تقارير وتحليلات

معاريف: تفاصيل محاولة نتنياهو الشروع بحرب على غزة

فلتعلم كل أم عبرية أن هكذا تتخذ قرارات أمنية محملة بمصير دولة إسرائيل: هكذا يعلن عن ضم الغور، بلا إعداد أو نقاش مع جهاز الأمن أو اتخاذ خطوات لمنع اشتعال محتمل في الميدان؛ هكذا يصفى الغموض الأمني في الشمال، بلا أي حاجة، في ظل تعريض الجنود لخطر حقيقي؛ وهكذا يحاول رئيس الوزراء إخراج الدولة إلى حرب بلا إجراء لازم حسب القانون، قبل أسبوع من الانتخابات.

إن القضية السياسية – الأمنية – الحزبية التي هزت القيادة الإسرائيلية تحت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأسبوع الأخير، كانت دراماتيكية أكثر بكثير مما وصف حتى الآن. فقد علمت “معاريف” بأن نتنياهو -بعد أن أُخلي في حدث انتخابي في أسدود بسبب إطلاق الصواريخ- كاد ينجح في إجبار الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن على الخروج إلى حرب في غزة، من دون مصادقة الكابنت، وفقاً لصحيفة “معاريف” العبرية.

في الثانية ليلاً، أجرى نتنياهو مشاورات كابنت هاتفية، كي “يبتز” مصادقة من الوزراء للخروج إلى العمل. المشكلة: لم يشرك في هذه المشاورات محافل الأمن. فقد أجرى الكابنت نقاشاً هاتفياً ليلياً بدون رئيس الأركان الفريق افيف كوخافي، وبدون رئيس الشاباك نداف ارجمان، وبدون قادة أذرع أخرى. هذا حدث غير مسبوق. في نهاية المطاف، أوقف المستوى القضائي اندفاع نتنياهو نحو الحرب. ليس مؤكداً أن سيكون هناك مستوى قضائي يكبحه في المرة القادمة.

هاكم خلاصة الأحداث: القسم الأول من الدراما انكشف يوم الجمعة الماضي في العنوان الرئيس في “معاريف”. رئيس الوزراء اتصل ليطلع قادة أذرع الأمن على نيته ضم غور الأردن، قبل دقائق معدودة من إعلانه عن ذلك للجمهور وللعالم بأسره. نشبت جلبة وانزلق الحديث إلى نبرات عالية جداً. انتشر الأمر في جهاز الأمن كالنار في الهشيم. رئيس الأركان ورئيس الشاباك احتجا على مثل هذه الخطوة، ذات الآثار الأمنية بعيدة المدى، والتي تنفذ بدون إعداد واطلاع ذوي الصلة أو النقاشات المرتبة. منسق أعمال الحكومة في المناطق ارتعش. واضطر نتنياهو في اللحظة الأخيرة إلى التراجع: بدلاً من الإعلان عن الضم الفوري لغور الأردن، أعلن عن “نيته” ضم الغور بعد أن يشكل الحكومة المقبلة.

ملاحظة: من خلال المداولات، لم يرفض أحد ضم الغور. هذا قرار سياسي شرعي، يتمتع أيضاً بإجماع جماهيري. المشكلة هي طريقة التنفيذ السائبة، عشية الانتخابات، بارتجالية.

في ذاك المساء، وبعد أن هدأت أصداء لهيب “حديث الصراخات”، خرج نتنياهو إلى جولة انتخابات في أسدود. الجهاد الإسلامي أطلق صاروخين، أحدهما باتجاه المدينة. أخلى الحراس نتنياهو من المنصة في ما ظهر كصورة مهينة وصفها نفتالي بينيت كـ “إهانة وطنية”.

يفهم نتنياهو معنى مثل هذه الصورة عشية الانتخابات. صورته كـ “قوي حيال حماس” تعرضت لضربة أليمة، في التوقيت الأسوأ الذي يمكن تصوره. عاد إلى الكريا في تل أبيب وهو غاضب، وعقد على الفور المشاورات الأمنية.

طلب نتنياهو في المشاورات الأمنية الخروج إلى عملية في غزة. لم يأمر بالحرب، ولكنه أمر باتخاذ سلسلة أعمال هجومية كانت ستؤدي، على نحو شبه مؤكد، إلى اندلاع جولة قتالية قوية في القطاع. احتج قادة أذرع الأمن مرة أخرى. “هناك حاجة إلى تجنيد الاحتياط لإعداد المخططات والميدان”، قالوا. ولكنه لم يرغب في السماع، فأصدر الأمر، وهذا هو. في هذه المرحلة قيل له إنه ملزم بطرح الموضوع لمصادقة الكابنت. قيل له: “هذه أعمال معناها حرب. وهذا أمر يستوجب مصادقة الكابنت”.

تفاصيل هذا اللقاء نشره لأول مرة، أمس، الصحافي عاموس هرئيل في “هآرتس”. وأضاف باراك رابيد تفاصيل في القناة 13 في نشرة المساء.

ومن هنا لاحقاً، تفاصيل لم تنشر بعد: نتنياهو كان في لحظة متشنجة على نحو خاص وقرر الاستجابة للتحدي. تحتاجون إلى الكابنت؟ فليكن كابنت. في الساعة 1:30 ليلاً عقد الكابنت. هاتفياً. وبخلاف كل منطق، لم يضم إلى خط الاتصال قادة أجهزة الأمن كي يسمعوا الوزراء استعراضاً أمنياً. كان يعرف أن رئيس الأركان، ورئيس الشابات، ورئيس أمان، ومسؤولين آخرين، سيحذرون الوزراء من عملية فورية. فحصل هو على مصادقة الكابنت للخروج إلى عملية من خلف ظهر جهاز الأمن. إذ إنه ببساطة وضع الوزراء أمام الأمر الواقع وطلب المصادقة للخروج في عملية. طلب، فتلقى.

في الغداة، الأربعاء، لم يهدأ نتنياهو. أمر الجيش الإسرائيلي للبدء في الأعمال اللازمة تمهيداً للهجوم. ففي يده مصادقة الكابنت. جهاز الأمن فقد الثقة برئيس الوزراء في هذه المرحلة. كان هناك بعض من كبار المسؤولين ممن فكروا بالاستقالة. كان صعباً على الناس أن يصدقوا بأن نتنياهو عقد الكابنت دون أن يسمع الوزراء استعراضات أمنية. غير أن نتنياهو لم يهدأ. أقلع إلى سوتشي، إلى لقاء مع رئيس روسيا، فلاديمير بوتين، حيث جف ثلاث ساعات بانتظار مهين فسخن أكثر فأكثر.

افيحاي مندلبليت، المستشار القانوني للحكومة، أنقذ ذلك الوضع، بعد أن تلقى توجهاً من الجيش الإسرائيلي وسمع بالقصة. وفهم أن رئيس الوزراء يوشك أن يأمر بعملية عسكرية واسعة وبدون نقاش مرتب في الكابنت، فأوضح مندلبليت لنتنياهو بأن الحديث يدور عن فعل غير قانوني. وقال المستشار إنه يجب على الكابنت أن “يجلس”، بمعنى، بحث مرتب، في جلسة. ويجب، اضاف المستشار، ان يسمع الوزراء الاستعراضات الأمنية – وعندها يجرى التصويت.

في هذه المرحلة، وقبيل نهاية الأسبوع، هدأ نتنياهو أخيراً.

غضبه يبدده منذئذ في خصومه السياسيين. أمس غرد رئيس وزراء إسرائيل بأنه “لو كان غابي أشكنازي في الليكود لزج في السجن”. أما الحقيقة، بالطبع، فمعاكسة. لأشكنازي شهادة حسن سلوك من شرطة إسرائيل. التغريدة الصحيحة هي أنه “لو لم يكن نتنياهو رئيس وزراء، لكان منذ اللحظة في السجن”. بعد ذلك، أعلن بأن غانتس اتفق مع أحمد طيبي وأيمن عودة على منصبي وزيرين في الحكومة رغم أنه يعرف بأن احتمال حصول هذا ليس وارداً.

“رئيس الوزراء فقد الكوابح”، قال أمس مسؤول كبير سابق في جهاز الأمن. (ليس جزءاً من الساحة السياسية). مسؤول كبير آخر أضاف: “المشكلة هي أننا نجلس جميعنا في هذه المركبة التي يندفع فيها إلى الهاوية”.

أفادت مصادر في مكتب رئيس الوزراء بأن المستشار القانوني للحكومة هو الذي طلب من رئيس قيادة الأمن القومي إطلاع القضيم ملتسر على إمكانية عملية في أعقاب الوضع الأمني.

وجاء من مكتب رئيس الوزراء: “كل شيء يتم بتنسيق كامل مع محافل الأمن”.

بعد “صاروخ أسدود”: تفاصيل محاولة نتنياهو الشروع بحرب على غزة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى