تقارير وتحليلات

ترامب لا يستطيع مواجهة الروح الوطنية الفلسطينية

قال جيمس زعبي، مديرالمعهد العربي الأمريكي في مقال له بموقع «لوبلوغ» إن ادارة الرئيس الاميريكي دونالد ترامب قامت في الأسابيع القليلة الماضية باتخاذ سلسلة من القرارات المتعاقبة بهدف معاقبة الشعب الفلسطيني. ووافق بعض المحللين على فكرة هذه القرارات الصادرة من البيت الأبيض هي قرارات موازية لقرارات القيادة الفلسطينية، أو أنها تصب في مسار تعديل موقف الفسطينيين ودفعهم نحو طاولة مفاوضات فعالة ومباشرة مع الجانب الإسرائيلي.

«أنا لا اوافق»، يقول زغبي، الذي يرى أن مجموع القرارات الصادرة عن إدارة ترامب هي شاملة ومتمادية وتحمل نذير شؤم. واشار إلى ما فعلته الإدارة حتى الآن، مثل قطع المساعدات الأمريكية عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) والتي تقدم الأعمال ذات الطابع الإنساني من تطوير لمشاريع وبرامج في الضفة الغربية وقطاع غزة ، كما أنهت الدعم المالي المخصص من الكونغرس للمستشفيات الفلسطينية العاملة في شرقي القدس. إضافةً إلى هذه القرارات التي تمس الجانب المدني، قامت الإدارة بإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، بالتوازي مع إعلانها عن خطط تهدف إلى إعادة تعريف «اللاجئ الفلسطيني» حسبما تراه.

وفي الوقت نفسه استجاب البيت الأبيض لمشروع «الدولة اليهودية القومية» الذي أقره «الكنيست» الإسرائيلي وتغاضى عن خطط لبناء آلاف الوحدات الإستيطانية والتي تستهدفت مناطق حساسة إما في القدس الشرقية العربية أو حتى في قلب الضفة الغربية. ناهيك عن تمريرها مخطط هدم القرية العربية «الخان الأحمر» إضافةً إلى بضعة بيوت فلسطينية مقدسية.

وفي مقابلة حديثة مع الصحيفة الإسرائيلية التي يملكها الملياردير شيلدون أديلسون قال السفير الأمريكي لإسرائيل ديفيد فريدمان المتفاخر بنجاحه بنقل السفارة الأمريكية من تل ابيب إلى القدس إن العلاقات الإسرائيلية-الأمريكية دخلت «مرحلة جديدة» وقال: «نحن لا نخبر إسرائيل ما يجب أن تفعل»، مشيراً إلى قدرة إسرائيل على التعامل بحصانة مع الجانب الفسطيني والأراضي المحتلة لأن وجهة النظر الأمريكية الجديدة وهي أن القرار هو بيد إسرائيل. وفي مقابلة مستقلة وموازية،.

وصف جاريد كوشنر تحركات الإدارة الأخيرة في هذا الشأن بأنها ضرورية لإزالة «الحقائق الزائفة» من ملف التسوية مشيراً إلى إخراج ملف القدس واللاجئين من طاولة المفاوضات. ويقول زغبي إن مجمل هذه القرارات تعطي صورة أن إدارة ترامب تبنت وجهة النظر المتشددة لحزب الليكود. فهذا الحزب لا يرفض فقط حق الفلسطينيين بتقرير مصيرهم بل ولا يتقبلون فكرة « الشعب» الفلسطيني. كل هذه الخطط التي أعلنت عنها الإدارة الأمريكية ستقطع الإتصال بين الضفة الغربية وغزة وتترك القدس الشرقية و 28 قرية فلسطينية عالقة وسط «القدس الكبرى» التي ضمتها إسرائيل.

 

كما أن خطط ترامب خنق الأونروا وتعطيل خدماتها للفلسطينيين في مخيمات الأردن ولبنان وسوريا لن تجبرهم فقط على التخلي عن ممتلكاتهم بل وحق العودة وستسلمهم المفوضية السامية للاجئين إلى دول أخرى لإعادة توطينهم. ولو نجحت استراتيجية ترامب فسيتم تفكيك الفلسطينيين وتشريدهم ومحو وجودهم حسبما تريد الإدارة وإسرائيل. ومنحت إدارة ترامب الإسرائيليين صكا مفتوحاً: القدس ونهاية «مشكلة اللاجئين» والحق بتقرير مصير الفلسطينيين والحرية لهدم وتدمير وبناء حسبما يريدون في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإجبار الفلسطينيين المحرومين اقتصاديا إما على الإستسلام أو الرحيل.

ويرى زغبي أن ما تقوم به الإدارة الامريكية الحالية يعيد للأذهان عهداً سابقاً عندما أشارت فيه الصهيونية لفلسطين على أنها «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض» وغولدا مائير التي قالت إنه «لا يوجد شيء اسمه الشعب الفلسطيني ـ فلا يوجد» أو الزعم الصهيوني اليهودي بأن الرب أعطاهم الأرض وعليهم التعامل بقسوه مع «الأغراب» الذين يجدونهم هناك. ويقول إن هذا الرفض من المتشددين الإسرائيليين للفلسطينيين كأمة وشعب وبحقوق انتهى مع اتفاقيات أوسلو التي وقعت قبل ربع قرن حيث اعترف فيها الفلسطينيون والإسرائيليون بحق تقرير المصير لكل طرف وما بقي من قضايا تحل من خلال الإعتراف المتبادل. وفشلت الإدارات الأمريكية المتعاقبة بإجبار الأطراف على تنفيذ هذه الإتفاقيات. فبدلاً من «الضرب والحديد ساخن» ضيعت إدارة بيل كلينتون وقتاً ثميناً لاعتقادها أن الفلسطينيين والإسرائيليين سيتوصلون للحل بأنفسهم وسمحت للمتشددين الإسرائيليين والفلسطينيين ونواب في الكونغرس لتخريب الإتفاقيات.

ويقول زغبي إنه كتب بناء على زياراته المتعددة لفلسطين/إسرائيل حيث شاهد توسع أشكال القمع الإسرائيلي ونمو المستوطنات وزيادة حس المرارة واليأس بين الفلسطينيين بسبب الفقر والبطالة «إذا كانت هناك «عملية سلمية» فقد نسي البعض إخبار قوات الإحتلال الإسرائيلية والشعب الفلسطيني».

وتحول الوضع من سيئ إلى أسوأ وأصبحت السياسة الإسرائيلية أكثر تشدداً وتحولت السلطة الوطنية تابعة اقتصادياً وقوة أمن لا سلطة حقيقية لها على المناطق التي تديرها. وفشلت الولايات المتحدة بمعالجة التناقض في الوضع: إسرائيل تحصل على كل شيء أما الفلسطينيون فلا شيء. وظلت تعمل مثل راع عاجز «للعملية السلمية» التي تموت وأحياناً كراع غير نزيه ومساعد لتصرفات إسرائيل السيئة. ثم ماتت العملية السلمية ولم يعلن عنها ولم يعترف بموتها رغم ان جزءاً قليلاً من العملية بقي.

وبوصول إدارة ترامب إلى السلطة انتهى القناع عن الخرافة وأخذت شكلها من خلال تصرفات الإدارة الأخيرة حيث بدت «الصفقة الكبرى» كوصفة لتركيع الفلسطينيين وقبولهم بالرؤية الصهيونية وليس تحقيق السلام. وكما كتب معلق إسرائيلي ساخراً «سحب ترامب أولاً القدس عن طاولة المفاوضات ثم ملف اللاجئين وكل ما عليه عمله هو سحب الفلسطينيين عن الطاولة وسنطلق على كل هذا سلاماً؟!».

لكن ليس بعد، فرغم الحالة الفلسطينية العاجزة لم تكن منظمة التحرير الفلسطينية ولا السلطة الوطنية او «الأونروا» هي التي خلقت وحافظت على الطموحات الفلسطينية، لكنها جسدت هذه الطموحات وقد تختفي هذه المؤسسات أو تنهار لكن إرادة الشعب الفلسطيني ستعيش.
ومن يحاول تجاهل إرادته أو حقيقة بقاء فلسطين بالنسبة للشعوب العربية «الجرح في القلب الذي لا يندمل» عليه الحذر من نتائج جهله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى