تقارير وتحليلات

“إذاعة كورونا الدولية” متنفس لمستمعين قيد الحجر لمتابعة شؤون الجزائر

“إذاعة كورونا الدولية”، آخر مولود إعلامي على الإنترنت موجه للجزائريين، بخط ملتزم وتعليقات غير نمطية، تقدم للمستمعين لحظة حرية لمحاربة كآبة الحجر والحفاظ على شعلة الحركة الاحتجاجية.

ويقدم مذيع معروف ومساعدون غير تقليديين مع ضيوف، الأخبار المتعلقة بالجزائر مرتين في الأسبوع مباشرة على موقع فيسبوك.

وكما الإذاعات غير القانونية يتضمن كل برنامج خلال ساعة من البث مزيجا من الفكاهة والجد بالتفاعل مع المستمعين، مصحوبًا بباقة من الأغاني.

وقال مؤسسها عبد الله بن عدودة إن طريقة عمل الإذاعة “ديموقراطي للغاية”. وأوضح المذيع الذي يحب خاصة الحوار مع المستمعين، الذين يصدرون “أحكامهم فورا” عبر التعليقات المنشورة مباشرة على فيسبوك.

وكل يومي ثلاثاء وجمعة بين الساعة العاشرة والنصف مساءً (21:30 ت ج) أو الحادية عشرة مساءً، يبدأ عبد الله بن عدودة، العاطل مؤقتا عن العمل، البرنامج على موجات الأثير من منزله حيث يخضع للحجر الصحي في بروفيدنس (شرق الولايات المتحدة).

وعلى طاولة غرفة الطعام، جهّز وسائل عمله، من هاتف محمول وجهاز كمبيوتر يعمل كغرفة إرسال صغيرة، لقضاء أمسية مع فريقه وكأنه مع عائلة.

وقال الصحافي البالغ من العمر 49 عامًا، وهو أصلا طبيب بيطري عمل لاحقًا في النشر، إن “هذا البرنامج موجه بحالنا العميق: الحرية”.

وبمساعدة فريق منتشر بين الجزائر العاصمة ووهران (شمال غرب) وبومرداس (شمال) والدوحة وباريس، يتحدث المذيع بلهجة فكاهية لكل من المستمعين “الصامدين في الجمهورية الديمقراطية الشعبية (الجزائر)” وللسلطات. كل ذلك بلهجة جزائرية خليط بين العربية والفرنسية.

وكما هو ظاهر من اسمها، فإن “إذاعة كورونا” لا تتغاضى عن الأزمة الصحية في الجزائر (313 وفاةً وقرابة ألفي حالة مؤكدة)، حتى لو كان الوباء قبل كل شيء ذريعة لمناقشة الوضع في البلد.

– منفي –

ولكن خلف التلاعب بالكلمات المضحكة والأجواء المرحة، فإن الأجواء لا يغيب عنها الشجب السياسي.

وبعد برنامج مخصص لكريم طابو، أحد الرموز البارزة للحراك الشعبي المناهض للنظام، المسجون حاليًا، كان البث الأخير يوم الجمعة مناسبة للتعبير عن الغضب ضد الرقابة الحكومية على إذاعة “راديو أمّ” والموقع الإخباري “مغرب إمرجون”.

وناشد بن عدودة في برنامجه إلى التآزر “في الشدائد يجب أن نبقى متحدين. يجب على الدولة أن تفهم ذلك”.

ويتم الانتقال بين كل فقرة وأخرى، بأنغام موسيقية إيقاعية، مثل فرقة الهيب هوب الجزائرية “أم بي أس” وتعني حروفها “الميكروفون يكسر الصمت” ثم أغنية يردّدها الحراكيون لأمين شيبان “أيها النظام ارحل” ثم مقطع من الراب الملتزم لفريد دياز بعنوان “مدني في بلاد العسكر”.

وكان عبد الله بن عدودة صحافيا في الإذاعة الحكومية ثم انتقل إلى تقديم برنامج إخباري تهكمي على قناة “دزاير تي في” المملوكة لرجل الأعمال المقرب من الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، المسجون حاليا في قضية فساد. وفي 2014 اضطر لمغادرة الجزائر بعد توقيف برنامجه.

وتأسف قائلاً: “فاتني الثورة” في إشارة إلى الحراك، الانتفاضة الشعبية التي هزت السلطة الجزائرية لأكثر من عام قبل أن تم تعليق المظاهرات الشهر الماضي بسبب انتشار وباء كورونا المستجد.

وقال صاحب إذاعة كورونا: “منذ 22 فبراير 2019، بات حضوري في بروفيدنس جسديا فقط”.

وأوضح أن هذه الإذاعة هي أيضا “طريقة لإعادة بلورة الحراك في زمن الحجر” ولإثبات أن الحركة الاحتجاجية ليست مجرد مسيرات فقط فهي “مشروع مجتمع”.

وبفضل شبكة الإنترنت يمكنه الاستمتاع بحرية تعبير أكبر مقارنة مع زملائه المقيمين في الجزائر.

ويوجد أحد ضيوف “راديو أم” الصحافي خالد درارني مؤسس موقع “قصبة تريبيون” في الحبس المؤقت منذ 29 مارس. وقد اعتُقل بعد تغطيته لمظاهرة في الجزائر العاصمة في بداية نفس الشهر.

وبالنسبة لعبد الله بن عدودة، لا مجال للتخلي عن الميكروفون، ووعد بأن المغامرة ستستمر بعد نهاية الحجر الصحي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى