تقارير وتحليلات

تهميش سالفيني في إيطاليا هو نتيجة عمل حثيث للاستخبارات الغربية في مواجهة نظيرتها الروسية

يسود نوع من الارتياح لدى الدول الأوروبية الكبرى مثل فرنسا وألمانيا نتيجة تطورات الأوضاع السياسية في إيطاليا، بفشل وزير الداخلية ماتيو سالفيني في مخططاته تولي رئاسة حكومة روما، وذلك بسبب الاشتباه في تنسيقه الزائد مع روسيا على حساب مصالح أوروبا. وقد تحول موضوع علاقات موسكو بالحركات القومية الأوروبية إلى نقطة محورية لدى الاستخبارات الأوروبية والأمريكية.

وكان ماتيو سالفيني قد تسبب خلال الأسابيع الماضية في أزمة سياسية في إيطاليا، عبر حجب الثقة عن الحكومة بهدف تولي رئاسة حكومة روما أو الدعوة إلى الانتخابات السابقة لأوانها، لكن مسعاه بدأ يفشل أمام احتمال تأسيس حكومة بين حركة خمسة نجوم والحزب الديمقراطي وطرد حركة رابطة الشمال بزعامة سلفيني من الائتلاف الحاكم.

وكتبت جريدة “الباييس” الأحد أن سالفيني يدرك كل الإدراك بوقوف استخبارات خارجية وراء توجيه ضربة له بسبب سياسته غير الأوروبية.

وتعني الجريدة تسريب تسجيلات لمساعديه وروسيا حول عمولة من صفقة شراء إيطاليا الغاز. وكانت الجريدة الإيطالية “إسكبريسو” قد نشرت خلال فبراير الماضي معلومات حول صفقة مالية بين موسكو وحركة رابطة الشمال لتمويل حملتها الخاصة بالانتخابات الأوروبية، وهي رهن التحقيق الإيطالي.

وتفاقمت الشبهات بعدما نشرت الجريدة الرقمية الأمريكية “بازفيد” تسجيلات صوتية لإيطاليين يعتقد أنهم من حركة رابطة الشمال يتفاوضون في موسكو حول عمولة من صفقة ضخمة لاستيراد الغاز والنفط الروسي. ويشتبه في تسريب الاستخبارات الأمريكية هذه التسجيلات.

وهذا التسريب هدف إلى تنبيه سالفيني من مخططاته الرامية إلى التنسيق مع الروس ودعم طريق الحرير الصيني على حساب مصالح أوروبا والغرب. ومن ضمن المؤشرات الأخرى أنه لم يلق الترحيب خلال زيارته إلى واشنطن يوم 17 يونيو الماضي ولقائه بوزير الخارجية مايك بومبيو الذي استفسره حول هذه العلاقة. وأخبرته واشنطن وقتها أنه “يمكن اتخاذ موقف لصالح أوروبا وضد الولايات المتحدة، ويمكن الانحياز الى الولايات المتحدة ضد أوروبا، لكن لا يمكن الانحياز لروسيا والصين ضد أوروبا والولايات المتحدة”.

وتركيز الاستخبارات الأوروبية والأمريكية على توجيه ضربة إلى ماتيو سالفيني ما هو إلا نتاج عملية تشمل مراقبة كل الحركات القومية اليمينية في أوروبا التي تحابي موسكو ويفترض أنها تتلقى أموالا روسية.

وما يحدث في إيطاليا حدث في النمسا، عندما جرى تسريب شريط فيديو يظهر زعيم الحزب القومي اليميني النمساوي هاينز كريستيان ستراش وهو يتحدث عن منح صفقات عمومية لروسيا مقابل عمولات، مما أدى إلى استقالته نتيجة هذه الفضيحة. كما هناك شبهات وتحقيقات حول المبالغ المالية المرتفعة لحساب التجمع الوطني (الجبهة الوطنية سابقا) بزعامة ماري لوبين في بنك روسي-تشيكي. كما تحقق الاستخبارات الألمانية في العلاقة بين روسيا وحزب “البديل الألماني” الذي تجمعه علاقات متميزة بموسكو ويعتقد أنه تلقى منها أموالا.

ويعتبر الاتحاد الأوروبي وخاصة فرنسا وألمانيا أن تسرب روسيا إلى المشهد السياسي الأوروبي عبر تقديم معونات مالية إلى الأحزاب القومية المناهضة للبناء الأوروبي هو معضلة حقيقة ومصدر قلق حقيقي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى