تقارير وتحليلات

لماذا يستعد اللبنانيون للرحيل عن بيوتهم؟

«أمر الحاج محمد أسرته بأن تحزم الحقائب استعداداً للرحيل، ولم تكن هذه أول مرة يفعلها، ففي الضاحية الجنوبية لبيروت ذات الغالبية الشيعية، الحقائب دوماً مجهزة للرحيل عندما ظهور أي مؤشر على احتمال نشوب حرب بين إسرائيل وحزب الله، حتى لو كان هذا المؤشر مجرد تصريحات نفاها صاحبها.

سارعت زوجته بحزم حقائب الملابس، لم تضع كل شئ فيها، أهم شئ أن تضع مصوغاتها في مكان آمن، أما الحاج محمد فركز على وضع الوثائق المهمة داخل حقيبة يده التي لاتفارقه، فهو لايعلم أين سيذهب.

كان التصريح الذي أشعل القلق في الضاحية هذه المرة غريباً بالنسبة للحاج محمد، ما زاد من خوفه على أسرته، ودفعه إلى أن يأخذ الأمر بجدية.

فالأمين العام لحزب الله حسن نصر الله المشهور بتصريحاته النارية التي تعد أنصاره بالنصر، نُسب إليه تصريح يزعم أنه قال إنه قد تكون هناك حرب إسرائيلية قادمة على لبنان، وأنه شخصياً قد يتعرض للاغتيال من قبل إسرائيل ومعه قادة الصف الأول لحزب الله في هذه الحرب.

الضاحية الجنوبية تدفع ثمن الحرب حتى لو لم تنشب

في حرب 2006، تركَّزت الغارات الإسرائيلية على الضاحية وغيرها من المناطق ذات الغالبية الشيعية، التي تعتقد إسرائيل أنها جنود أو مراكز لحزب الله، بينما ندرت الهجمات على المناطق الأخرى ذات الغالبية غير الشيعية.

وكلما حدث توتر بين لبنان وإسرائيل استنفر سكان الضاحية، وفكروا في الرحيل، لأنهم يعلمون أن منطقتهم ستكون الضحية الأولى للحرب المحتملة مع إسرائيل.

الحاج محمد ليس شيعياً، بل هو فلسطيني مقيم في لبنان، مثله مثل كثير من اللبنانيين والفلسطينيين السنة، الذين يقيمون في الضاحية ذات الغالبية الشيعية، يعيشون بين أهل الضاحية على الحلوة والمرة.

والمرة في الضاحية ليست كأي مرة، فالضاحية المكتظة بالسكان سرعان ما تتحول لهدف للطائرات الإسرائيلية، وفي حرب 2006 تحديداً تعرَّضت مناطق واسعة للضاحية لدمار شديد.

View image on Twitter

Ali B .علي بي@_Ali__B

Photo taken in Tyre,Lebanon 8/14/2006 showing the destruction after 33 days of Israeli aerial bombardment#حرب_تموز

ولم يكن الحاج محمد على استعداد أن يعيش أولاده هذه التجربة مجدداً، لقد عاشها هو مراراً، عاشها في فلسطين وهو طفل صغير، ثم عاشها في المهجر بلبنان.

يعرف الحاج محمد ماذا يضع في الحقائب عندما تحين اللحظة، يجب التضحية، لا يمكن وضع كل شيء فيها، فقط ما خفّ وزنه وارتفع ثمنه بقدر الإمكان.

ولكن هذه المرة لم يكتفِ بحزم الحقائبِ، بل قرَّر تجديدَ جوازات السفر له ولأسرته، بحثاً عن بلد أكثر أمناً، بعد أن أصبح لبنان يضيق بأهله وضيوفه.

 نصر الله نفى هذه التصريحات  

خطورة التصريحات وتأثيرها على مئات الآلاف من سكان الضاحية، وملايين اللبنانيين، دفع نصر الله لسرعة الردّ عليها.

إذ نفى الأمين العام لحزب الله اللبناني ما نشرته صحيفة كويتية (الراي الكويتية)، الأحد، عن أنه يتوقع حرباً إسرائيلية على لبنان الصيف المقبل.

وقال نصر الله، في كلمة متلفزة: «لم أقل في أي جلسة إنَّ هناك حرباً إسرائيلية على لبنان في الصيف، ولم أفكر بها».

وأضاف: «كذلك لم أقل إنه إذا حصلت الحرب قد لا أكون أنا وبعض القادة بينكم، فالأعمار بيد الله».

Abbass Fneish@AbbassFneish

أكبر مفاجآت حرب تموز ، منظومة القيادة و السيطرة في #حزب_الله ، وتفاصيل عن اجتماع قيادة #المقاومة في الضاحية الجنوبية ثاني أيام الحرب؛
ضرب البارجة والوزن النوعي وغيرها في :
كيف قادت المقاومة حرب 2006؟

كيف قادت المقاومة حرب 2006؟

عندما تلا القاضي الإسرائيلي ألياهو فينوغراد مقاطع من تقرير لجنة الفحص الحكومية لتقصّي الحقائق حول «حرب لبنان الثانية»، كان يذكر بعض الإخفاقات التي وقعت فيها القيادة السياسية والعسكرية والأمنية، وحين…

ولهذا السبب يستبعد الحرب بين حزب الله وإسرائيل

وقال نصر الله: «برأيي الشخصي، أنا أميل إلى استبعاد الحرب الإسرائيلية، لعدم جاهزية الجبهة الداخلية الإسرائيلية».

وكانت الصحيفة قد قالت يوم الأحد، إن «نصر الله، وفي لقاء خاص مع قادة في حزب الله، طلب عدم إخفاء حقيقة إمكانية اندلاع الحرب مع إسرائيل، وإطلاع العائلات وأهالي القرى الجنوبية (مناطق ذات غالبية شيعية) على هذا الاحتمال».

وأضافت أنه قال خلال اللقاء «قد لا أبقى بينكم فترة طويلة، وقد يذهب معي أكثر قادة الصف الأول، وبالتالي من الممكن أن تنجح إسرائيل في اغتيال القادة».

وتعليقاً على التقرير، نقلت «الراي» عن مصادر أمريكية -لم تسمها- أنه «إذا اندلعت الحرب، وعلى غرار حرب 2006، فلن تكون إسرائيل هي من يطلق الرصاصة الأولى».

وأضافت المصادر أن «السلطات الإسرائيلية لا تنوي شنَّ حرب على لبنان، لكنها لن تتوانى في الدفاع عن نفسها في حال تعرّضت لهجوم».

الحرب الأخيرة تسبَّبت بدمار واسع للبنان، ولكنها أوجعت إسرائيل أيضاً

وحرب يوليو/تموز 2006، هي آخر مواجهة مباشرة بين إسرائيل و «حزب الله»، الموالي لإيران، التي تعتبرها إسرائيل العدو الأول لها.

وانطلقت تلك المواجهة في 12 يوليو/تموز، واستمرت 34 يوماً، وأسفرت عن مقتل نحو 1200 لبناني، وأكثر من 120 إسرائيلياً، إضافة إلى دمار مادي واسع في لبنان.

ولكن على الجانب الآخر، فإن صواريخ حزب الله على الرغم من قلة الخسائر التي ألحقتها بالجانب الإسرائيلي، إلا أنها عطلت الحياة في شمال إسرائيل، إضافة إلى خسائر الجيش الإسرائيلي في المدرعات التي كانت بمثابة دعاية سيئة للدبابة الإسرائيلية الشهيرة الميركافا.

إسرائيل تستعد لحرب مع حزب الله

وأجرى الجيش الإسرائيلي تدريبات مكثفة مطلع هذا العام، حاكى فيها حالة حرب مع حزب الله.

وقال عوديد باسيوك، قائد لواء «جفعاتي»، إن هذه التدريبات هي أكثر التدريبات التي يجريها الجيش الإسرائيلي في السنوات الماضية تعقيداً، إذ كانت تتطلب تدريباً مكثفاً على الصمود في أرض المعركة.

الإعلان عن انتهاء التدريبات جاء بعد أسبوع من تصريح مسؤولين عسكريين وأمنيين في إسرائيل، بأن قواعد اللعبة مع لبنان تغيرت، إذ تقرر أن يكون اندلاع الحرب مع لبنان مفاجئاً.

وتزعم أنها أصبحت لديها ميزة نسبية بعد اكتشاف الأنفاق

وكان الرئيس السابق لأركان الجيش الإسرائيلي غادي أيزنكوت، أعلن في يناير/كانون الثاني 2019، أن هذه القواعد تغيَّرت، ليس بسبب الوجود الإيراني في لبنان فحسب، إنما بسبب كشف الأنفاق أيضاً.

وشنَّت إسرائيل حملةً لاكتشاف الأنفاق التي حفرها الحزب، وتتوغل داخل الأراضي الإسرائيلية لاستخدامها في هجماته المحتملة.

وألمح عسكريون إلى أن مخططات إسرائيل تجاه الحدود اللبنانية والسورية تتم بتنسيق ودعم أمريكيين، إذ يتوقع أن تشتعل نيران الحرب في لبنان، ثم تمتد إلى سوريا وغزة.

وتوقع عسكريون وأمنيون إسرائيليون أن تشكل التدريبات التي يجريها الجيش الإسرائيلي تحدّياً أمام رئيس الأركان الجديد، أفيف كوخافي. واعتبر البعض أن المواجهة العسكرية مع حزب الله في لبنان هي سيناريو ذو احتمالية عالية، إذ إن محاولة القضاء على تهديد إسرائيل بالصواريخ الكثيرة لا تنتمي إلى صنف الحروب الصغيرة، وهذا ما سيدفع إسرائيل إلى بذل جهود كبيرة للحفاظ على قدراتها العسكرية وتحسينها.

وأشار مسؤول عسكري إلى أن سيناريو الحرب مع لبنان يستوجب قوة اجتياح كبرى، تتجاوز استخدام سلاح الجو إلى استخدام قوة برية كبيرة.

10 ملايين دولار مكافأة.. أمريكا تحاول محاصرة حزب الله مالياً وبريطانيا تدعمها

ويربط «حزب الله» اليوم بين زيارات الوفود الأميركية إلى لبنان، وما رافقها من قرار بريطاني بوضع جناحه السياسي على لائحة الإرهاب، وبين قرار ترامب بإلحاق الجولان بالسيادة الإسرائيلية، وبالتلويح الإسرائيلي بالتصعيد العسكري ضد غزّة.

من هنا يبدو أن «الحزب» بدأ يُرتّب أوراقه العسكرية من بوابة الاستعداد لجميع الاحتمالات قبل أن تُداهمه الحرب بشكل مُفاجئ.

وعرضت الإدارة الأمريكية، الإثنين 22 أبريل 2019، مكافأة مالية قدرها 10 ملايين دولار، لمن يدلي بمعلومات تساعد في تفكيك شبكة تمويل «حزب الله» اللبناني.

جاء ذلك في مؤتمر صحفي لـ «مارشال بيلينجسلي»، مساعد وزير الخزانة الأمريكي لشؤون تمويل الإرهاب، و «ناثان سيلز»، منسق شؤون مكافحة الإرهاب بالخارجية، حسب  وكالة «أسوشيتد برس» الأمريكية.

هضبة الجولان دونالد ترامب بنيامين نتنياهو
ترامب ونتنياهو خلال توقيع الرئيس الأمريكي اعترافه بسيادة إسرائيل على الجولان المحتل

وأوضح «بيلينجسلي» أنَّ الخزانة والخارجية بصدد دفع الأموال لمن يوفرون معلومات تتعلق بتمويل حزب الله.

وأضاف أن تلك المعلومات تشمل «أسماء المانحين والممولين، والحسابات البنكية، والإيصالات الجمركية، والمعاملات العقارية».

من جهته، أشار «ناثان» أنَّ المكافآت هي الأولى التي تخصص لمحاصرة شبكة مالية.

ومنذ أن بدأ برنامج «المكافآت من أجل العدالة» الخاص بالخارجية الأمريكية، عام 1984، تم دفع أكثر من 150 مليون دولار لأكثر من 100 شخص قدَّموا معلومات عن إرهابيين، أو خطط لهجمات إرهابية.

إذن، ما مدى احتمال نشوب حرب بين إسرائيل وحزب الله

يقول محللون قريبون من حزب الله إن ما يمنع الحرب هو تطور قدرات حزب الله، خاصة من الخبرة التي اكتسبها من المشاركة السورية، بينما يتحدث الأمين العام لحزب الله عن العوامل الداخلية الإسرائيلية التي تمنع وقوع حرب حالياً.

ويقول وسيم بزي، المحلل السياسي اللبناني، في تصريح لوكالة سبوتنيك الروسية، إن الدخول إلى ما يسمى جغرافيا تداخل الجبهات، واتصالها بين لبنان وسوريا، وصولاً إلى غرب العراق وإيران، ودائماً مع غزة، فرض «توازن رعب على نتنياهو»، في أكثر من مواجهة.

احتمال نشوب حرب بين إسرائيل وحزب الله
احتمال نشوب حرب بين إسرائيل وحزب الله تراجع ولكنه يظل قائماً

وأضاف: «إن أي حرب قادمة لن تكون دون غطاء من الأمريكيين، في حين أن ترامب غير جاهز للمخاطرة، وهو يستعد للدخول في معترك انتخابي لولاية جديدة».

وأشار إلى أن أسباباً متعددة توضح أن ظروف الحرب الواسعة لا تزال غير واضحة، خاصة أن تاريخ وشخصية بنيامين نتنياهو تقول إنه لم يتورّط إلا في حرب واحدة في غزة، ضمن ثلاثة عشر عاماً في السلطة، حسب توصيفه.

أما الحاج محمد، فرغم أن منسوب التوتر لديه تراجع، فإنه مازال متردداً في إعادة الحقائب التي حزمها إلى وضعها القديم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى