تقارير وتحليلات

اردوغان يهدد بالمضي منفرداً بتأسيس المنطقة الآمنة

تدلل تصريحات المسؤولين الأتراك على تعثر أنقرة في التوصل إلى فرصتها المنتظرة، التي تتيح لها إرساء القواعد الأولى للمنطقة «الآمنة»، شرقي الفرات وخاصة بعد خطاب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أمس الأربعاء، الذي توعد من جديد بإنشاء المنطقة المزمعة شمالي سوريا، منفرداً، إن لم يتوصل الطرفان معاً لانفراجة او تسوية ثنائية تركية – أمريكية، توضح معالم الخريطة قريباً، وذلك في أعقاب قمة ثلاثية احتضنتها العاصمة التركية أنقرة لبحث ملف إدلب والحلول السياسية السورية، بين رؤساء تركيا وروسيا وايران، وهي قمة لاقت نقداً وجدلاً واسعاً، بعدما تركت الباب موارباً دون حسم الملفات التي انعقدت من اجلها، حيث وصفتها قيادات من المعارضة السورية بـ»المبهمة والملغومة». بينما يتواصل التصعيد في إدلب وأريافها من قبل النظام السوري.

إنذار جديد

وقال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، إن بلاده ستفعّل خططها بخصوص المنطقة الآمنة شمالي سوريا، إن لم يتم التوصل إلى نتيجة خلال أسبوعين، لافتاً خلال مناسبة افتتاح العام الدراسي الجامعي، استغلها لتوجيه إنذار جديد للإدارة الأمريكية، قائلاً «إن تركيا لم تعد تطمئنها التصريحات بشأن المنطقة الآمنة في سوريا» داعياً إلى إجراءات ملموسة على الأرض.
واعتبر اردوغان ان «ربع الأراضي السورية تخضع لاحتلال تنظيم «ي ب ك/ بي كا كا» الإرهابي، ورأينا أن شركاءنا أيضاً يتقاسمون معنا المخاوف نفسها حيال انتشار هذا التنظيم في مناطق شرق الفرات». وحول القمة الثلاثية «التركية الروسية الإيرانية» الأخيرة في أنقرة، أوضح الرئيس التركي أن الرؤساء «اتخذوا قرارات مهمة جداً لحل الأزمة الإنسانية والسياسية القائمة في سوريا، وأهم تطور حدث في القمة، هو المصادقة على أعضاء لجنة صياغة الدستور».

 

وأشار اردوغان إلى إمكانية إسكان ما بين مليونين إلى 3 ملايين سوري، ممّن يعيشون في تركيا وأوروبا، في الشمال السوري، في حال إنشاء منطقة آمنة هناك.
وأشار إلى أن بلاده تنتظر دعمًا أقوى من الدول الأوروبية بشأن إدلب وشرق الفرات في سوريا، وتابع «نستضيف 3.6 مليون سوري في أراضينا، وأكدنا مراراً أننا لن نستطيع تحمل أعباء 4 ملايين آخرين إن لم نتمكن من إحلال التهدئة في إدلب بسرعة».
وجاءت تصريحات الرئيس التركي بعد حراك دبلوماسي مكثف وزيارات مكوكية متبادلة بين أنقرة وواشنطن، بهدف تذليل العقبات وتجاوز المحنة المعقودة بيد اللاعب الأمريكي، الذي يقف في النهاية أمام أي انفراجة مرتقبة.
وكانت أنقرة قد احتضنت الاثنين، قمة ثلاثية جمعت الضامنين الدوليين لمسار أستانة، للتباحث في الملف السوري، فيما ترك الاجتماع، ملف ادلب الأكثر سخونة، معلقاً دون حسم واضح، ما فتح الباب أمام جدل واسع وانتقادات المعارضين السوريين، حيث انتقد قائد فصيل «صقور الشام» التابع للجبهة الوطنية للتحرير، المدعومة من انقرة، «أبو عيسى الشيخ» الاجتماع الثلاثي ووصفه بالاجتماع الملغوم والمبهم. وذكر القيادي عبر قناته الرسمية على تطبيق «تلغرام» أن الاجتماع كان ملغوماً باتهامات بوتين لإدلب باحتواء الإرهاب، وإصراره على محاربة الإرهاب، ما ينذر مجدداً بنكوثهم بوقف إطلاق النار إن وجد أصلاً». وقال «إن الاجتماع، لا يرتقي إلى أدنى المستويات المرجوة منها في وقف استهداف العزل والتهجير والقصف الممنهج».

أما القيادي مصطفى سيجري المعروف بقربه من أنقرة، فأوضح أن القمة خرجت بتوافق على مجموعة من النقاط بخصوص سوريا، وبيّن سيجري الذي يشغل منصب المتحدث الرسمي باسم «لواء المعتصم» التابع للجيش الوطني، ان البنود شملت «إنشاء منطقة (عازلة جديدة) خالية من السلاح الثقيل، وتحديد مسار الدوريات التركية الروسية المشتركة، إضافة إلى إبعاد الشخصيات المصنفة على لوائح الإرهاب الدولية».

مضيفاً عبر حسابه الرسمي على موقع التوتير ان الثلاثي وافق على «دخول الحكومة السورية المؤقتة إلى المنطقة، وتقديم الخدمات واستئناف الدعم الإنساني الدولي، واستكمال الخطوات النهائية بما يخص اللجنة الدستورية ووضع قانون انتخابات جديد»، مشيراً إلى أن «أي رفض أو عرقلة للاتفاق من قِبل جبهة النصرة أو حراس الدين أو أنصار التوحيد سيكون فرصة لإعلان حرب جديدة، وربما سنكون أمام سيناريو مشابه لمدينة خان شيخون و50 بلدة أخرى في ريفي حماة وادلب». وبحثت القمة الثلاثية بين ضامني أستانا، وفق الأجندة المجدولة كلّاً من «ملف وقف إطلاق النار في المنطقة الآمنة ومنطقة خفض التصعيد – اللجنة الدستورية والجهود اللازمة لتحقيق تقدم نهائي فيها – الملف الإنساني من لاجئين ونازحين – ملف إعادة الإعمار» فيما يتوضح ان الاختراق الوحيد الذي ربما اعلن عنه، خوفا من تكرار فشل الاجتماعات الرئاسية، يخص الملف الدستوري، وهو ما عبر عنه الزعماء عقب القمة، حيث قال بوتين ان لائحة اللجنة الدستورية تشكّلت «بعد عمل دقيق» كما أعرب روحاني، عن أمله في مباشرة اللجنة «عملها بأسرع وقت ممكن».
فيما يرى الباحث السياسي عبد الوهاب عاصي، ان اللجنة الدستورية لن ترى النور ما لم تتوصل الدول الضامنة لاتفاق يرضي كل الأطراف حول ملف وقف إطلاق النار سواء في غرب أو شرق الفرات. وإلا فإن مجرد الإعلان عن اللجنة الدستورية يُفترض ان يتبعه وقف دراماتيكي لإطلاق النار تمهيداً للانطلاق بالعملية السياسية، وبدون هذا التسلسل لن يكون للجنة فاعلية وجدوى. لذلك، اعتبر الباحث ان القمة ركزت على الهدنة أحادية الجانب التي أعلنت عنها روسيا نهاية أغسطس الماضي، ومدى إمكانية الاعتماد عليها كأرضية لمناقشة الانتقال لتفاهم حول آلية مشتركة لتطبيق بنود بروتوكول «سوتشي» الذي مضى على توقيعه عام كامل، واعتبر ان انعقاد القمة يعكس مدى رغبة الدول الضامنة في الحفاظ على مسار «أستانة» كمنصة للحوار المشترك، وذلك بعيداً عن أي اختلافات سابقة وربّما لاحقة حول القضايا التفصيلية.

لا تهدئة

ميدانياً، لم يعكس الاجتماع الثلاثي عن أي تهدئة على أرض الواقع، حيث جددت قوات النظام قصفها الصاروخي الأربعاء على منطقة خفض التصعيد، واستهدفت بالقذائف الصاروخية «كفرنبل والشيخ مصطفى ومعرة حرمة وحيش» كما نفذت قوات النظام سلسلة جديدة من القصف البري مستهدفة بالقذائف الصاروخية أماكن في ام صير وترملا ومعرزيتا ومعرةحرمة والشيخ مصطفى والنقير بريف إدلب الجنوبي. ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان قصف «الحويجة» في سهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي، من جهتها ردت فصائل المعارضة المسلحة بعدة قذائف صاروخية على قرية الرصيف الخاضعة لسيطرة قوات النظام بريف حماة الغربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى