزح تحت مخلفات حصار طويل . تعرض كاسترو لمحاولات عديدة للاغتيال السياسي من طرف وكالة الاستخبارات الامريكية تجاوزت المئة ، لكن نفس الاجهزة المخابراتية دعمته في السنوات الاخيرة بعدما فتحت قنوات سرية مع رفاقه الليبراليين الجدد بقيادة راوول كاسترو والقيادة العسكرية الجديدة المقتنعة تماما بالاصطفاف الى جانب الامريكيين. من الصعب التمييز اليوم بين تاريخ كوبا وتاريخ كاسترو لان كوبا اختصرت تماما في شخص واحد او للدقة قلنا عائلة واحدة ، واخيرا لا بد ان نقول بان كاسترو كان مع الثورة في بلد واحد اي كوبا  فيما اختار صديقه ورفيقه الثائر تشي غيفارا ، الذي اختلف معه فيما بعد تصدير الثورة لتصير عالمية ، وهناك يظهر  مدى اقتناع كل منهما بالروح الثورية التحررية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى