آراء

القمة الثلاثية… قبل لحظة من الهجوم الأكبر على إدلب

الكاتب: سمدار بيري

 

انظروا أي قمة: فلاديمير بوتين، والطيب أردوغان، وحسن روحاني، سيلتقون يوم الجمعة القادم في إيران. حتى يوم أمس تسلَّوا بفكرة الابتعاد حتى تبريز، التي تعتبر الآن المدينة السياحية رقم 1 في إيران، ولكن روسيا أعلنت أن اللقاء في نهاية المطاف سيعقد في طهران. لقد سبق لثلاثتهم أن التقوا في سوتشي في روسيا، وفي أنقرة في تركيا، للبحث في الموضوع السوري. هذه المرة إدلب على الطاولة: ماذا سيكون، ماذا سيفعلون، ماذا سيحصل في اليوم التالي. لقد حذرت وسائل الإعلام في إيران منذ الآن من أن اللقاء الثلاثي سيكون مغلقًا ولن تخرج منه عناوين، وقد تخرج صورة فقط.

بوتين، الذي ضرب رقمًا قياسيًا في اللقاءات مع نتنياهو ـ تسعة لقاءات بينهما في السنوات الثلاثة الأخيرة، إلى جانب عشرات لقاءات المبعوثين من موسكو والقدس ـ على علم جيد بالموقف الإسرائيلي. فقد أوضح في هذه اللقاءات بأن إسرائيل لن تحتمل وجودًا إيرانيًا في سوريا، ولا في منطقة هضبة الجولان على وجه الخصوص. وحسب المحافل الإسرائيلية، ففي اللقاء الأخير، قبل شهرين، ادعى الروس بأنهم سيتمكنون من إبعاد الإيرانيين إلى وسط سوريا. ولكن حتى لو أبعدت إيران، فبوسع صواريخها أن تضرب أهدافًا في أراضي إسرائيل من داخل سوريا. من الجانب الروسي، من المهم التشديد على أنه لم نسمع تصريحات ملزمة عن إبعاد القوات الإيرانية عن أهداف إسرائيلية.

ينبغي الانتباه إلى التقسيم الواضح بين الأماكن التي يوجد فيها الجيش الروسي في سوريا وبين تلك التي يوجد فيها الجيش الإيراني. فالطرفان حذران من أن يدوس أي منهما على قدم الآخر، وبينهما يعلق الأسد، الذي يشرح بأنه لا يعتزم إخراج الإيرانيين، ويعرف بأن الروس أيضًا لن يذهبوا إلى أي مكان. أما إسرائيل من جهتها، فتحذر ألا تصطدم بالجيش الروسي، ولكنها ستفعل الكثير جدًا كي تضرب الحرس الثوري الإيراني داخل سوريا: في قواعد الجيش، وفي المصانع وفي الأماكن التي تثبت الملاحقة السرية وجودهم فيها. إسرائيل لم تعلن أبدًا بأنها ستوقف أعمالها ضد الإيرانيين في الأراضي السورية.

بوتين، وأردوغان، وروحاني، سيبحثون في الهجوم على إدلب. الهدف واضح، والأساليب مختلفة. الجيش السوري دفع إلى إدلب بكل معارضي الحكم، جمعهم، وأعد المعركة. ولكن ليس لتركيا مصلحة في تصفية المعقل الأخير للثوار. يجب التمييز بين ما ينشر باسم الأتراك وما يقال في الغرف المغلقة. وهذا ليس الأمر ذاته. أردوغان، من جهته، يفضل الإبقاء على الوضع القائم، واضح له بأنه ما إن يبدأ الهجوم الكبير على المحافظة الشمالية، المحاذية للحدود التركية، حتى تدق موجة كبيرة من اللاجئين بوابات بلاده، وقد حرص على الإيضاح بأنه لم يعد لديه مكان، وأغلق الحدود.

في هذه الأثناء تدخل الولايات المتحدة إلى الصورة؛ فالرئيس ترامب يهدد في الأيام الأخيرة بهجوم عسكري، إذا استخدم الجيش السوري سلاحًا كيماويًا ضد أكثر من مليونين من سكان إدلب، مثلما فعل في الماضي أيضًا. وأفادت السي.ان.ان، أمس، بأن الاستخبارات الأمريكية أعدت بنك أهداف للهجوم على مخازن السلاح في سوريا. ولكن في الإدارة يخشون من أنه حتى الهجوم التقليدي سيوقع عشرات آلاف القتلى ويفاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة. أما روسيا من جهتها فقد كثفت قواتها قبيل «المناورة الكبرى» في شمال سوريا: عشر سفن حربية وغواصتان ترسوان على الشواطئ، هناك وسفن أخرى تبحر في البحر المتوسط. هذا سيكون التدخل الروسي الأكبر في سوريا منذ دخلت إلى هناك في أيلول 2015.

عندما لا يكون رب بيت واحد في سوريا، فلبوتين وروحاني هدف مزدوج؛ فمن جهة الحفاظ على مكانة الأسد في سوريا، ومن جهة أخرى الحفاظ على تواجد ومكانة روسيا وإيران. بشكل طبيعي إسرائيل تتابع ووجوها ملموس. القدس تستغل شبكة العلاقات الحذرة مع موسكو كي تمرر رسائل واضحة جدًا لإيران. يمكن القول إن الإيرانيين يسمعون، ويستخلصون الاستنتاجات، وتجاه الخارج يفعلون ما يروق لهم، ولكن يمكن التقدير بأنهم يأخذونها بالحسبان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى