تقارير وتحليلات

واشنطن بوست: زيارة ترامب لكوريا الشمالية عمل تاريخي وانتصار عظيم لديكتاتور معزول

تحت عنوان “برنامج ترامب لتلفزيون الواقع يسيطر على السياسة الخارجية الامريكية” قال إيشان ثارور معلقا في صحيفة ” واشنطن بوست” إن الرئيس دونالد ترامب قام بعمل تاريخي يوم الأحد أمام عدسات الكاميرا التي كانت تلاحقه وديكتاتور مبتسم، عندما كان أول رئيس أمريكي يقطع الخط الفاصل بين الكوريتين.

وبالنسبة لمقدم برامج تلفزيون الواقع سابقا فقد كان المشهد هو “الأفضل” لترامب. ففي الأسابيع الثلاثة الماضية ألمح مستشارو الرئيس لإمكانية عقد لقاء ثالث بينه وديكتاتور كوريا الشمالية كيم جونج- أون، وربما بعد مشاركة الرئيس في قمة العشرين التي عقدت نهاية الأسبوع في مدينة أوساكا اليابانية.

ووسط الشائعات والتكهنات التي سادت السلك الإعلامي في البيت الأبيض جاءت تغريدة ترامب من أوساكا حيث المح فيها إلى أنه سيسافر إلى المنطقة المنزوعة السلاح، وهي أخر منطقة مجمدة منذ الحرب الباردة لكي يطلب من الديكتاتور وبطريقة مناسبة لقاءه ومصافحته.

وجاء في تغريدة الرئيس التي كتبها يوم 28 يونيو 2019 “بعد عدد من اللقاءات المهمة ولقائس مع الرئيس الصيني تشي جينبنغ سأغاد اليابان إلى كوريا (مع الرئيس مون)، وأثناء وجودي هناك، لو شاهد هذا الزعيم الكوري الشمالي كيم، فسأقابله على الحدود/المنطقة المنزوعة من السلاح لأسلم عليه!”.

الزعيم كيم وجد فرصة لتحقيق ما لم يحققه والده أو جده ووقف مع ترامب في صورة معا، مهمة له وللأجيال. ولكن المشهد المسرحي ككل لم يخف أشكال التصرف التي باتت معروفة لدى ترامب.

وفي يوم الأحد كتب ترامب “أغادر كوريا الجنوبية بعد اللقاء الرائع مع الزعيم كيم جونج- أون ووقوفي على تراب كوريا الشمالية، وهو بيان لنا جميعا وشرف عظيم!”.

ويعلق ثارور أن الزعيم كيم وجد فرصة لتحقيق ما لم يحققه والده أو جده ووقف مع ترامب في صورة معا، مهمة له وللأجيال. ولكن المشهد المسرحي ككل لم يخف أشكال التصرف التي باتت معروفة لدى ترامب. وكما علق مراسل الصحيفة ديفيد ناكامورا فالمصافحة كانت أخر حلقة من “لحظات تم إعدادها وإخراجها بعناية” والتي كشف خلال السنوات الماضية عن رئيس راغب بلعب دور البطل والمنتج والمخرج والذي يحرك الكاميرات ويخلق الدراما ويزيد توقعات الرأي العام لما يريد كشفه.

وانتقد المرشحون الديمقراطيون لانتخابات الرئاسة 2020 المصافحة باعتبارها مثال جديد عن تملق ترامب للديكتاتوريين بدون أن يكون لديه أية استراتيجية واضحة. وبعد المصافحة جلس الزعيمان في لقاء نظم على عجل في الجانب الكوري الشمالي وأعلن بعده عن استئناف المحادثات في جهود نزع الأسلحة النووية ودعوة لكيم جونج-أون لزيارة البيت الأبيض.

إلا أن الخبراء كانوا يراقبون اي تقدم جوهري بين الجانبين قبل خطوة ترامب التي تعد تنازلا ضخما لديكتاتور معزول. فكيم يريد تخفيف العقوبات الدولية المفروضة عليه، ويريد البيت البيض نزع مخالبه النووية، وأي من المطلبين ليسا في وارد الحل، على الأقل في المستقبل القريب.

ويرى ديون كيم، الباحث في مركزز الأمن الأمريكي الجديد بواشنطن ان التقدم للإمام سيكون “صعبا” ومرتبط بصفقات تدريجية وعملية دبلوماسية طويلة وشاقة. وحتى هذا الوقت لم يظهر ترامب صبرا وجلدا على أمور كهذه مفضلا العروض الاستعراضية والأبهة.

ويقول أندريه لانكوف معلقا على خطوات ترامب “يريدون شيئا قويا من الناحية البصرية وضعيف من الناحية الجوهرية” مضيفا إلى أن الجوهر “صعب بل ومستحيل تحقيقه في ظل الإطار المتوفر ويشمل على أمور مؤلمة ويريدون حرفها إلى قارعة الطريق”.

وبعيدا عن الاستعراضية يقول ثارور إن غياب مستشار الأمن القومي، جون بولتون عن المشهد في كوريا يعد إشارة مشجعة، فهو الذي حاول جهده لتخريب الجولات الدبلوماسية السابقة مع بيونج يانج. وكان بولتون في العاصمة المنغولية في لقاء منفصل مع ستيفن بيغون، الممثل الأمريكي الخاص لكوريا الشمالية.

ولكن أحدا لا يتوقع تقدما قريبا في حل الملفات الصعبة. فبحسب آدم ماونت، من فدرالية العلماء الأمريكيين “لو كان هذا جزء من إنفراج واسع وتبعه اتفاق كبير لكان لحظة قوية ومثيرة” و “لسوء الحظ فهذه الأبهة الفارغة هي من أجل الأبهة”. ووراء العرض الساحر كما يقول أوري فريدمان في مجلة “ذا أتلانتك” قصة أخرى، فقد أخفت الإثارة والدراما التلفازية حقيقة هامة: وهي أن كوريا الشمالية لم تتوقف عن نشاطاتها النووية وربما صارت تمتلك أسلحة أكثر مما كان لديها قبل عام وعندما كان ترامب أول رئيس أمريكي يلتقي مع الزعيم الكوري الشمالي.

وأشار أن التقدم في عمليات نزع أسلحة كوريا الشمالية يعتمد على العلاقة الشخصية بين الرئيسين مع أن هذه العلاقة هي التي أسهمت في انهيار محادثات فيتنام هذا العام. ويعلق ثارور أن المشكلة في كل هذا هي أجندة الرئيس تعتمد على شخصية الرئيس ونجوميته وإرادة القوة فيما تهمش الشروط الأخلاقية والقيم السياسية والمحادثات الدبلوماسية المعروفة. فعندما جلس إلى جانب كيم جونغ- أون صاحب السجل المعروف بحقوق الإنسان، انتهز ترامب الفرصة لانتقاد سلفه باراك أوباما. ومازح قبل ذلك في قمة العشرين، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن التدخل في الانتخابات الأمريكية، رغم تقييم المخابرات الأمريكية الذي أكد تدخل الروس في انتخابات عام 2016.

 

وعندما سئل عن تعليقات بوتين الناقدة لليبرالية الغربية لم يفهم ترامب السؤال وشن هجوما على الديمقراطيين. وكالعادة في عرض الرئيس هناك الشخصيات المعروفة ولديها دور لكي تلعبه مهما كانت مؤهلات أفرادها، مثل ابنته إيفانكا وصهره جارد كوشنر الذي حضر لقاء كيم. فيما قرأت إيفانكا بيان البيت الأبيض عن محادثات والدها مع نظيريه الياباني والهندي. وفي شريط فيديو أصدرته الحكومة الفرنسية كشف عن الدور المربك لابنة الرئيس في قمة دولية. وكتب إد لوس، من صحيفة فايننشال تايمز أن “الفيديو” كشف عن “تعبيرات مختلفة الأدب المصطنع حيث تدخل ابنة ترامب في الحوار بين رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطانية تيريزا مي ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، ولم تكن مديرة البنك الدولي كريستين لاجارد قادرة على إخفاء تضايقها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى