تقارير وتحليلات

«أزرق أبيض» .. تحالف جنرالات يوشك على الإطاحة بنتنياهو

تجري هذه الأيام معركة انتخابية حامية الوطيس في إسرائيل بين الأحزاب المتنافسة التي تسابق الزمن للظفر بأكبر عدد من الأصوات لتشكيل الحكومة، حيث ستجري الانتخابات العامة في 9 أبريل 2019، والتي يوشك رئيس الوزراء الحالي، بنيامين نتنياهو، على خسارتها، بحسب آخر الاستطلاعات الإسرائيلية.إذ تشير توقعات الرأي العام الإسرائيلية الى أن تحالف «أزرق أبيض» يتفوق على حزب «الليكود» اليميني، وهو ما يؤهله لأفضلية تشكيل الحكومة القادمة، في حال تمكنه من نيل ثقة 61 عضواً في الكنيست. فما هو هذا التحالف؟ وعلامَ يعتمد في برنامجه الانتخابي؟ وهل يستطيع الفوز بسهولة على نتنياهو، الذي تطارده تحديات كبيرة ربما تنهي مشواره السياسي؟

ما هو تحالف «أزرق أبيض»؟

في 21 فبراير 2019، وحّد أقوى منافسي نتنياهو في الانتخابات صفوفهم، لتشكيل تحالف يحمل اسم «أزرق أبيض» -في إشارة إلى ألوان عَلم إسرائيل- ينضوي تحته كل من حزب «يش عتيد» برئاسة يائير لابيد، وحزب «مناعة لإسرائيل» برئاسة رئيس أركان الجيش الأسبق بيني غانتس، وحركة «تيلم» برئاسة وزير الأمن الأسبق موشيه يعالون.

تمنح جميع استطلاعات الرأي هذا التحالف، الذي انضم إليه رئيس أركان الجيش الأسبق غابي أشكنازي ونائبان سابقان لرئيسي جهاز الأمن العام والموساد، الفرصة لتشكيل الحكومة المقبلة، وهو ما يعزز مسعى قادة الائتلاف إلى إنهاء حكم رئيس الوزراء اليميني المستمر منذ 10 سنوات.

يهاجم الإئتلافُ نتنياهو بشكل كبير، ويصفه لابيد وجانتز بأنه فاسد لحد الإجرام، وبأن السلطة أسكرته تماماً. بالإضافة إلى هذا، لا ينفك جانتز عن التهديد والوعيد بتطهير حكومة نتنياهو بالكامل، وهو يعتبر خصماً لدوداً لنتنياهو، سنوات طويلة.

ولا يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي تحديات سياسية مع خصومه فحسب، بل تلاحقه أيضاً تهم بالفساد والرشوة والخيانة قد تزج به في السجن، إذ أكد النائب العام مطلع الشهر الجاري (مارس 2019)، أنه يخطط لتوجيه اتهامات جنائية خطيرة إلى نتنياهو -تتضمن الرشوة، والاحتيال، وخيانة الثقة- وهذه الاتهامات قد تؤدي إلى إصدار أحكام بالسجن في حالة الإدانة.

وعليه، يعد تحالف غانتس-لابيد منافساً صعباً لحزب الليكود، عكس ما كان إبان انتخابات مارس 2015 بشأن تحالف «المعسكر الصهيوني» الذي تفكك مؤخراً، وكان قد جمع بين حزبي العمل برئاسة يتسحاق هيرتسوج ثم آفي غاباي، وحزب الحركة برئاسة تسيبي ليفني، التي قررت اعتزال الحياة السياسية مؤخراً.

ويقول محللون إسرائيليون إنَّ تحالف «أبيض أزرق» يمثل كتلة صلبة من جنرالات يوشكون أن يزيحوا نتنياهو من منصب رئاسة الحكومة، وإنَّ تحالفهم سيمثل رقماً مهماً في الكنيست على كل الأحوال.

ما هو برنامجه وموقفه من القضايا الفلسطينية؟

على الرغم من هجومه على نتنياهو وحكومته، يغيّب تحالف «أزرق أبيض» من برنامجه السياسي الدولة الفلسطينية وحل الدولتين، بل يدعو إلى عقد مؤتمر إقليمي للانفصال عن الفلسطينيين.

ورغم عدم إعلان التحالف عن برنامجه السياسي، فإن صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية قالت في عددها الصادر الإثنين 4 مارس 2019، إن البرنامج لن يتطرق الى مصطلح الدولة الفلسطينية أو مسألة حل الدولتين.

وأضافت الصحيفة نقلاً عن مصادر لم تسمها، أن التحالف «وعد بعدم الانسحاب من جانب واحد من الأراضي الفلسطينية، أو الكتل الاستيطانية، أو غور الأردن في الضفة الغربية».

وتابعت أنه في المقابل «سيدعو إلى مؤتمر إقليمي، لتعزيز الانفصال عن الفلسطينيين». وفسرت الصحيفة موقف التحالف الذي يصنف باعتباره يسارياً وسطياً، بالقول: «من الواضح أن التحالف يبذل جهوداً من أجل عدم خسارة أصوات اليمين».

ونقلت الصحيفة عن مصدر في التحالف أن «حجة الليكود هي أننا حزب يساري، ونتنياهو يقول إننا يساريون، لكن بعد أن يرى برنامجنا فإنه سيتحطم». ومن المنتظر أن يشهد الثلاثاء 5 مارس 2019، الإعلان عن البرنامج السياسي للتحالف، الذي يعتبر المنافس الأقوى لحزب «الليكود» برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

في السياق نفسه، لفتت الصحيفة إلى أن البرنامج المرتقب «لا يتضمن إلغاء قانون القومية الذي أثار غضب الأقليات في إسرائيل، وخاصة الأقلية العربية».

وأوضحت أن البرنامج في المقابل سيدعو إلى «تشريع قيم المساواة»؛ في مسعى لإرضاء الأقلية الدرزية التي لم تعارض قانون القومية بشكل كامل، وإنما دعت إلى إضافة بند المساواة بين مواطني الدولة إليه.

وينص «قانون القومية»، الذي أقره الكنيست في منتصف 2018، على أن «حق تقرير المصير في دولة إسرائيل يقتصر على اليهود، والهجرة التي تؤدي إلى المواطنة المباشرة هي لليهود فقط»، وأن «القدس الكبرى والموحدة هي عاصمة إسرائيل»، وأن «العبرية هي لغة الدولة الرسمية»، وهو ما يعتبر تمييزاً واضحاً لمصلحة اليهود ضد من هم غير يهود.

ما هي حظوظ فوزه على نتنياهو وحزبه؟

يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من اللحظة الأولى لتبكير الانتخابات الإسرائيلية، إلى استراتيجية وصم منافسيه من أحزاب الوسط، بداية بيائير لبيد زعيم حزب «هناك مستقبل»، ولاحقاً بيني غانتس مؤسس حزب «حصانة إسرائيل»، وموشيه يعالون مؤسس حزب «تيلم»، بأنهم يساريون يتخفَّون تحت غطاء أحزاب الوسط.

وتظهر إعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بحزب الليكود، وإعلانات ومقاطع فيديو مدفوعة على المواقع الإخبارية، يركز محتواها على أن غانتس ولبيد سيشكلان حكومة يسار ضعيفة، في حين سيقود نتنياهو حكومة يمين قوية.

كما تركز حملات حزب الليكود على وصف قرار المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيخاي مندلبليت، إعلان لائحة اتهام ضد نتنياهو بأنه «رضوخ لضغوط اليسار»، في إشارة إلى جانتس ولبيد، ولضغوط الكثير من وسائل الإعلام الإسرائيلية التي يتهمها نتنياهو بأنها يسارية تسعى إلى هزيمته.

وحسب القناة 13 الإسرائيلية، أكد نتنياهو صباح الأحد 3 مارس 2019، في اجتماع ضم قادة من الليكود وأعضاء كنيست من الحزب، اعتماد هذه الاستراتيجية.

وعقد نتنياهو هذا الاجتماع، على خلفية ثلاثة استطلاعات رأي بينت تفوق كتلة الوسط واليسار والأحزاب العربية بـ61 مقعداً، مقابل 59 مقعداً لكتلة اليمين في الكنيست.

وقال نتنياهو: «لبيد وجانتس يحاولان الظهور وكأنهما ليسا يساريَّين، وإن أظهرنا هذه الحقيقة للجمهور، فسيتمكن الليكود من تضييق الفجوة والفوز».

وأردف قائلاً: «وسائل الإعلام تحاول إخفاء كثير من الأمور المتعلقة بغانتس، فقط كي يفوز اليسار، فهم يخفون حقيقة أن غانتس شارك في حفل إحياء ذكرى 1000 قتيل من حركة حماس لقوا مصرعهم في عملية «الجرف الصامد» 2014″.

ولم يوضح نتنياهو تفاصيل هذا الاتهام، لكنه تابع: «غانتس قال إنه عرَّض حياة جنود لواء جولاني للخطر، لأنه لم يرد المساس بحياة الفلسطينيين، وهذا تفكير اليسار، واليوم نسمع لبيد وغانتس يقولان إنهما لن يجلسا معنا في حكومة واحدة، بل مع الطيبي عضو الكنيست العربي».

إلى ذلك، يرى المختص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور أن استراتيجية نتنياهو والليكود واليمين بشكل عام، القائمة على وصف منافسيهم بأنهم يسار، تنبع من محاولة ربط ما قام به حزب العمل (يسار) وحلفاؤه بتوقيع اتفاقية أوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية بهدف إقامة دولة فلسطينية، وإقامة السلطة الفلسطينية وما جلبه ذلك من «كوارث على إسرائيل» -حسب وصف نتنياهو- بذهن الناخب الإسرائيلي، بصورة سلبية. إضافة إلى أن تعزيز صورته كزعيم قوي سيمنع اليسار من تحقيق هذا المشروع.

وفيما يتعلق باستطلاعات الرأي الأخيرة التي أظهرت تراجع كتلة اليمين إلى 59 مقعداً، فاقدة بذلك الأغلبية في الكنيست، قال منصور لوكالة الأناضول: «إن هذا الوضع مؤشر خطر حقيقي لنتنياهو، لكنه قد يحاول الاستفادة منه في استنهاض اليمين الإسرائيلي ككل وليس فقط حزب الليكود، من خلال استراتيجيته بترهيب الناخبين، خاصةً المترددين، من فوز منافسيه».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى