آراء

نتنياهو… بين المصير الإسرائيلي والإفلات من تهم الفساد

في سماء الخليج الفارسي تتلبد الغيوم الثقيلة التي يمكن لتأثيراتها على إسرائيل أن تكون حبلى بالكارثة. الولايات المتحدة تدفع بقوات، وبالأساس تطلق تصريحات عدائية، يتم الرد عليها بتصريحات إيرانية مهددة ليست بأقل منها. عمليات ضد ناقلات النفط وإطلاق صواريخ الكاتيوشا على سفارة الولايات المتحدة في بغداد، رفعت منسوب الضغط إلى مستويات جديدة.
في الأردن تزداد الاحتجاجات ضد البطالة الشديدة والفساد، وثمة أقوال قاسية ضد طريقة إدارة المملكة من قبل الملك، سمعت من شباب عاطلين عن العمل، ومن شخصيات رفيعة سابقة في النظام الأردني. السلطة الفلسطينية تقف على شفا انهيار اقتصادي وسياسي. المساعدات الأمريكية جمدت، واستثمارات أجنبية لم تعد تصل، والخوف الحقيقي هو أنه قريباً لن يظل في الضفة من سيديرها. غزة تتلقى في الحقيقة مساعدة سخية من قطر، لكن هذه الأموال لا يمكنها تهدئة النفوس لفترة طويلة دون تطبيق الالتزامات التي نقلتها إسرائيل لحماس بواسطة مصر والتي تشمل تسهيلات كبيرة في الحصار وبداية إعادة إعمار القطاع، المواجهة القادمة لن تتأخر.
أمام أضواء التحذير هذه ليس لإسرائيل سياسة منظمة أو استراتيجية موثوقة. المثل المعروف «نحن مستعدون لكل سيناريو» لم يعد كافياً. المواجهات الدورية مع حماس والجهاد الإسلامي، والهجمات بين الفينة والأخرى في سوريا، والتهديدات لحزب الله، لا يمكنها أن تزرع الثقة بقوة الردع الإسرائيلية. ولكن التهديد الأكثر خطراً منها جميعاً هو غياب سلطة إسرائيلية موثوقة تستطيع إيجاد طريقها بين هذه الألغام. الدولة يديرها رئيس حكومة ووزير دفاع قدماه مكبلتان بملفات قضائية، وفمه ويداه منشغلان في منح الهبات والهدايا لسرب من الطيور الجارحة التي تريد النقر في جسم خزينة الدولة، ورأسه يخطط لحملة بقائه على قيد الحياة هو وعائلته.
حتى في الأيام العادية، أي في الفترات التي كانت فيها التهديدات الأمنية على نار هادئة، فإن رئيس حكومة كهذا ليس جديراً بهذه الوظيفة، بالأحرى عندما يكون أمن دولة إسرائيل موضوعاً على كفة الميزان.
كيف يمكن لبنيامين نتنياهو أن يقرأ باستخفاف بيانات الاستخبارات ويفحص خطط عمل عسكرية وخطوط عمل سياسية والعثور على نقاط ضعف أو المبادرة إلى خطوات وهو في نفس الوقت يواجه تمويل تكاليف ملفاته القضائية، ويواجه شكل الزنزانة التي يمكن أن ينهي فيها حياته السياسية، هو يحاول أن يفرض على أعضاء حزبه وعلى وزرائه المستقبليين على دعم مشاريع قوانين يمكن أن توفر له أداة أمان ضد السقوط المدمر.
شخصية سوبرمان التي يحاول نتنياهو ومقربوه تسويقها للجمهور هي كذب مطلق. لا يوجد شخص كهذا. هالة القادر على كل شيء، ذاك القادر على فصل نفسه عن الكابوس وإدارة الدولة وكأنه لا توجد ضده لائحة اتهام، من يستطيع التعامل بنفس الجدية مع موضوعين مصيريين، الأول يمكن أن يحسم مصير الدولة والثاني يحسم مصيره الشخصي، فيحوّل مواطني الدولة إلى رهائن على سفينة أغبياء.
يمكن أن نرتجف من شخصيات المرشحين لمنصب وزير التعليم أو القضاء أو الأمن الداخلي. يجب الخروج إلى الشوارع ضد نية تحويل جهاز القضاء إلى أداء خال من الحياة للفن التجريدي. والاحتجاج على تحويل وزراء إلى آلهة معفيين من العقاب على أفعالهم أو معفيين من الانتقاد القضائي. ولكن من المحظور إبقاء أمن الدولة في أيدي من موقفه موزع وكل قرار يتخذه في مجال الأمن، حتى لو كان مناسباً وعقلانياً، سيبدو كمناورة تستهدف خدمة مصالحه الشخصية. هذا الشخص الذي أثبت أنه لا يرتدع عن اتخاذ أي خطوة من أجل إنقاذ جلده، غير صالح لمواجهة التهديدات التي تقف على أعتاب الدولة. هو في وضع عاجز، وأي ادعاء آخر يعرض حياة الدولة للخطر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى