تقارير وتحليلات

الجارديان: جونسون مهرج في سيرك، وسيتحرك السير مخلفًا وراءه بلدًا محطمًا

تحت عنوان “سنوات المهرج”، نشرت صحيفة “الجارديان” افتتاحية حول انتخاب حزب المحافظين بوريس جونسون زعيمًا له وبالتالي رئيسًا للوزراء، خلفًا لتريزا ماي التي قدمت استقالتها للمملكة، الأربعاء.

وقالت: “أخيرًا، حصل حزب المحافظين على الزعيم الذي يستحقه، فكرئيس وزراء جديد لبريطانيا لن يستطيع بوريس جونسون تجاوز الحقائق المملة أو التخفي من التغطية الإعلامية السيئة”، مشيرة إلى أن جونسون يواجه تحديًا كبيرًا لم تواجه بريطانيا مثله منذ وينستون تشرتشل عام 1940، هو كيفية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وأضافت: “هذا مناسب لأن جونسون مسؤول بدرجة كبيرة عن الفوضى، التي عليه أن يتغلب عليها، والعلامات ليس مشجعة. فتعهده بإكمال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بحلول 31 تشرين الأول/أكتوبر “بصفقة أو من دون صفقة”، ما هو إلا وسيلة سياسية ومدمر في الوقت نفسه”.

وتعلق الصحيفة أن بوريس جونسون فاز بالقيادة من خلال تبجحه الذي لم يحرك الاتحاد الأوروبي فقط، بل وزاد من المعارضة داخل الحزب أيضًا. وتقول إن “حرق الجسور مع أوروبا هو فعل تخريبي، وليس خليقًا برجل دولة”.

وتشير إلى مخاطر خروج بريطانيا من دون اتفاق مع الاتحاد الأوروبي، مثل تدمير الاقتصاد وتقسيم بريطانيا وعودة العنف إلى جزيرة أيرلندا. ولهذا السبب يقول جونسون إنه يستطيع تجنب خروج صعب من الاتحاد الأوروبي لكنه لم يقل كيف. فهو يعتقد أنه سيحصل على الحماية حالة ضل الطريق وساء الوضع، لكن الحرس الإمبراطوري من التيار المتشدد في المحافظين يفضل أن يعطي على أن يتلقى الأوامر.

وترى الصحيفة أن فوز جونسون هو نتاج لعقود من حمق المحافظين عندما بدأ الحزب بتبني السياسة الشعبوية التي تخوف من أوروبا “يوروفوبيا” قبل عشرين عامًا. فقد قرر المحافظون أن الطريقة الوحيدة للوصول إلى السلطة هي تسييس الهجرة للحصول على أصوات الناخبين، وذلك بالترافق مع دعاية الرافضين لأوروبا التي استمتع جونسون بنشرها.

ومن الجدير بالذكر هنا العودة للتحذير الغريب الذي أصدره زعيم المحافظين ويليام هيغ عام 2001، وهو أن بريطانيا صارت في خطر التحول إلى “أرض أجنبية” يقف فيها “الشعب” ضد “النخبة الليبرالية”. وبعد عام، حثت مارغريت تاتشر -وبطريقة شاذة- بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبي لأنه يجب حماية المجال الناطق بالإنكليزية، مضيفة أن “النازية كانت أيديولوجية أوروبية، فيما كان الرايخ الثالث محاولة للسيطرة على أوروبا”. وصدرت من جونسون تصريحات سخيفة كهذه عندما كان يخوض حملة الخروج من أوروبا عام 2016.

وترى الصحيفة أن ما جرى لحزب المحافظين من تشدد جعل من الاستفتاء على الخروج الوسيلة السياسية المفضلة لتجنب الكشف عن خلافات الحزب بشأن أوروبا. فمثلًا خاض وليام هيغ الحملة على بطاقة الاستفتاء على أي توسيع للسلطات الأوروبية، أما مايكل هاوارد فقد خاض الحملة الانتخابية في عام 2005 على ضرورة عقد استفتاء على دستور الاتحاد الأوروبي.

وعندما أصبح ديفيد كاميرون زعيمًا للمحافظين توقف عن الشعبوبية وهجر الناخبين الذين تم تعبئتهم من سابقيه. وانتهز نايجل فاراغ الفرص وأعلن حزب الاستقلال الذي أجبر كاميرون للتخلي عن مشاريع التحديث قبل ذلك وأعلن عام 2013 عن الاستفتاء، ولم يقتل قراره نايجل فاراغ بل أدى إلى خروج بريطانيا.

وترى الصحيفة أن الدروس الواجب على جونسون تعلمها هي أن المتشددين ينتصرون عندما يقوم الساسة من يمين الوسط بتبني لغة القومية الشعبوية. فنايجل فاراغ الذي يقود حزب البريكسيت يحظى اليوم بشعبية في استطلاعات الرأي. ولو كان جونسون يعتقد أنه قادر على “التعشي بالشيطان” فسيجده جالسًا على الطاولة كضيف وينتهي بحلوى المأدبة. وهذا واضح في العلاقة مع ترامب – الولايات المتحدة، التي تريد من بريطانيا خروجًا صعبًا حتى توقع معها اتفاقية تجارة حرة.

كما أن محاولة الحصول على أصوات المتشددين من الذين صوتوا للخروج قد تنفر الكثير من الناس، وتشهد استطلاعات الرأي حول شعبية جونسون على هذا. فالجماعات الشعبوية تهدف إلى هزيمة الحكومات الدستورية حتى تهاجم الجماعات التي تعتبرها عدوة، ولهذا السبب يجب مواجهتها في داخل وخارج حزب المحافظين.

وفي النهاية، يبدو جونسون مثل مهرج في سيرك، وسيتحرك السير تاركًا وراء بلدًا محطمًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى