تقارير وتحليلات

إعمار سوريا: الأسد رافض مشاركة تركيا.. وأنقرة تصر علي نصيبها .. الصين بديل لتركيا..إيران وروسيا علي أتم الاستعداد.. أمريكا تنتظر الإنتخابات السورية

قالت صحيفة “المونيتور” الأمريكية أن تركيا تريد نصيبها من إعادة أعمار سوريا، علي الرغم من أنها تبدو علانية في الموقف المناهض للرئيس بشار الأسد في سوريا إلا أنها في الواقع تستعد لسوريا جديدة ببقاء الأسد رئيسا للبلاد.

تركيا تريد نصيبها من إعادة إعمار سوريا

وعلي الرغم من أن تركيا تبدو أنها تعمل علي إنهاء الحكم الذاتي للأكراد إلا أن لها شرط غير معلن للتطبيع بين أنقرة ودمشق وهي تخصيص حصة لها في إعادة إعمار سوريا.

الأسد رافض قيام أنقرة بدور في إعادة الأعمار

وأشارت الصحيفة إلي أن إدارة الأسد لا تنوي تخصيص أي حصة لتركيا ، التي تتهم بدعم المجموعات العسكرية المناهضة للنظام، ودمرت البلاد ونهبت مناطق حلب الصناعية، ولكن مع سيطرة تركيا على منطقة كبيرة في شمال سوريا وتعاونها مع روسيا، يبقي من الصعب على دمشق استبعاد تركيا من هذه الحسابات.

التأثير التركي علي المعارضة السورية

ولفتت الصحيفة إلي نفوذ تركيا علي الجماعات المعارضة وقدرتها علي التأثير علي عملية جنيف، وبجانب هذا النفوذ لها نفوذ تجاري ايضا علي رغم سنوات الحرب إلا إنها تمكنت طوال 7 سنوات الحرب من الحفاظ علي موقفها التجاري الهام مع سوريا، وتتفوق تركيا لوجستياً وقدرتها المتطورة في قطاع البناء لما يشجعها علي الحصول علي جزء كبير في عملية إعادة الأعمار لسوريا.

علاوة على ذلك ، تقوم تركيا حاليا بتنظيم كيانات محلية في الباب وجرابلس وعزاز وكروبينبي وعفرين التي هي في الواقع تحت سيطرتها، بالإضافة إلي إنشائها أنظمة للأمن والتعليم والدين، وتصدر بطاقات هوية للمقيمين، وبجانب ذلك بدأت في بناء شبكة طرق، وبناء طريق سريع بين جرابلس ومنبج.

ترى الحكومة التركية منبج كمحور تجاري رئيسي لكل من العراق وسوريا ، وستكون منبج والباب مقدمات لإعادة بناء حلب، ومن المحتمل أن يكون هذا الوضع الفعلي الذي أوجدته تركيا بمثابة نقطة انطلاق لعقود إعادة الإعمار المربحة.

تستند حسابات أنقرة بأكملها على الحصول على عقد إعادة الإعمار في حلب، ولكن هل ستسمح روسيا وإيران ، اللتان أنفقتا مليارات الدولارات في سوريا ، بحصول أنقرة على ما تريد؟

مفاوضات تركيا مع روسيا حول إعادة الأعمار

واوضحت الصحيفة لإعادة إعمار حلب اعتمدت أنقرة علي مفاوضتها مع روسيا، وقد تؤدي عملية في إدلب والانسحاب المحتمل للقوات التركية من هناك إلى تحديد نتيجة تلك المفاوضات، وتأمل أنقرة في أن يتغلب اتفاقها مع روسيا بشأن هاتين القضيتين على تردد دمشق في التعامل مع تركيا.

وقال تقني أجنبي مشارك في عملية إعادة الإعمار في سوريا إن الأسد يعتبر عملية إعادة الإعمار قضية “غاية في الحساسية”. وقال لـ “المونيتور” شرط عدم الكشف عن هويته: “الاتصالات سرية للغاية عند المستويات العليا، و يصر الأسد على أن من شارك في تدمير سوريا لا يمكن أن يكون له دور في إعادة إعماره ويفضل الشركات الروسية والإيرانية والصينية.
وأضاف: من حيث المبدأ لا تريد سوريا إعطاء تركيا أي شيء، ولكن هناك ثلاث حقائق مهمة، يفهم الروس الأتراك والبعد الاقتصادي على أجندة المحادثات بين موسكو وأنقرة، و إذا سألت أي مسؤول روسي ، سيقول إن الشركات التركية مهمة لإعادة البناء السريع للبلدات المدمرة، وبالتالي هناك اعتراف بأهمية المقاولين الأتراك في مشاريع البناء واسعة النطاق

.ويوضح التقني الأجنبي أن الحقائق على الأرض تكشف كل شيء، في عام 2017 دخلت 1500 شاحنة محملة بشحنات كبيرة من تركيا إلي سوريا، وكل شيء يباع في شمال سوريا يأتي من تركيا، والحقيقة الثالثة هي أن شرق حلب الذي حررته الحكومة قبل عامين لا يزال يكمن في الأنقاض

الصين بديل لتركيا

وأشار إلى أن الصين يمكن أن تكون بديلاً هاماً لتركيا ، لكن الصينيين يترددون في الالتزام باستثمارات كبيرة قبل الاتفاق على أي تسوية سياسية، ولا تريد بكين أن تأخذ “الجانب الخطأ” بينما لا تزال موسكو وواشنطن في مصارعة بالذراع.

ويؤكد المصدر وجود اتصالات غير مباشرة بين أنقرة ودمشق وهناك قنوات مفتوحة عبر روسيا، ويتم التفاوض حول العديد من القضايا ولكن لا يمكن لأي بلد الكشف عنها، ويجب على أي شخص لديه عقل سليم في دمشق أن يعترف بأنه إذا كنت تريد إعادة بناء سوريا بسرعة ، وتأمين عودة اللاجئين وضمان التطبيع ، فعليهم أن يعترفوا بدور الشركات التركية.

400 مليار لإعادة الأعمار

وبحسب لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، ستكون التكلفة الإجمالية لإعادة إعمار سوريا حوالي 388 مليار دولار، ويقدر الأسد تكلفة الإعمار بحوالي 400 مليار دولار.

أحد العوامل الرئيسية التي ستحدد عملية إعادة الإعمار هو دعم المجتمع الدولي ؛ من أين تأتي الأموال ومن سيحصل على شريحة من الكعكة؟ حتى المساعدات الإنسانية التي تعهدت بها مجموعة أصدقاء سوريا في عام 2017 والتي تبلغ قيمتها 9.6 مليار دولار تعتمد على الانتقال السياسي الناجح.

قمة هلسنكي

ونوهت الصحيفة إلي أن إعادة إعمار سوريا كان علي جدول أعمال قمة هلسنكي للرئيس دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، وارسل رئيس الاركان الجنرال فاليري جيراسيموف بريد الكتروني لنظيره الأمريكي جوزيف دانفورد يوم 19 يوليو اقترح فيه التعاون في عملية إعادة الإعمار، ولكن دانفورد قال ” بإنهم لا يستطيعون التعاون قبل إجراء انتخابات عامة تحت إشراف الأمم المتحدة وتحقيق انتقال سياسي”.

 

دور أمريكا والاتحاد الأوروبي لإعادة الإعمار

وقالت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية فيديريكا موجيريني أيضا ” إذا تم إحراز تقدم في عملية السلام في الأمم المتحدة ، فإن الاتحاد الأوروبي سيكون مستعدا للمساهمة”.

بطبيعة الحال ، فإن الدول التي تساهم ماليا تريد أن يكون لها رأي في هذه العملية، وفقا لمصدر تكنوقراط رفيع المستوى ، تحاول روسيا جاهدة تحويل انتباه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى مرحلة ما بعد الصراع.
والخبراء الروس مقتنعون بأنه ما لم يكن هناك دعم مالي وسياسي قريبًا ، فسوف تصبح سوريا بعد فترة قصيرة دولة مفلسة، وأعضاء الاتحاد الأوروبي الذين وافقوا على بقاء الأسد يدركون أخطار دولة مفلسة ويرغبون في رؤية بعض التغيير، ويدرك السوريون الذين يعتمدون على إيران وروسيا والصين أنهم لن يتلقوا أكثر من 10 مليارات دولار من المجتمع الدولي، ولذلك هم أملهم الوحيد للشعب السوري.

الشعب السوري

ويقول المصدر “أن من أجل تعبئة السوريين يجب أولاً بناء ثقة الشعب وتقديم الضمانات لهم، ويجب تشجيع السكان المؤهلين والشباب على العودة إلى ديارهم، ويجب إعادة تنشيط الهيئات الحكومية التي لا تستطيع حتى إنفاق أكثر من 20٪ من ميزانياتها بسبب قدراتها السيئة وإدارتها السيئة ويجب السماح للقطاع الخاص بالعمل”.

وأضاف المصدر إذا اكتملت عملية إدلب كما كان متوقعاً ، وحقق الحوار الكردي-دمشق نتائج إيجابية ، فستصبح قضية إعادة الإعمار أكثر بروزاً. ورغم أن التطبيع السياسي قد يستغرق وقتا أطول ، فإن نماذج التعاون العملي في الميدان ممكنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى