تقارير وتحليلات

الأمم المتحدة منحت الروس إحداثيات مستشفيات سورية تم تدميرها

 

 

تتعرَّض الأمم المتحدة لانتقاداتٍ شديدة بسبب مشاركتها إحداثيات المستشفيات في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية مع روسيا، حسبما أوردت صحيفة التلغراف البريطانية.

منحت المنظمة مواقع المستشفيات، حسب نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) إلى روسيا والولايات المتحدة، بعد أن قدَّمتها لها منظماتٌ غير حكومية تعمل في إدلب والغوطة الشرقية، كجزءٍ من “نظام إخطارٍ” جديد.

وتعرَّض مشفى في حيِّ عربين بالغوطة المحاصرة، جرت مشاركة بياناته مع الأمم المتحدة، في 12 مارس، للاستهداف، في غارةٍ مباشرة، يوم 20 مارس .

وأفادت تقارير بمقتل مريض واحد على الأقل، جرَّاء ما يشتبه الطاقم الطبي بأنَّه قنبلة “خارقة للتحصينات”. ولم يتضح على الفور ما إن كان الهجوم سورياً أم روسياً، لكن من المعروف عن موسكو استخدامها للقنابل الأكثر دقة، التي تخترق الأرض عميقاً قبل أن تنفجر.

تستهدف الحكومة السورية وداعمتها الروسية -التي تدخَّلت في الحرب دعماً للرئيس بشار الأسد في عام 2015- بانتظامٍ المستشفيات والعيادات الطبية أثناء الهجمات على معاقل المعارضة.

 

عشرات المرافق الصحية خرجت عن الخدمة

وفي الأسابيع الأخيرة، خرجت وفق التلغراف عشرات المرافق الطبية في الغوطة الشرقية عن الخدمة، واضطرت معظم المرافق الأخرى للانتقال للعمل سراً تحت الأرض.

وكانت الأمم المتحدة تأمل أن تُمثِّل مشاركة المواقع رادِعاً، أو على الأقل تُمكنها بصورةٍ أفضل من إثبات وجود نية لاستهداف المنشآت، إذا ما تعرَّضت للهجوم لاحقاً.

وقال يان إيغلاند كبير مستشاري المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا لصحيفة التليغراف البريطانية، إنَّ “120 هجوماً وقعت على مستشفيات ومرافق طبية في سوريا العام الماضي. سوريا واحدة من أسوأ الحروب بالنسبة للعاملين في المجال الطبي في التاريخ الحديث، وجزء من المشكلة هو أنَّه لا يوجد نظام إخطار فعَّال لحمايتهم”.

 

الأطباء ترددوا كثيراً بشأن مشاركة مواقعهم

وقال إيغلاند إنَّه كان هناك ترددٌ بين الأطباء على الأرض، بخصوص مشاركة بيانات مواقعهم، لكن لم يكن أمامهم سوى خياراتٍ محدودة. وأضاف أنَّ هؤلاء الأطباء يقولون له: “تعرَّضنا للهجوم طويلاً. لا نعتقد أنَّ الأمر قد يسوء أكثر”.

وأفاد بأنَّ بعض المنظمات غير الحكومية قدَّمت في الماضي إحداثيات مواقعها إلى الأمم المتحدة، وأفادت بتراجعٍ كبير في عدد الغارات الجوية على أفرع خدماتها.

جاءت المبادرة بقيادة الجمعية الطبية السورية الأميركية، التي استُهدِفَ عددٌ من المستشفيات التي تدعمها في الأشهر الأخيرة.

لكنَّ آخرين حذَّروا من أنَّ تلك الاستراتيجية قد ترتد بنتائج عكسية، بالنظر إلى عدم إظهار روسيا الكثير من الاحترام للقانون الدولي، فيما يتعلَّق باستهداف المرافق الطبية.

وقال هاميش دي بريتون غوردون، مدير منظمة الأطباء تحت النار، ومستشار اتحاد المنظمات الطبية الإغاثية الدولية: “قصفوا المستشفيات دون تفكيرٍ كثير، ودائماً ما تذرَّعوا بحجة أنَّها كانت تؤوي الإرهابيين، وهو أمر غير صحيح. إنَّهم يتصرَّفون بحصانة من العقاب، لأنَّه لا تُوجد عواقب حتى الآن تماماً”.

وأفاد لصحيفة التليغراف: “وإلى أن تكون هناك عواقب، لِمَ عساهم يتوقفون؟ إنَّها خطوة بالغة الخطورة”.

قال إيغلاند، إنَّ روسيا قدَّمت ضماناتٍ بأنَّها لن تستهدف أي مرافق تحصل على بياناتها، في حين تُقدِّم الأمم المتحدة بدورها ضماناتٍ لروسيا، بأنَّ المرافق لن تُستخدَم من جانب أي مجموعاتٍ مسلحة.

لكن قد لا يكون هناك أي ضمانٍ حقيقي بأنَّ النظام السوري لن يستخدم أي معلوماتٍ تتشاركها معه روسيا، كي يشن هو بنفسه الغارات.

وقال إيغلاند، إنَّ الأمم المتحدة تحقق في هجوم 20 مارس.

وقال بريتون غوردون، إنَّ اتحاد المنظمات الطبية الإغاثية الدولية إلى جانب منظمة أطباء بلا حدود توقَّف عن نشر مواقع مستشفياته “منذ أعوام”، بعدما بدأ استهداف مرافقه الطبية في حلب الشرقية.

وأفاد لصحيفة التليغراف: “في كل مرة نشرنا فيها المواقع، تعرَّضت المرافق بعدها بفترة وجيزة للاستهداف”.

 

“إنَّه أمرٌ مُروِّع جداً”

وقال إنَّ كل العيادات التابعة لاتحاد المنظمات الطبية الإغاثية الدولية في الغوطة الشرقية -المنطقة الواقعة خارج دمشق وتهاجم فيها قوات النظام المعارضة- قد خرجت من الخدمة في الأسابيع الأخيرة.

أمَّا تلك التي تمكَّنت من إعادة فتح أبوابها، فلا تستطيع الآن إلا العمل تحت الأرض وتغيير موقعها يومياً.

ويقول الأطباء إنَّهم رأوا أسلحة أكثر تعقيداً بكثير، تُستخدَم منذ دخلت روسيا الحرب، مثل القنابل الخارقة للتحصينات.

وفي وقتٍ سابق من هذا الأسبوع، أفادت صحيفة التليغراف بأنَّ طبيباً بريطانياً كان يساعد الجراحين في مناطق حلب الخاضعة لسيطرة المعارضة في عام 2016، ربما تعرَّض حاسوبه للاختراق، واستُخدِمت المعلومات التي استُخرِجَت منه في تنفيذ غاراتٍ على المستشفى.

كان الطبيب ديفيد نوت يعطي إرشاداته من بريطانيا عبر تطبيق سكايب إلى الأطباء في موقعٍ تحت الأرض تابع لمستشفى يحمل اسم “M10” في عام 2016، ويعتقد أنَّ حاسوبه تعرَّض للاختراق، الأمر الذي أدَّى لكشف إحداثيات غرفة العمليات.

ضُرِب المستشفى بعد أيام. وقال الخبراء إنَّ روسيا فقط يمكن أن تكون قد استهدفت المستشفى.

وقالت إيما بيلز، المحللة المستقلة للشؤون السورية: “الحقيقة القاتمة هي أنَّنا وصلنا إلى مرحلةٍ في الحرب، يقف المجتمع الدولي عاجزاً فيها عن توفير الحماية للمدنيين أو العاملين في المجال الإنساني. ولذا تُحدِّد السياسات ليُمكن محاسبة المسؤولين في المستقبل عن سقوط القتلى الذين كان يمكن تجنُّب استهدافهم”.

وأضافت: “إنَّه أمرٌ مُروِّع جداً، حتى في سياق الحرب السورية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى