تقارير وتحليلات

تفاصيل مقتل الألماني “عمر الشريف” وزير التعليم بداعش الملقب بـ”ذو القرنين”

في الوقت الذي أكدت فيه وسائل إعلام ألمانية، مقتل رضا صيام، أحد أعضاء «داعش» الألمان رفيعي المستوى، بدأت تتكشف تفاصيل كثيرة عن شخصية هذا الألماني.

كان يُسمي نفسه «ذو القرنين»

فقد كان صيام، العراقي الأصل، وجهاً إسلاموياً مشهوراً بألمانيا، وذا تاريخ حافل في المواقف الإشكالية مع السلطات والصحافة.

وعاش في بدايات قدومه إلى ألمانيا (وصل في عام 1987) ببلدة «نوي-أولم» في بافاريا، حيث كان -وفقاً لصحيفة «بي تزت» البرلينية- على صلة بما يُسمى «مولتيكولتور هاوس-بيت متعدد الثقافات» الإسلامي، الذي أغلقته السلطات الألمانية في عام 2005، بعد أن ذاع صيته بأنه كان من الأماكن التي زارها مُنفِّذا هجمات 11 سبتمبر، محمد عطا وسعيد باحاج.

وعاش في التسعينيات بعض الوقت مع زوجته الأولى الألمانية بالبلقان، حيث كان يُنتج فيديوهات دعائية عن المقاتلين الإسلامويين في حرب البوسنة، وفقاً لموقع «دي فيلت» الألماني.

وثارت الشكوك في عام 2002 حول تخطيطه أو احتمالية تمويله هجمات بالي الإرهابية التي أودت بـ 202 شخص، واعتقلته السلطات الإندونيسية قبل أن تطلق سراحه بعد عدة أشهر وتُسلِّمه لألمانيا. ورافقه عناصر من الشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية للبلاد؛ لمنع خطفه من قِبل الاستخبارات الأميركية.

وكان صيام ينتمي إلى قادة مسجد «الصحابة» السلفي، الذي تم تأسيسه بحي برلين-فيدينغ في عام 2010، حيث كان يتواصل بشكل مكثف هناك بمغني الراب السابق كوسبرت، بحسب صحيفة «برلينر كورير».

وكان يحصل مع زوجة الثانية وأولاده السبعة على مساعدات اجتماعية من الدولة في برلين، تصل إلى 2300 يورو شهرياً.

وغادر صيام ألمانيا في عام 2012 إلى مصر، ومنها إلى سوريا، حيث يُعتقد أنه انضم إلى «داعش»، وبقي على تواصل مع عائلته.

ظهر لاحقاً بصفته وزير التعليم لدى تنظيم «الدولة الإسلامية»، حيث أجرى تعديلات عديدة على النظام التعليمي العراقي في ثاني أكبر مدينة بالعراق؛ كالفصل بين الجنسين، وفرض ارتداء النقاب على الطالبات منذ المرحلة الابتدائية، وأن يكون جميع الطلاب جاهزين للقتال لصالح التنظيم، بحسب مجلة «شتيرن«، التي قالت إنه يُعتقد أن الكثير من الطالبات تزوجن قسراً، بتعليمات من «صيام»، مقاتلين في «داعش».

حصل على حق تسمية ابنه «جهاد»

ولفت «صيام» الأنظار إليه في عام 2009، بحصوله على حق تسمية ابن له «جهاد» أمام المحكمة في برلين، التي كان يعيش فيها منذ عام 2004 وحتى مغادرته البلاد؛ إذ رفضت دائرة الأحوال الشخصية في البداية تسجيله بهذا الاسم.

وقال صيام في واحدة من مقابلاته النادرة مع وسائل الإعلام، على القناة الألمانية الأولى في شهر مايو 2012: «نحن مطالَبون بقتال الذين يقاتلون الإسلام حتى آخر نفَس».

 

وجاءت المقابلة ضمن تغطية القناة شجاراً جماعياً ذائع الصيت في ألمانيا، بين أنصار اليمين المتطرف والسلفيين بمدينة بون، والذي أدى إلى إصابة 29 شرطياً بجراح، أحدهم بسكين أحد السلفيين، حيث ظهر صيام هناك وهو يصوِّر لأجل الفيديوهات الدعائية التي كان ينشرها حينذاك على موقع إلكتروني كان يديره. وكان مغني الراب كوسبرت أيضاً موجوداً خلال تلك المشاجرة.

وهاجم حينذاك أيضاً طاقم تصوير تلفزيون «شبيغل تي في» عندما اقتربوا منه حينما كان في سيارته، وسألوه عما كان يفعله ببون في أثناء تلك المشاجرة.

وتُظهر لقطات تلفزيونية تم تصويرها، كيف نزل من السيارة وبدأ بالتعدي على الكاميرا؛ ما أسفر عن خسائر مادية بعدة آلاف من اليوروات، بحسب القناة. وتمكنت الشرطة التي وصلت للمكان من إيقافه، وتم تحرير دعوى ضده بمحاولة إلحاق أذى بدني خطير بالآخرين.

زوجته الأولى شهدت ضده

أما زوجته الأولى، وهي ألمانية، فكانت قد قررت بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، أن تشهد ضد زوجها الذي تعيش معه مدة 15 عاماً، وتواصلت مع الاستخبارات الداخلية الألمانية، بعد أن بدأت تسمع وتشاهد صور أشخاص تعرفهم.

وباتت ضمن برنامج حماية الشهود، الذي دمّر حياتها، خائفة من الانتقام، تعيش بـ5 أسماء مستعارة حتى الآن، متنقلة بين 60 مكان إقامة في مختلف مناطق ألمانيا.

وأوضحت أن ما دفعها للتعاون مع السلطات هو مشاهدتها المستشار غيرهارد شرودر حينذاك يتوعد على التلفزيون بمعاقبة مَن يعرف العناصر الإرهابية أو هناك علاقة تربطه بهم.

وظهرت الزوجة دوريس (اسم مستعار) في وثائقي على قناة «في دي إر» في شهر فبراير الماضي، وتحدثت عن قصة زواجها منه، وكيف تعرفت عليه في مقهى، كان يتحدث خلال اللقاء الأول بلغة ألمانية ركيكة، مبدياً رغبته بالزواج والبقاء في ألمانيا.

زوجته شبهته لـ»عمر الشريف»

يقول مُعد الوثائقي إن صيام، الذي كان يُشبه في هيئته عند وصوله لألمانيا الفنان عمر الشريف، كان يحتفل حينها مع عائلة زوجته بالأعياد المسيحية ويدخن ويشرب الكحول. وتتحدث دوريس عن تعلمه اللغة الألمانية بسرعة خلال عام واحد.

تقول دوريس إنها لم تكن تعرف بحقيقة زوجها السابق الذي تعتبر أنه وصل لألمانيا كعنصر من «خلية نائمة»، بل بعد سنوات طويلة فحسب، واصفة إياه بـ «اليد اليمنى» لأسامة بن لادن، زعيم القاعدة.

ويتحدث الوثائقي كيف أن صيام كان يعمل بعد زواجه كسائق أجرة وكمساعد في المطبخ ومصور فيديو هاوٍ، وحصل على الجنسية الألمانية، قبل أن يستيقظ «العنصر الإرهابي النائم» أواسط التسعينيات ويصبح مناصراً لـ «خطيب الكراهية» المصري يحيى يوسف، على حد وصفه. وبينت دوريس أن زوجها تغيّر وتوقف عن العمل، ولم يكن صادقاً معها، وتتذكر استخدامه جوازات سفر متعددة للسفر لوجهات مختلفة.

وبحسب الوثائقي، توجه صيام للبوسنة والهرسك يناصر «المجاهدين»، راوياً لزوجته أنه يعمل ضمن مهمة إغاثية، لتصدقه وتسافر معه إلى هناك وإلى السعودية، وتعتنق الإسلام وتبدأ بتعلّم العربية، وتلبس النقاب وتغادر الغرفة عندما كان يحضر زوّار زوجها.

ويقول إن دوريس كانت تتنصت عليه عندما كان يستقبل الضيوف، حتى عندما حضر أسامة بن لادن، فضربها رضا وهددها بالقتل عندما أرادت الهرب، ووضع مراقبة عليها.

ويشير الوثائقي إلى أن زوجها «الجهادي» كان يجبرها على مشاهدة الإعدامات، وخبّأ 500 ألف مارك ألماني في سيارته. تقول الزوجة السابقة إنها لا يمكن إثبات تمويله لهجمات 11 سبتمبر.

 

وتشير تقديرات الأجهزة الأمنية الألمانية إلى مغادرة قرابة 1000 جهادي ألمانيا منذ العام 2013 للانضمام لـ «داعش» و «المجموعات الإرهابية» الأخرى في العراق وسوريا.

وينطلق جهاز الاستخبارات الخارجي «بي إن دي» من أن ثلثهم عاد لألمانيا، ومقتل قرابة 150 منهم في منطقة الحرب هناك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى