تقارير وتحليلات

مطعم إيطالي فاخر بالبرازيل يرحب بالمتشردين

Refettorio gastro motiva مطعم إيطالي فاخر وسط مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية. الاسم المغري سيدفعك بلا شك لتذوق طعامه في أول زيارة للبرازيل، لكن مهلا.. فهو يقدم الطعام فقط للمشرّدين!

فالديكير دوس سانتوس هو أحدهم، وقد بدأ للتبو بتناول وجبته اللذيذة. إنها عبارة عن سلطة مكونة من قشر الموز والخضروات مع صلصة اليوسفي والفاصوليا والأرز والطحين.

 

يقدم المطعم وجباته مجاناً لـ90 مشرداً يومياً

ويقدم مطعم ريفتوريو غاسترو موتيفا الطعام مجانا لـ90 شخصاً مُشرَّدين يأتون إلى هنا يوميا.

ويقول دوس سانتوس لصحيفة the guardian البريطانية «أنا معتاد على القدوم إلى هنا. هذا المطعم اكتشافٌ حقيقي لأنَّ الطعام مُنتقى بعناية».

يُعَد مطعم ريفتوريو غاستروموتيفا، الذي افتتح في أغسطس/آب من عام 2016 قبيل دورة الألعاب الأولمبية، مشروعاً فريداً من نوعه في مدينة ابتلاها الفقر والتشرد المتزايد.

والطهاة بارعون في  تحويل بقايا الطعام إلى وجبات لذيذة

ويأتي طعام المطعم من طعام زائد عن الحاجة تتبرع به بعض الشركات، ويُعدَّه فريقٌ من المتدربين بقيادة طهاة محترفين. فهُم بارعون في تحويل بقايا الطعام إلى قوائم طعام فاتحة للشهية.

ويأتي المدعوين إلى تناول الطعام في المطعم بناءً على اختيار جماعاتٍ غير ربحية، ويقَدِّم لهم الطعام أشخاصٌ متطوعون. وحصل دوس سانتوس على دعوةٍ كهذه من جمعية خيرية تعمل مع المشردين. أمَّا الأشخاص الآخرين كانوا مهاجرين من جمهورية الكونغو الديمقراطية.

المطعم البرازيلي الفاخر / refettoriogastromotiva.org

ومعظم العاملين في المطعم من الأحياء الفقيرة

وينتمي معظم فريق الطهي في المطعم إلى الأحياء الفقيرة والمجتمعات ذات الدخل المنخفض. وخاض جميعهم عملية اختيار صعبة للحصول على مكان في دورة تدريبية مدتها ثلاثة أشهر تؤدي إلى الحصول على دبلوم.

إذ قالت ليا داميو (38 سنة) وهي متدربة وأم لثلاثة أطفال من حي فياريو جيرال العشوائي بمدينة ريو دي جانيرو، وهي تُسهِم في إعداد وجبة الليلة: «عندما لا يكون لديك دبلومٌ أو تخصصٍ ما، لا يمكنك المضي قدماً في الحياة».

عملت ليا في مجال تنظيف الأظافر 16 عاماً، لكنها كانت دائماً تحب الطهي. ويبدو أن مطعم ريفتوريو غاستروموتيفا منحها هذه الفرصة. والمطعم يدفع لها نفقات التنقل ويقدم لها أيضاً وجبات طعام مجانية في أثناء العمل. وقد أنهت التدريب، لكنَّها تعود كل أسبوع للتطوع.

وفن الطهو بالنسبة لهم طريقة للاندماج الاجتماعي

ويقول الطاهي البرازيلي ديفيد هيرتز (44 عاماً) الشريك المؤسس لمطعم ريفتوريو غاستروموتيفا إن هذا المفهوم الذي يطلق عليه «فن حُسن الطهو الاجتماعي» ينمو في جميع أنحاء العالم.

ويسافر ديفيد باستمرار للبحث عن مبادرات جديدة. وهو يرى أن مكافحة بقايا الطعام طريقة لتوليد الوجبات للأشخاص المحرومين الذين يحتاجون إليها. و»فن الطهو بالنسبة لنا وسيلةٌ وليس غاية. إنَّه وسيلة للإدماج الاجتماعي».

الطهاة بارعون في تحويل بقايا الطعام إلى وجبات / refettoriogastromotiva.org

ولد هيرتز في مدينة كوريتيبا جنوب البرازيل وسافر إلى الخارج سبع سنوات قبل العودة إلى البرازيل ودراسة فن الطهو. ثم أصبح طاهياً في مطعم سانتو غراو، وهو مطعم راقٍ في مدينة ساو باولو.

لكنَّ وجهة نظره في الطهي تحولت في عام 2004، عندما زار مطبخاً في أحد الأحياء العشوائية في الضواحي الفقيرة بالمدينة.

ويقول: «كانت المرة الأولى التي أزور فيها أحد الأحياء العشوائية، وما رأيته في ذلك اليوم غيَّر مجرى حياتي إلى الأبد».

وصاحب المطعم أسس مشروع «المواطن الطاهي»

وأطلق هيرتز مشروعاً يسمى «كوزينيرو كاباداو» أو «المواطن الطاهي» لتدريب الناس من الأحياء المحرومة، وطوَّر المشروع إلى مطعم غاستروموتيفا.

وبحلول عام 2013، كانت كلمة «فن الطهو الاجتماعي» تُطلَق على مبادرات مشابهة أخرى، مثل مطعم فيفتين الذي يملكه صديقه جيمي أوليفر، الذي يدرب الطهاة من المناطق المحرومة، ومطعم «lacocina» في سان فرانسيسكو، الذي «يُنمِّي رواد أعمال للعمل في الطعام منخفض الدخل».

ومنذ خمس سنوات، انتقل مطعم غاستروموتيفا إلى مدينة ريو دي جانيرو. وقد افتتح منذ ذلك الحين مدارس للطهي بالشراكة مع جامعات للشباب المحرومين في كوريتيبا والمكسيك والسلفادور وجنوب إفريقيا.

وتقول مديرة الاتصالات والتسويق ماريانا فيلهينا إنَّ من 70 إلى80% من أولئك الذين تدربوا في مشاريع غاستروموتيفا (أي نحو 4500 شخص) قد وجدوا منذ ذلك الحين عملاً بدوام كامل.

كما أن هناك مطاعم أخرى للمشردين في العالم

وفي عام 2015، افتتح الطاهي الإيطالي ماسيمو بوتورا -وهو صديق مقرب من هيرتز الذي اختير لاحقاً أفضل طاهٍ في العالم- مطعم refettorio، وهو مطعم يخدم المشردين في حي جيكو الفقير بالعاصمة الإيطالية روما.

ثم أطلق بوتورا، بالتعاون مع زوجته لارا غيلمور، منظمة Food for Soul أو «الغذاء من أجل الروح»، التي تهدف إلى «مكافحة نفايات الطعام بالإدماج الاجتماعي». ومنذ ذلك الحين، افتتحت المنظمة مطاعم في باريس ولندن.

مطعم ريفتوريو غاستروموتيفا يبقى استثناء

 لكن مطعم ريفتوريو غاستروموتيفا يبقى استثناء

وفي عام 2016 قبيل الألعاب الأولمبية، تعاون بوتورا مع هيرتز والصحفي ألي فوربس لفتح مطعم ريفتوريو غاستروموتيفا في منطقة لابا بمدينة ريو دي جانيرو، حيث يتجمع المشردون والكثير منهم يبيعون السلع المستعملة على بطانياتٍ منتشرة على الرصيف.

وداخل المطعم، كان هناك ثلاثة مهاجرين من جمهورية الكونغو الديمقراطية يتناولون الطعام. ومن بينهم باولو مبنيغي (37 عاماً) الذي فرَّ من الجوع والحرب في وطنه قبل عامين، وجاء إلى البرازيل لاجئاً، لكنَّه لم يتمكن من العثور على عمل ويعيش في أحد الأحياء العشوائية في ريو دي جانيرو. وقال: «البرازيل لا تقدم المساعدة لشعبنا».

وقال مبينغي: «الطعام جيد هنا، لذلك سأعاود المجيء». بينما قال بيدرو دي سوزا، البالغ من العمر 50 عاماً، وهو مُشرَّدٌ سابق كان يستمتع بتناول وجبة في المطعم، إن ريفتوريو غاستروموتيفا يقدم للأشخاص المحرومين مثله أكثر من مجرد وجبة جيدة.

وأضاف: «تأكل أطعمةً جديدة، وهناك قوائم جديدة. إنها طريقة جديدة لتقديم الطعام. ويمكنك كذلك التفاعل مع الأشخاص الأخرين. هناك مؤانسة كاملة في المشروع، فهُم لا يحاولون فقط دمج المشردين في المجتمع، بل يحترمون إنسانيتنا».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى