تقارير وتحليلات

داعش يعود بقوة على الحدود العراقية السورية

قالت قناة ABC News الأمريكية إن مذيع برنامج «World News Tonight» ديفيد موير، تمكن من الوصول حصرياً للقوات الأمريكية التي تقاتل الآن (داعش) بعد ما يقرب من 16 عاماً على دخول الولايات المتحدة الأمريكية العراق.

بعد أشهر قليلة من خسارة داعش للأراضي التي سيطر عليها في سوريا والعراق، وبعدما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب «هزيمة» تنظيم داعش، لا يزال الواقع على الأرض يرسم صورة قاتمة لمجموعة مقاومة من مقاتلي داعش تشكل تمرداً مستمراً.

وقال لواء القوات الجوية الأمريكية، أليكس غرينكويتش، لموير: «رأينا أن تنظيم داعش، منذ انهيار الخلافة، استعاد الكثير من قدراته».

وأضاف غرينكويتش، نائب قائد «عملية العزم الصلب»، وهي التحالف المشترك الذي يقاتل داعش على الأرض: «يحاولون جمع الموارد، وابتزاز السكان، وشن هجمات محدودة. بالتأكيد هناك تمرد مستمر على الأرض الآن».

 رحلة موير إلى الحدود السورية 

وسافر موير إلى أعماق صحراء الأنبار، على بعد 50 ميلاً (80.5 كيلومتر) فقط من الحدود السورية، مع القوات الأمريكية والعراقية خلال إحدى العمليات التي تستهدف مقاتلي داعش.

وقال القادة العسكريون الموجودون في ساحة المعركة إن الآلاف من مقاتلي داعش المنتشرين في العراق وسوريا عبارة عن خلايا نائمة تختبئ في الصحراء، والكهوف، يختلطون بالسكان في القرى والمدن، وينظمون هجمات ويحاولون جمع الموارد.

وقال المقدم راي ستون: «في الصحراء، يحاولون الاختلاط في بعض الأحيان، ويبدون مثل الرعاة الذين يمرّون فقط عبر المنطقة. وفي المدن، يحاولون أن يظهروا مثل مواطني وسكان الأنبار، لكيلا يلفتوا الانتباه أو يثيروا الشبهات حولهم».

وعلى مدار شهور، كان هناك تحذيرات من عودتهم؛ هناك تقريران من وزارة الدفاع الأمريكية على الأقل هذا العام، أحدهما في شهر أغسطس/آب، يحذران من عدم القضاء نهائياً على تنظيم داعش.

تحذيرات من خلايا جديدة لـ«داعش»

وحذّر أيضاً تقرير للمفتش العام الرئيسي لعملية «العزم الصلب»، التي تقاتل داعش، من أنه خلال الفترة بين شهري أبريل ويونيو، تمكن داعش من «تطوير قدراته على التمرد في العراق» وتأسيس «خلايا جديدة» في سوريا من أجل «توسيع نطاق نقاط القيادة والسيطرة في العراق».

وحسبما ذكر التقرير، فقد أدّى الانسحاب الجزئي للقوات الأمريكية من سوريا إلى تقليل الدعم المتاح للقوات المحلية التي كانت لا تزال بحاجة إلى التدريب والإعداد للرد على داعش.

وذهبت الأمم المتحدة إلى أبعد من ذلك، وقالت إن قادة داعش «يتكيفون، ويتماسكون، ويخلقون الظروف المناسبة لعودتهم في النهاية» على الرغم من نقص التمويل. وأشار تقرير صدر في شهر يوليو عن مجلس الأمن الدولي إلى أن هؤلاء القادة يواصلون البحث عن طرق لـ»إعادة الاستثمار في قدرتهم على توجيه وتسهيل هجمات دولية معقدة».

وقال التقرير: «أظهر تنظيم داعش عزماً وإصراراً على المقاومة والقدرة على شن هجوم مضاد»، مضيفاً أن هناك الآن تدفقاً لمقاتلي داعش من سوريا بهدف تعزيز شبكة خلايا داعش الجديدة الناشئة في العراق.

وقال العميد ويليام سيلي، القائد الأمريكي لوحدة المهام العسكرية الأمريكية في العراق ببغداد، لموير إن داعش بدأ بالفعل التخطيط للعودة إلى العراق من قبل هزيمته الإقليمية.

وقال: «عندما انسحبوا إلى داخل سوريا، نظروا إلى مستقبلهم. وعندئذ بدأوا في إرسال المقاتلين للخارج، وإرسال الإمدادات، وإرسال مجموعات من الأشخاص إما للعودة إلى مخيمات الداخل أو مخيمات اللاجئين ومحاولة الانخراط والاندماج بين السكان. ويحاولون الآن الحصول على الإمدادات، وتنفيذ العمليات. ويحاولون إعادة تمويل عملياتهم».

 المعركة مع «داعش» لم تنته بعد 

وصعّدت قوات التحالف من أعداد القنابل والصواريخ التي استخدمتها في محاربة داعش، إذ كانت القوات الأمريكية تدرّب وتوجّه وتدعم القوات العراقية التي تتحرك بعد الغارات الجوية الأمريكية على أهداف داعش.

ووفقاً لسيلي، تحاول قوات الأمن العراقية، بدعم من التحالف، تفكيك شبكات داعش، المادية والافتراضية، المنتشرة في القرى والمدن الكبيرة.

وخلال إحدى الأسابيع الماضية، تمكنت القوات الأمريكية والعراقية من الاستيلاء على الأنفاق ومستودعات الإمداد التي استخدمها تنظيم داعش للاختباء قرب الموصل، وشمال بغداد.

لكن المعركة لم تنته بعد؛ سواء داخل العراق أو عبر الحدود إلى داخل سوريا.

في وقت سابق من هذا الصيف، أصدر تنظيم داعش مقطع فيديو دعائي يُظهر مقاتلين مدججين بالسلاح يتعهدون بإحياء دولة الخلافة.

وفي سوريا، تحتجز القوات المدعومة من الولايات المتحدة حوالي 10 آلاف من مقاتلي داعش. وزارت قناة ABC News الأمريكية سجن علايا شمال شرق مدينة القامشلي. ووجدت أن ما لا يقل عن 70% من المحتجزين ينتمون لتنظيم داعش، بعضهم غير نادم ويبدي التزامه لدولة الخلافة.

ويُذكر أن حوالي ألفي سجين من داعش في جميع أنحاء سوريا جاؤوا من دول أجنبية، من بينها الولايات المتحدة.

وقال غرينكويتش لموير: «علينا أن نجعل البلدان تتحمّل مسؤولية مواطنيها الذين جاؤوا إلى أرض المعركة، واستعادتهم، ومعرفة كيفية تقديمهم للعدالة».

وأعيد إلى الولايات المتحدة من داعش ثمانية بالغين و13 طفلاً. ووفقاً لتحليل ABC News للوائح الاتهام وتقارير الأفراد الذين أعيدوا إلى الولايات المتحدة، فإن ستة من هؤلاء البالغين يواجهون عدة تهم.

 الأمم المتحدة تحذر من ظهور موجة جديدة من «داعش» 

وحذرت الأمم المتحدة والمفتش العام لوزارة الدفاع من الاعتماد على معسكرات الاحتجاز، أو السجون أو مراكز إعادة التأهيل التي تضم مقاتلي داعش السابقين أو أفراداً من أسرهم أو داعمين، ووصفوا تلك المراكز بأنها أصبحت أرضاً خصبة للتطرف.

وقال سيلي لموير عن المعسكرات: «لا نريد أن تكون تلك الأماكن سبباً في ظهور موجة جديدة من مقاتلي داعش المخلصين (للتنظيم). لا تزال أفكارهم وأيديولوجيتهم قائمة وموجودة، ويجب أن يكون التركيز الأساسي في كل أعمالنا على التخلص من تلك الأفكار المتطرفة».

وفي مخيم الهول المعزول والنائي شمال شرق سوريا، يمتزج التطرف باليأس. يقيم بالمخيّم حوالي 70 ألف امرأة وطفل عاشوا في ظل حكم داعش. بعضهم مقاتلون سابقون، بينما أكثرهم من المؤيدين المخلصين للتنظيم.

وحذر المفتش العام في تقرير شهر أغسطس من أن عدم قدرة القوات المحلية على توفير ما يفوق «الحد الأدنى من الحماية» للمخيم ساهم في «خلق ظروف مواتية لنشر أفكار داعش هناك».

وهناك تقارير منتشرة عن زوجات وأرامل مقاتلي داعش اللاتي يحرقن خيام من يرون أنهم أقل إخلاصاً للخلافة. في الشهر الماضي، أظهر مقطع فيديو من داخل المخيم رفع علم داعش وسط احتفالات حشد كبير من سكان المخيم.

وقال جرينكويتش: «كان الأطفال يرقصون حول سارية العلم، إنهم يُلقّنون تلك الأفكار هناك بالتأكيد. لقد سُحبت الأرض من تحت أقدامهم، ولكن الفكرة، والتنظيم، لا يزالان يعملان إلى حدٍ كبير».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى