تقارير وتحليلات

ترامب اعتبره عاراً والحقوقيون يرونه تاريخياً.. لماذا يعد قرار إدانة الكراهية الأمريكي خبراً ساراً للمسلمين

بعد أن وافق مجلس النواب الأمريكي الخميس 7 مارس 2019، لأول مرة في تاريخه، على قرار من شأنه إدانة الكراهية، ومعاداة السامية، فضلاً عن الاعتراف بالتعصب والتمييز ضد المسلمين، وصف الرئيس دونالد ترامب القرار «بالعار» فيما أشاد به مجلس العلاقات الأمريكية-الإسلامية معتبراً إياه خطوة تاريخية للتصدي «للإسلاموفوبيا»، ويراه مراقبون بالخطوة «الرمزية» لكنها إيجابية وتصب في صالح مسلمي بلاد العم سام.

القرار يطرح تساؤلات أهمها هل سيؤدي تجريم التمييز ضد المسلمين إلى تراجع الهجمات العنصرية من اليمين المتطرف فيما يعرف بجرائم الكراهية والتي زادت وتيرتها بشكل مخيف منذ وصول ترامب للبيت الأبيض؟

القرار رمزي لكنه إيجابي

«مشروع القرار الذي مرره مجلس النواب ليس قراراً ملزماً ولكن تأتي أهميته الرمزية من تضمينه خطاب ولغة الكراهية ليس فقط ضد اليهود. ومن هذه الزاوية القرار يعد خبراً جيداً لمسلمي أمريكا،» هذا ما يراه محمد المنشاوي المتخصص في الشؤون الأمريكية لعربي بوست.

ويتفق معه تقريباً في الرأي «محمد سليمان» الباحث في جامعة جورج تاون الأمريكية الذي رد على نفس السؤال لعربي بوست، قائلاً: «مشروع القرار هو توافق داخل الحزب الجمهوري بين الجناح التقدمي والمؤسسة التقليدية، ولكنني أرى أنه من الصعب أن يقوم القرار بوقف الهجمات ضد المسلمين بسبب وضع الإدارة الأمريكية الحالية واتجاهاتها المعادية للمسلمين،» مستشهداً بـ «تصريحات ترامب وقرار نقل السفارة الأمريكية للقدس ومنع مواطنين من عدة دول عربية وإسلامية من زيارة الولايات المتحدة».

البداية اسمها «إلهان عمر»

جاء التصويت على القرار بأغلبية ساحقة حيث وافق عليه 407 مقابل 23 صوتاً رافضاً – جميعهم من الحزب الجمهوري. المناقشات الحامية التي سبقت التصويت تركزت حول تصريحات كانت أدلت بها النائبة المسلمة «إلهان عمر» واتهمت على إثرها بمعاداة السامية، لكن القرار لم يشر إليها صراحة في أي من نصوصه.

«عمر» النائبة الديمقراطية من مينيسوتا كانت قد انتقدت قبل أيام جماعات الضغط (اللوبيات) اليهودية التي تعمل لصالح إسرائيل:

«لا يجب أن يتوقع أحد أن يكون ولائي وعهدي هو مساندة دولة أجنبية (إسرائيل) كي أتمكن من خدمة بلدي في الكونغرس أو أن أخدم دائرتي».

عقب تلك التغريدة تعرضت «عمر» لوابل من الانتقادات من الحزبين ومن الإعلام الأمريكي، حيث تم اعتبار تصريحاتها «معاداة للسامية»، لكن على الجانب الآخر وجدت النائبة تعاطفاً كبيراً ودعماً ليس فقط من جانب زميلتها النائبة المسلمة الأخرى «رشيدة طليب» ولكن أيضاً من بعض الجماعات اليهودية غير المتطرفة والتي لا تعتبر انتقاد إسرائيل «معاداة للسامية».

ترامب يصف القرار بـ»العار»

رد فعل ترامب لم يكن غريباً فهو متسق مع سياساته وتصريحاته التي يراها معارضوه في الداخل والخارج نموذجاً لما يدينه القرار.

«أعتقد أن قرار مجلس النواب بمثابة العار، لأن الحزب الديمقراطي أصبح حزباً معادياً لإسرائيل ومعادياً لليهود» ترامب أخبر الصحفيين في البيت الأبيض عقب التصويت.

لم يكن غريباً على الرئيس أن يتجاهل تماماً الإشارة إلى الاعتراف التاريخي بالتمييز ضد المسلمين فكثير من المراقبين يرونه أبرز الأمثلة على ذلك التمييز في أفعاله وتصريحاته.

ترامب كان قد غرد قبل يوم من التصويت منتقداً الحزب الديمقراطي بسبب ما أسماه «رفض التحرك لمواجهة معاداة السامية»، في إشارة لإلهان عمر.

يوم عظيم في تاريخ أمريكا

 

على النقيض، غردت «عمر» على حسابها الرسمي بعد التصويت على القرار – وهي من الأصوات المؤيدة – بإصدار بيان باسمها مع «طليب» وأيضاً أندريه كارسون عن إنديانا، أثنوا فيه على القرار:

«هذا يوم تاريخي في مسيرة أمتنا. لأول مرة نقوم بالتصويت لصالح قرار يدين التمييز ضد المسلمين، فالجرائم التي تستهدف المسلمين زادت بنسبة 99% بين عامي 2014 و2016 ولا تزال في ارتفاع.

«نشعر بالفخر الشديد كوننا جزء من مجلس أصدر قراراً يدين كافة أشكال الكراهية بما فيها معاداة السامية والتمييز العنصري ومعاداة المسلمين وتفوق الجنس الأبيض. في الوقت الذي تزداد فيه حدة التطرف لابد لنا أن ندين بشكل صريح التعصب الديني بكل أنواعه وأن نعترف بالآلام التي تعانيها جميع الفئات. إن أمتنا تمر بفترة من الجدل الشائك ونعتبر اليوم أننا حققنا خطوة كبيرة للأمام.»

 

«كير» تطلب من الناخبين توجيه الشكر للنواب

مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية «كير» – أكبر منظمة حقوقية إسلامية في الولايات المتحدة – اعتبر القرار خطوة هائلة في صالح مسلمي أمريكا وأصدر بياناً يطالب فيه الناخبين بتوجيه الشكر للنواب الذين صوتوا لصالح القرار.

ينص القرار بجانب إدانة معاداة السامية، على رفض أي شكل من أشكال التمييز ضد المسلمين، إضافة إلى التعصب ضد الأقليات سواء عبر «التعبيرات البغيضة أو تلك التي تتناقض مع قيم وتطلعات مواطني الولايات المتحدة».

كما أشار القرار، لأول مرة في تاريخ «النواب» الأمريكي، على تزايد الجرائم المرتكبة ضد المسلمين، حسب صحيفة «يو إس أيه توداي» الأمريكية.

هل تتساوى معاداة السامية مع انتقاد إسرائيل؟

بما أن القرار نبع بالأساس من تصريحات إلهان التي وضعتها في مرمى نيران اللوبي اليهودي الداعم لإسرائيل، فهل يعني القرار أن من ينتقد السياسات الإسرائيلية يصبح معادياً لإسرائيل؟

«تعكس تصريحات إلهان عمر تغيراً جيلياً داخل الولايات المتحدة حول الخط الفاصل بين معاداة السامية وانتقاد سياسات إسرائيل في الأراضي المحتلة. حجم التأييد الواسع من خارج منظومة الحزبين الديمقراطي والجمهوري لحق عمر في انتقاد النفوذ الإسرائيلي في السياسة الأمريكية يعكس ذلك التغيير,» طبقاً لمحمد سليمان.

«من الصعب أن يمنع القرار تصريحات تنتقد إسرائيل لأن سياساتها وارتباط نتنياهو بترامب جعلها تحت مرمى نيران السياسة الأمريكية».

وأضاف سليمان لعربي بوست، «التشريع يعني ازدياد تأثير اليسار الأمريكي على صناعة القرار داخل أروقة الحزب الديمقراطي تحديداً. هناك 3 مرشحين محتملين عن الحزب الديمقراطي «بيرني ساندرز» و»كاميلا هاريس» وإليزابيث وارن» قاموا بدعم إلهان عمر ضد النسخة الأولى لإدانتها في الكونغرس بسبب تصريحاتها عن إسرائيل والإيباك (أكبر جماعات الضغط اليهودية الداعمة لإسرائيل)».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى