تقارير وتحليلات

تباينات إسرائيلية حول الرد على تركيا ومستقبل العلاقة معها

ما زال التوتر الذي يخيم على العلاقات الإسرائيلية التركية يلقي بظلاله على النقاش الإسرائيلي السائد في الأيام الأخيرة، بين مطالب باتخاذ خطوات عقابية ضد أنقرة على مواقفها المؤيدة للفلسطينيين في غزة، وأخرى تدعو للتروي خشية على المصالح التجارية المتبادلة.

و نقلت صحيفة معاريف عن وزير المالية موشيه كحلون تأكيده على أن “العلاقات الاقتصادية مع تركيا مهمة لإسرائيل، ولن يتم الإضرار بها، رغم التوتر السياسي بين البلدين”.

فيما أوضحت مساعدة وزير الخارجية تسيفي حوتوبيلي في تصريحات لصحيفة معاريف، ترجمتها “عربي21” أن “إسرائيل قررت عدم قطع العلاقات مع تركيا بعد إجرائها سلسلة مشاورات، ومع ذلك فإن الاعتراف بمذابح الشعب الأرمني ليست على الأجندة اليوم”.

 

وأضافت أن “إسرائيل قررت اتخاذ خطوات متوسطة دون الذهاب إلى الخيار الأصعب في العلاقات مع أنقرة، لأن تركيا دولة مهمة في المنطقة، وكل الرحلات الجوية الإسرائيلية تمر فوق أجوائها، هناك علاقات تجارية كبيرة بيننا، وجالية يهودية كبيرة بحاجة إلى إسناد إسرائيلي، ويجب المحافظة عليها”.

 

لكن وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان طالب “باتخاذ خطوات بعيدة المدى ضد تركيا، من خلال عزلها في الساحة الدولية، وكشف وجه أردوغان الحقيقي المعادي للسامية، والتعجيل بإقامة دولة كردية في شمال سوريا، والاعتراف بالمذبحة الأرمنية” حسب زعمه.

من جهة أخرى زعم باحث إسرائيلي في صحيفة إسرائيل اليوم أن “الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تحول إلى تهديد حقيقي للسلام في المنطقة، لأن خطواته الأخيرة ضد إسرائيل دلت على ذلك، وباتت السياسة الخارجية لبلاده مصبوغة بصبغة إسلامية صرفة، لم تعد ترى في إسرائيل حليفا لتركيا”.

 

وأضاف البروفيسور أفرايم عنبار، رئيس معهد القدس للدراسات الاستراتيجية، في مقاله الذي ترجمته “عربي21” أن “أردوغان الذي يحكم البلاد منذ 2002 يسعى للابتعاد عن صورة الجمهورية التركية الكمالية والغرب، وينتهج سياسة أقرب ما تكون للإسلامية والعثمانية الجديدة، عبرت عنها بصورة واضحة تصريحاته المعادية جدا لإسرائيل خلال العقد الأخير، لأنه لا يرى فيها حليفا في المنطقة، بل إن اقترابه منها قد يعرقل تطوير علاقاته في العالم الإسلامي”.

 

وأوضح أن “أردوغان لديه مشاعر خاصة تجاه القضية الفلسطينية لا يخفيها، كما أنه لا يحب اليهود، وسجله الإعلامي مزدحم بعبارات معادية للسامية، ما جعل من تركيا في عهد أردوغان من أكثر الدول دعما لحماس، فقياداتها يستقبلون باحترام كبير في أنقرة، ويلتقون بأرفع المستويات القيادية في الدولة التركية، كما أن مكتب حماس المقيم هناك منخرط في محاولات تنفيذ عمليات مسلحة ضد إسرائيل، وتقوية نفوذ الحركة في الضفة الغربية”.

 

وأشار عنبار إلى أن “إسرائيل كانت معنية بعلاقات من الصداقة الودودة مع تركيا، باعتبارها قوة إقليمية هامة، ورغم التوتر الأخير في العلاقات فلا يبدو أن تل أبيب معنية بتصعيد التوتر مع أنقرة، في ظل آمال تعقدها الحكومة الإسرائيلية على ألا تمضي نظيرتها التركية في مواقفها العدائية بعيدا”.

 

وتحدثت الصحيفة عن “ظهور أصوات إسرائيلية تريد معاقبة تركيا من خلال سن قانون في الكنيست للاعتراف بمذابح الشعب الأرمني، لكن ذلك سيعمل على زيادة الهوة مع العديد من الأوساط التركية التي لا تبدي تعاطفا مع نظام أردوغان الحالي”.

 

في الوقت ذاته، يقول الباحث إن “إسرائيل مطالبة بإشعال الأضواء الحمراء أمام القوى العظمى في العالم لإظهار أن تركيا أردوغان تشكل خطرا على المنطقة، كونها تثير نزاعا مع جارتها اليونان حول الحدود المشتركة، وتتعامل باستعلاء مع قبرص، حيث إن ثلث أراضيها تحتلها القوات التركية، ولديها تواجد عسكري واضح في العراق وسوريا، وقواعد عسكرية في قطر والسودان، وتطمح لإقامة جبهة عسكرية ضد إسرائيل في هضبة الجولان”.

 

وختم بالقول إن “كل ذلك يتطلب من إسرائيل التواصل مع الإدارة الأمريكية والكونغرس لوقف بيع صفقة أسلحة الطائرات المقاتلة من طراز إف-35، إلى تركيا، ومنع تزويدها بأي معدات قتالية نوعية تعمل على زيادة قدراتها العسكرية وإمكاناتها الحربية، لأن تركيا أردوغان لم تعد حليفا للغرب، وتقوية الجيش التركي من شأنه تشجيع أردوغان على القيام بمزيد من الخطوات الميدانية في المنطقة، بما يزعزع الاستقرار الأمني في الشرق الأوسط، وهكذا باتت تركيا مشكلة جدية لإسرائيل”.

 

أما مدير شركة كونكورد للشرق الأوسط دورون باسكين، فكتب في صحيفة كالكاليست الاقتصادية أنه “رغم التوتر السياسي بين أنقرة وتل أبيب فإن الحركة التجارية بينهما آخذة بالتزايد، فمن باب المقارنة فإنه عام 2002 عشية صعود أردوغان إلى الحكم في بلاده شهد وصول معدل التبادل التجاري بينهما إلى 1.4 مليار دولار سويا، أما اليوم في 2018 فيبلغ أكثر من خمسة مليارات دولار سنويا”.

 

وأضاف أن “أزمة سفينة مرمرة، وهي الأخطر في علاقات البلدين، لم تؤثر على العلاقات الاقتصادية بينهما، بل إنها تنامت عام 2009 من 2.6 مليار دولار إلى 5.8 مليار دولار في 2014، وفي عام 2017 تزايدت الحركة التجارية المتبادلة بينهما بنسبة 14%”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى