تقارير وتحليلات

بريطاني معادي للمسلمين تدعمه شبكة خفية عالمية.. الروس وأنصار ترامب يساندونه

شبكة عالمية واسعة، تبين أنها تدعم الناشط البريطاني المتطرف المعادي للمسلمين تومي روبنسون، الذي تصوره المجموعات اليمينية باعتباره ضحية اضطهاد من قبل مؤسسات الدولة البريطانية.

وينظر القضاء البريطاني في إعادة محاكمة روبنسون بعد إخلاء سبيله عقب الحُكم عليه بالسجن لمدة 13 شهراً بسبب قيامه ببث مباشر، خارج محكمة كانت تنظر قضية اغتصاب متهم فيها باكستانيون.

وقد فعل ذلك رغم وجود قرار قانوني بحظر نشر تفاصيل تلك المحاكمة.

وتحول تومي روبنسون (واسمه الحقيقي ستيفن ياكسلي لينون) إلى رمز لمجموعات اليمين المتطرف في مختلف الدول الغربية.

وأصبح ينظر له كنموذج لليميني الذي يناضل ضد الحكومة اعتماداً على ذاته، ولكن يبدو أن هذا غير صحيح، فقد ظهر أن هناك جهات عديدة تقف وراء الرجل.

فقد كشف تحقيق لصحيفة The Guardian البريطانية عن تلقي هذا الناشط المتطرف، دعماً مالياً وسياسياً ومعنوياً من مجموعة واسعة من الجماعات والأفراد غير البريطانيين، بما في ذلك مراكز أبحاث أميركية، وأستراليين يمينيين إضافة إلى حسابات محسوبة على الحكومة الروسية.

وبالإضافة إلى عدائه للمسلمين فقد قاد روبنسون، مسيرة «خيانة بريكسيت» (المناهضة لأي تقارب مع الاتحاد الأوروبي) في لندن اليوم الأحد 9 ديسمبر/كانون الأول.

 

حملة مليونية لدعم تومي روبنسون على تويتر معقلها أميركا

وقد أدى سجن روبنسون بتهمة ازدراء المحكمة إلى حملة دولية قوية على تويتر.

إذ كُتبت 2.2 مليون تغريدة باستخدام الوسم #freetommy (الحرية لتومي)، وذلك بين شهري مايو/أيار وأكتوبر/تشرين الأول.

واكتشف تحليل أجراه معهد الحوار الاستراتيجي في لندن، بطلبٍ من صحيفة The Guardian، أنَّ أكثر من 40٪ من هذه التغريدات جاءت من الولايات المتحدة، و30٪ من المملكة المتحدة، وأعداد أخرى ضخمة من كندا وهولندا وتسع دول أخرى.

ولكن الأغرب أن عدداً هائلاً من الحسابات المرتبطة بالحكومة الروسية تؤيده أيضاً

ووجدت دراسة منفصلة لحوالي 600 حساب على تويتر، يُعتقد ارتباطها مباشرة بالحكومة الروسية ، أنَّ عدداً كبيراً منها نشر بشكل كبير تغريدات وتعليقات دفاعاً عن روبنسون.

ولدى روبنسون أكثر من مليون متابع على موقع فيسبوك، من أكثر من 12 دولة خارج المملكة المتحدة، بما في ذلك الولايات المتحدة وأستراليا والسويد والنرويج.

وفيسبوك توقف مصدر تمويله

وكان روبنسون، يستخدم، لعدة أشهر، أدواتٍ في فيسبوك مُصمَّمة للجمعيات الخيرية لجمع الأموال لأنشطتها.

ويقول روبنسون إنه جمع مئات آلاف الجنيهات الإسترلينية من خلال التبرعات عبر الإنترنت، التي جاء بعضها عن طريق زر التبرُّع في فيسبوك.

وكان تومي روبنسون قد قال إنه يُخطِّط لاستخدام هذه الأموال في إطلاق نسخة أوروبية من موقع المؤامرات اليميني Infowars، ولمقاضاة الحكومة البريطانية بشأن المعاملة التي تلقاها في السجن.

لكنَّ هذه الأداة مُخصَّصة للجمعيات الخيرية فحسب.

وعندما نبَّهت صحيفة The Guardian فيسبوك لهذا الأمر، أغلقت الشركة هذه الخاصية في غضون ساعات.

ومن المعروف أن تومي روبنسون سُجن لقيامه بالتصوير خارج محاكمةٍ لقضية اغتصاب تضم متهمين من أصول باكستانية في محكمة Leeds الملكية.

وأُطلِقَ سراح روبنسون في الأول من شهر أغسطس/آب بعد أن أمرت محكمة الاستئناف بإعادة محاكمته.

ويُقرِّر المدعي العام حالياً ما إذا كان ينبغي المضي قدماً في إعادة المحاكمة.

وحتى المظاهرات المؤيدة له ممولة كما يتلقى راتباً شهرياً

وأثبت تحقيق الصحيفة البريطانية حقائق لافتة عن حكم وطبيعة الدعم الذي تلقاه روبنسون أهمها ما يلي:

– اعترف مركز أبحاث مقره فيلادلفيا، وهو منتدى الشرق الأوسط، أنه أنفق حوالي 60 ألف دولار (47 ألف جنيه إسترليني) على الرسوم القانونية والمظاهرات، التي نظمها روبنسون في لندن أوائل العام الجاري.

وشاركت واحدة من المديرين التنفيذيين الكبار في المركز عن كثب في التجهيزات لمسيرة نهاية الأسبوع الجاري، لكنَّ مركز الأبحاث قال إنها كانت هناك بصفتها الشخصية.

– موَّل الملياردير الأميركي في مجال التكنولوجيا، روبرت شيلمان، زمالة ساعدت في الدفع مقابل توظيف روبنسون، عام 2017، في موقع إعلامي كندي يميني، the Rebel Media، براتب بلغ حوالي 5 آلاف جنيه إسترليني شهرياً (حوالي 6300 دولار أميركي).

– تقول جماعة أسترالية يمينية صغيرة، Australian Liberty Alliance، إنها ساهمت في تمويل روبنسون، لكنها لم تكشف عن المبلغ المدفوع.

– نشر مركز أبحاث في مدينة نيويورك، وهو the Gatestone Institute، سلسلةً من المقالات الداعمة لقضية روبنسون.

– نشر مركز أبحاث The David Horowitz Freedom، ومقره كاليفورنيا، الذي يصف نفسه بأنه «مدرسةٌ للحرب السياسية»، سلسلةً من المقالات تدافع عن روبنسون، وضغطت لصالحه من أجل أن يخاطب السياسيين الأميركيين.

إنه رجل إنكليزي شجاع يدافع عن الفتيات من اغتصاب العصابات المسلمة

وقال ديفيد هورويتز، المؤسس المشارك للمركز، لصحيفة The Guardian، في رسالة بالبريد الإلكتروني: «تومي روبنسون إنكليزي شجاع خاطَرَ بحياته لفضح وباء اغتصاب الفتيات الصغيرات على يد العصابات المسلمة، الذي تتستَّر عليه حكومتكم المخزية».

وتتلقَّى هذه المراكز البحثية الثلاثة تمويلاً جيداً من مانحين يمينيين مؤثرين، وذلك وفقاً للإقرارات الضريبية التي فحصتها صحيفة The Guardian.

وهو مايشير إلى دعم واسع من قبل اليمين الأميركي المتطرف لتومي روبنسون.

والأم الروحية لكراهية المسلمين تمول المراكز التي تدعمه

وتظهر الإقرارات الضريبية بين عامي 2014 و2016، أنَّ هذه المراكز تلقت ما مجموعه 5 ملايين دولار من عدد كبير من المانحين المليونيرات.

إذ تلقى مركز أبحاث منتدى الشرق الأوسط 792 ألف دولار من مؤسسة ترأسها نينا روزنوالد، وهي الرئيسة المشاركة لشركة American Securities Management.

وكان يطلق عليها في وقتٍ ما «الأم الروحية للكراهية المعادية للمسلمين».

وبين الممولين أكبر مانحي ترامب والحزب الجمهوري

أما مركز David Horowitz Freedom، فقد تلقى مليوناً و638 ألف دولار من خمسةٍ من المُتبرِّعين الأثرياء.

ويُعتَقَد أنَّ أحد هؤلاء المتبرعين واحدٌ من بين أكبر المانحين على الإطلاق للحزب الجمهوري.

وتلقَّى مركز Gatestone أكثر من مليونيّ دولار من التبرعات، بما في ذلك 250 ألف دولار من مؤسسة Mercer Family التي يُموِّلها كبير مانحي ترامب، روبرت ميرسر، وتديرها ريبيكا ابنة هذا الملياردير.

ولكن هذه المراكز تقول إن مشكلتها ليست مع الإسلام بل التطرف

وقد اتُّهِمَت هذه المراكز البحثية الثلاثة، مراراً، بإثارة المشاعر المعادية للإسلام في الغرب ونشر معلومات خاطئة عن اللاجئين المسلمين في أوروبا.

لكنَّ هذه المراكز نفت باستمرار كونها مناهضةً للإسلام.

وقال رئيس منتدى الشرق الأوسط دانيال بايبس، في رسالةٍ بالبريد الإلكتروني: «الإسلام الراديكالي هو المشكلة، والإسلام المعتدل هو الحل، يحارب مركز منتدى الشرق الأوسط من أجل الحق في مناقشة الإسلام والقضايا ذات الصلة مناقشة حرة وقوية ومفتوحة وعامة».

وأضاف بايبس أنه يعتقد أنَّ روبنسون تعرَّض للاضطهاد بسبب آرائه لا تصرفاته خارج قاعة المحكمة.

وقال: «في شهر مايو/أيار 2018، وفي غضون خمس ساعات فحسب، أُلقِيَ القبض على روبنسون وحوكم وأدين وحُكِمَ عليه بالسجن 13 شهراً، وسُجِن. يبدو ذلك كما لو كنَّا في جمهورية موز لا موطن الماجنا كارتا (الميثاق الأعظم الذي يعتبر بداية الديمقراطية)».

إننا نؤيد المسلمين ولكننا نريد حمايتهم من الرجم

وقد نفت روزنوالد وGatestone، بشدة كونهما معاديتين للإسلام. وقالت المؤسسة في مقال بلغ طوله 5000 كلمة، في شهر مايو/أيار إنها «أبعد ما تكون عن معاداة المسلمين» وإنها «مؤيدة للمسلمين» وإنما لا تريد رؤية «المسلمين وهم يحرمون من حرية التعبير أو يتعرَّضون للجلد أو الرجم حتى الموت بتهمة الزنا المزعوم».

وقال متحدثٌ رسمي باسم المركز: «إنَّ Gatestone منصةٌ لحرية التعبير وتنشر مئات المقالات عبر الإنترنت سنوياً عبر مجموعة متنوعة من وجهات النظر، بما في ذلك مقالات يكتبها مسلمون، ولا تصادق على تعليقات جميع المساهمين فيها».

ولم يرد روبنسون وشيلمان وعائلة ميرسر على الطلبات المُفصَّلة للتعليق، حسبما ورد في تقرير الصحيفة البريطانية.

إذن إنه ليس رجلاً شجاعاً يواجه الحكومة البريطانية وحده

ويقوض هذا الدعم الذي يحصل عليه روبنسون من مجموعات بارزة وذات تمويل جيد، من صورته بوصفه يمينياً شعبوياً مستضعفاً يعتمد على الذات، تحاول المؤسسة البريطانية إسكات أجندته المعادية للإسلام.

وكان روبنسون قد عُيِّنَ مؤخَّراً مستشاراً رسمياً لحزب استقلال المملكة المتحدة (UKip)، الذي يدعم مسيرته المؤيدة لبريكسيت يوم الأحد.

وقد تسبب احتضان الحزب له في تمزُّق الحزب ودفع اثنين من القادة السابقين، نايجل فاراج وبول نوتال، ومئات الأعضاء على تركه.

وكتب فاراج لصحيفة Daily Telegraph البريطانية، في معرض إعلان استقالته الأسبوع الجاري بعد 25 سنة في الحزب: «إنَّ فكرة كون تومي روبنسون في مركز النقاش حول بريكسيت، في حد ذاتها أفظع من أن يجري التفكير فيها».

كما أن روبنسون نفسه ينفي كونه عنصرياً، رغم تصريحاته المسيئة

وكان روبنسون قد أسَّسَ رابطة الدفاع الإنكليزية (EDL)، وهي جماعةٌ يمينية معادية للمسلمين، عام 2009.

ومنذ ذلك الحين تمزَّقَت هذه الرابطة وضعفت. وكثيراً ما يشتكي روبنسون من تعرُّضه للتشهير بوصفه عنصرياً، ويصر على أنه لا يهتم بلون البشرة وأنَّ اعتراضه على الأيدولوجية السياسية الإسلاموية لا المسلمين أنفسهم.

ومع ذلك، فقد صُور روبنسون وهو يقول أشياء من قبيل: «الصوماليون متخلفون برابرة» والمسلمون البريطانيون «محاربون أعداء يريدون قتلك وتشويهك وتدميرك» واللاجئون «يعيثون في البلاد اغتصاباً».

ووَلَّدَ خبر سجن روبنسون في الـ25 من شهر مايو/أيار، موجة من التغريدات المؤيدة له.

ولكن لماذا يروج الكرملين لهذا الناشط المعادي للمسلمين؟

وأظهر تحليل للـ2.2 مليون تغريدة على وسم #freetommy بين شهري مايو/أيار وأكتوبر/تشرين الأول 2018، أنَّ 42٪ منها جاءت من الولايات المتحدة، وذلك بحسب بحث أجراه معهد الحوار الإستراتيجي.

واكشف بحث ثان أجراه مركز أبحاث Alliance of Securing Democracy وجود دعم من مجموعة تضم 600 حساب قالت إنهم مصطفون مع الكرملين.

واستأثرت التغريدات المؤيدة لروبنسون بثلاثة من أصل أكثر خمسة وسوم (هاشتاغجت) استخدمتها هذه الحسابات في الـ27 من شهر مايو/أيار.

وأشار معظم المستخدمين إلى مقالات على مواقع Infowars، وBreitbart، وVoice of Europe اليمينية، وذلك بحسب الباحثين.

إنهم يريدون تضخيم الانقسامات في المملكة المتحدة

وفي حين أن اليمين في الولايات المتحدة يبدو أنه يؤيد روبنسون بسبب مناهضته للمسلمين والاتحاد الأوروبي، فإن الروس لديهم أهدافهم الخاصة من تأييدهم لهذا الرجل.

إذ قال بريت شافر، مُحلِّل الشبكات الاجتماعية في مركز أبحاث تحالف تأمين الديمقراطية في الولايات المتحدة: «يشير هذا التركيز المكثف على قضية تومي روبنسون في أواخر شهر مايو إلى أنَّ الحسابات المرتبطة بروسيا اعتبرت اعتقاله فرصة لتضخيم الانقسامات السياسية في المملكة المتحدة وخارجها على حدٍّ سواء».

ووصف فايز موغال، مؤسس موقع Tell Mama، الذي يسجِّل جرائم الكراهية ضد المسلمين، الدعم الأميركي والروسي لروبنسون بأنه تدخل أجنبي.

وقال موغال: «ينبغي أن يزعج ذلك الأمر أيَّ شخصٍ يُقدِّر المبادئ الديمقراطية التي تأسس عليها بلدنا».

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى