آراء

في ذكرى قتل رابين: أيها الإسرائيليون.. عن أي سلام تتحدثون؟

“نعم للسلام، لا للعنف”، تحت هذا الشعار المكرر وكأنه يحافظ على شعار الاعتصام قبل 24 سنة، الذي قتل في نهايته إسحق رابين، جرى أول أمس في الميدان الذي سمي منذ ذلك الحين باسمه اعتصام في ذكرى رئيس الحكومة بقيادة جنرال جديد لم يصبح بعد زعيماً أو رئيس حكومة.. بني جانتس.

ولكن ماذا يقول هذا الشعار الفارغ؟ ماذا يبيع؟ لأي سلام يقول “نعم” منظمو الاعتصام والمشاركون فيه؟ هل هو السلام بين تركيا والأكراد؟ أم بين لبيد والأصوليين؟ أم بين سوريا وروسيا؟ بين ليبرمان وبيبي؟ منذ عشرات السنين لا يوجد حتى طرف شعرة ذيل لعملية سلام مع أي عدو أو أي جار، لا يوجد أي واحد من قادتنا أو من الذين يتبجحون بأنهم قادتنا يقترح خطة سلام معينة، وبالتأكيد ليس غانتس وحزبه. إذاً، بماذا تشوشون عقولنا عن “نعم للسلام”؟ على الأقل في حينه، في عهد رابين، أدارت الحكومة عملية سلام، صحيح أنها فشلت، لكن ماذا بالنسبة لكم؟ الآن ما الذي تستعدون أنتم للقيام به للتوصل إلى سلام مع الفلسطينيين غير قتلهم؟
ما معنى شعار “لا للعنف”؟ هذا شعار كاذب، سواء في عهد رابين وبيرس، والآن في عهد نتنياهو وغانتس. “لا للعنف” كان وما يزال وسيبقى إلى الأبد شعاراً كاذباً. الذي يقول إنه ضد العنف ويتظاهر تحت شعار “لا للعنف” ويلصق على زجاج سيارته ملصق “كفى للعنف”، هو كاذب، ويكذب على نفسه أولاً.
بماذا انشغل رابين المرحوم وغانتس، أطال الله عمره، طوال شبابهما؟ في إدارة العنف واستخدامه. بماذا ينشغل الجيش الذي عملوا فيه وأداروه طوال حياتهم؟ هذه هي الذراع العنيفة التي تدافع عن الدولة من أعدائها. ما الأمر؟ رؤساء أركاننا هم ضد العنف؟ وأنتم ماذا؟ ألم تخدموا في الجيش؟ ألستم مع وجود جيش قوي لإسرائيل؟ أجل، لا يوجد مناص، نحن بحاجة إلى جيش، لكن ليس الجيش وحده هو الذي يستخدم العنف، حتى الشرطة تستخدم العنف. ونحن أيضاً بحاجة إلى شرطة، ولأنها عنيفة -تفرق المظاهرات وتدمر البيوت وتسجن الأشخاص– هل أنتم مع حلها؟
وإذا افترضنا أن شخصاً ما انقض على زوجته وهو يحمل فأساً لقتلها، ألم تكونوا ستحطمون رأسه بالطوب أو العصا من أجل إنقاذ حياتها؟ ولكن هذا أيضاً يعتبر عنفاً. ولنفترض أن شخصاً ما أطلق النار على يغئال عمير قبل لحظة من إطلاقه النار على رابين، فهل كنتم ستعارضون هذا العنف؟ العنف بحد ذاته ليس شيئاً سيئاً أو جيداً، هو وسيلة لخدمة الإنسان والمجتمع. أحياناً يكون وسيلة جيدة وجديرة، وأحياناً يكون وسيلة تهديدية وفظيعة. عن ذلك يجب أن يكون النقاش. كيف ومتى وبأي وسيلة يجب ولمن يسمح استخدامه، وليس الاستهزاء بعقولنا عن المقاومة الجارفة للعنف.
من يعارض العنف بصورة كاسحة يعد فعلياً مؤيداً له، لأنه لا يضع لنفسه آليات دفاع ضد العنف السيئ، لمن يأتون لتصفيته. ويؤدي بذلك في نهاية اعتصام عنوانه “لا للعنف” أن شخصاً ما يؤمن بالعنف، يقتل رئيس الحكومة. وإلى حين أن تفهموا ذلك، فإن الذين يقدسون العنف على أشكالهم، سيواصلون قتلكم وقتل أي أمل لكم بالسلام والحياة بشكل عام.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى