تقارير وتحليلات

طالبو لجوء محتجزون منذ 7 أعوام وصحتهم العقلية تدهورت.. رئيس وزراء أستراليا يتباهى بوقوفه ضدهم

كل يومٍ يقوم لاجئون تحتجزهم أستراليا بتعليق لافتات استغاثة تطلب المساعدة، على أسوار شرفات غرف فندق تم نقلهم إليه، ويقفون في صمتٍ بينما تستمر حركة المرور على الطريق الرئيسية بمدينة برزبن الأسترالية التي تحبسهم.

هذه اللافتات أغلبها وفق تقرير شبكة CNN الأمريكية مصنوعٌ من أكياس القمامة المثبتة في بعضها البعض بشريطٍ لاصق، ومربوطة في سور الشرفة بأربطة الأحذية. تقول إحدى اللافتات: “أين العدالة؟”.

إنهم ليسوا نزلاء في فندق، بل لاجئين وطالبي لجوء تحتجزهم سلطة الهجرة الأسترالية منذ سبعة أعوام. وصل العديد منهم إلى المياه الأسترالية في 2013، بعد أن وضعت الحكومة نظاماً للتعامل مع حركة الهجرة القادمة من الشواطئ. ثم احتجزتهم الحكومة على جزر مانوس النائية في بابو غينيا الجديدة وعلى جزيرة ناورو في المحيط الهادئ، في ظروف وصفتها الأمم المتحدة بـ”القاسية” و”غير اللائقة”. عام 2016، قالت منظمة العفو الدولية عن ناورو إنها “سجن في الهواء الطلق”.

كل هؤلاء يعانون من آثار الاحتجاز الطويل إلى أجلٍ غير مسمى، وتم إحضارهم إلى أستراليا العام الماضي من أجل تلقي الرعاية الطبية.

لكن يُقال إن الأوضاع في فندق برزبن أسوأ من الوضع في بابو غينيا أو ناورو. يقول فرهاد رحماتي، لاجئٌ إيراني تم نقله من بابو غينيا إلى أستراليا في يوليو/تموز الماضي: “نحن في سجن هنا. على الأقل في بابو غينيا كان لدينا شيءٌ من الحرية. كان بإمكاننا التحرك في الأرجاء. ولم نكن محاطين بالقوات الحدودية الأسترالية وأفراد الأمن من حولنا”.

لأشهر، ظل نحو 120 رجل داخل ذلك الفندق ملتزمين الصمت. لكن حدث تغير في مارس/آذار، حين بدأ عدد الإصابات بفيروس كورونا في برزبن يتزايد. ولأنهم يخشون أن يتسلل الفيروس إلى الفندق عن طريق الحراس الداخلين إليه والخارجين منه، فقد صنعوا لافتات بأحجام كبيرة يُمكن رؤيتها من الشارع.

بدأ الناس يلاحظون استغاثتهم، ونظم المحتجون تظاهرت أسبوعية خارج الفندق. وقد تم تصعيد هذه التظاهرات الآن إلى حصارٍ للفندق من جانب نشطاء حقوق الإنسان، مطالبين بالإفراج عن هؤلاء الرجال.

ألقت المواجهة بين المحتجين المسلحين بهواتفهم المحمولة وحراس الأمن أضواء غير مرغوبٍ فيها على سياسات الهجرة التي تنتهجها أستراليا، الموجهة منذ زمنٍ بعيد لإغلاق الشواطئ الأسترالية أمام اللاجئين.

لكنها الآن تدور في قلب واحدة من أكبر المدن الأسترالية، في فندقٍ فخمٍ كان حتى أشهر قليلة ماضية ما زال يستقبل النزلاء، قبل أن تحجز الحكومة الأسترالية غرفه بالكامل.

رجل البلاد الأول يتباهى: في عام 2018، قيل إن رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون يمتلك نموذجاً مصغراً لقاربٍ يحمل مهاجرين على مكتبه، منقوشة عليه الكلمات: “أنا أوقفت هؤلاء”.

قبل توليه رئاسة الوزراء، أسهم موريسون في تشديد السياسات الحدودية بأستراليا، ليخضع من بقصدون الشواطئ الأسترالية لفحصٍ مدقق قبل وصولهم إلى الشاطئ. وحتى إن وُجِد أنهم لاجئون، فلن يتم توطينهم أبداً في أستراليا.

الحكومة تقول إن هذه السياسة تقلل الطلب على مهربي البشر وتمنع الكثير من الوفيات غرقاً. وقد زاد عدد المراكب الواصلة إلى الشواطئ الأسترالية في 2012، حين وصل أكثر من 17 ألف راكب من إيران وأفغانسان وميانمار وبلدان أخرى مضطربة، عبر إندونيسيا وماليزيا ومناطق أخرى.

تدهور بالصحة العقلية: لا تصل الآن الكثير من القوارب إلى الشواطئ الأسترالية، لكن المدافعين عن حقوق الإنسان يقولون إن السياسة أدت إلى سجن أعداد كبيرة في جزرٍ قبالة الشواطئ الأسترالية. ومع تدهور الصحة العقلية للمحتجزين، ضغط النشطاء من أجل تمرير قانون يسمح للأطباء باتخاذ قرار جلبهم إلى أستراليا لتلقي العلاج. وقد تم تمرير قانون الإخلاء لأسباب طبية في مارس/آذار 2019 وانفتح الباب أمام نقل المحتجزين إلى أرض أستراليا، لكن الحكومة أغلقته مجدداً بصورة مفاجئة بعد الفوز بانتخابات في مايو/أيار من العام نفسه، متذرعة بمخاوف متعلقة بالأمن الوطني.

لكن قبل إغلاق الباب، وصل 200 رجل إلى أرض أستراليا بموجب قانون الإخلاء، بعضهم كانت له ميول انتحارية. ومنهم آخرون يعانون من إصابات في المخ، ونزيفٍ في الأمعاء لم يتم تشخيصه، وأمراض في القلب وعظام مكسورة تتطلب إجراء جراحات.

لأشهر عدة، عاش العديد من هؤلاء المحتجزين في المباني الثلاثة لفندق برزبن، محتجزين في طوابقه العليا بعيداً عن أعين النزلاء الآخرين. وقبل تفشي فيروس كورونا، كان يُسمح لهم بزياراتٍ بموافقة أمنية. الآن، لا يُسمح لهم الخروج إلا من أجل الفحص الطبي، في صحبة الحراس.

في مارس/آذار، بسبب الجائحة، وبسبب الاحتياج إلى مساحاتٍ أكبر لتنفيذ قواعد التباعد الاجتماعي، تم نقل 40 نزيلاً من منازل الإقامة المؤقتة للمهاجرين ببرزبن إلى الفندق، في غرفٍ مفتوحة على شرفة تطل على الشارع.

يتجمع المحتجون خارج الفندق، ويهتفون “سبعة أعوام مدة طويلة. أطلقوا سراح اللاجئين”.  الخميس الماضي، 18 يونيو/حزيران، تحولت تظاهرتهم الأسبوعية إلى احتلال للمنطقة دام 24 ساعة حين ذاع خبر أن مسؤولي القوة الحدودية قد وصلوا لنقل رحماتي إلى منازل الإقامة المؤقتة.

يُظهر مقطع صوره هاتف معتقل آخر اقتياد حراس الأمن رحماتي إلى شاحنة، لكن المحتجين أطبقوا عليها، ووقفوا فوقها وثبتوا أيديهم بالصمغ إلى الشاحنة، ليعيد الحراس رحماتي سريعاً إلى داخل الفندق ويدخلوه غرفته.

ويرغب المتظاهرون في إطلاق سراح هؤلاء اللاجئين بحلول مطلع العام القادم، ولا يُريدون أن يُعاد تحويلهم إلى دهاليز نظام الاعتقال التابع لسلطة الهجرة الأسترالية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى