تقارير وتحليلات

واشنطن تسعى لتحالف كبير ضد إيران يضم إسرائيل والخليج وبعض دول آسيا

صباح الأربعاء 16 مايو الحالي يلتقون جميعاً في صوفيا ببلغاريا، ليقرِّروا الخطوة التالية تجاه ما فعله ترمب بالاتفاق النووي مع إيران.

إنهم رؤساء حكومات الدول الـ28 الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، القلقون بشأنعقوبات أميركية محتملة تجاه الشركات الأوروبية التي ستتعامل مع إيران، والغاضبون من تعريفة الصلب والألومنيوم الأميركية الوشيكة.

ومن بين الجميع يوشك أصدقاء أميركا المقربون في أوروبا، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، على الانفجار من شدة الغضب والسخط. فخلال مجموعة من الاجتماعات والاتصالات الهاتفية بينهم على مدار الأسبوع الماضي، حاوَلَ الزعماء الثلاثة تصوّر ما يمكنهم القيام به حيال انسحاب ترمب من الاتفاق النووي مع إيران، وعزمه فرض عقوبات على شركاتهم التي تواصل التعامل معها.

وتتمثل الإجابة للأسف في أنهم لا يستطيعون أن يفعلوا الكثير.

يمكنهم الانسحاب أو الحفاظ على جوهر الاتفاق النووي

يمكنهم الانسحاب في مرارة وتجّهم، على غرار ما ذكره أحد المسؤولين الأوروبيين لصحيفة The Washington Post، ولكنهم يدركون أنهم لن يحققوا سوى القليل.

يمكنهم المطالبة بالاستثناء من العقوبات التي ذَكرت الإدارة الأميركية أنها سوف يتم تطبيقها على أي شركة أوروبية تتعامل مع كل من إيران والولايات المتحدة. ومع ذلك، فقد علموا أنه لن يكون هناك أي استثناءات بصورة واضحة.

يمكنهم البحث عن سبل للحفاظ على الاتفاق، من خلال تمديد الضمان المالي والضمانات الأخرى للاستثمار الأوروبي في إيران. ومع ذلك، حتى لو نجحت تلك الآليات -وليس هناك ما يجعلنا نعتقد أنها ستنجح- لم يقرر الأوروبيون بعد مدى استعدادهم لمعاداة ترمب.

وذكر وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، يوم الإثنين 14 مايو/أيار، عقب اجتماع مع نظيره الفرنسي أنهم عازمون “على الحفاظ على جوهر” الاتفاق النووي بدون الولايات المتحدة. وقال جونسون إن القوى الأوروبية الثلاث سوف تجتمع يوم الثلاثاء في بروكسل مع مسؤولي الاتحاد الأوروبي ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، لمناقشة “كيفية اقتراح الخروج من هذا المأزق”.

يمكنهم السعي لإنجاز اتفاق جديد مع إيران

ومع ذلك، يتردَّد هؤلاء في تعميق الجرح، رغم أنهم يريدون أن تتولى الولايات المتحدة مسؤولية علاجه. وذكر جونسون: “من المهم أن نستمر في التواصل مع الولايات المتحدة ونواصل الحصول على معلومات من أصدقائنا في واشنطن”، للتعرف على كيفية عزم الإدارة على تحقيق ما يريده ترمب، وهو إبرام اتفاق جديد مع إيران، يصحح أخطاء الاتفاق السابق.

ويذكر المسؤولون أنهم ليس لديهم أي فكرة عن كيفية عزم الإدارة تحقيق ذلك. وذكر أحد المسؤولين الأوروبيين الذي ناقش هذا الموضوع الحساس بشرط عدم ذكر اسمه “لم نسمع أي شيء يشبه الاستراتيجية”.

وخلال إعلان ترمب الانسحاب من الاتفاق، يوم الثلاثاء الماضي، وفي الإحاطة الإعلامية التي أدلى بها مستشار الأمن القومي جون بولتون، ذكرت الإدارة أنها تريد بدء المحادثات حول اتفاق جديد على الفور. واتصل بولتون، بناءً على وعده، بنظرائه من بريطانيا وفرنسا وألمانيا يوم الأربعاء. ومع ذلك، ذكر مسؤولون أوروبيون أن تلك المحادثات ركَّزت على إصرار الولايات المتحدة على عدم منح أي استثناءات من العقوبات للشركات الأوروبية.

وينتظرون صياغة واشنطن الجديدة للعلاقة مع إيران

خلال حوار مع قناة CNN يوم الأحد، لم يهدّئ بولتون المخاوف الأوروبية، وقال إن الاتفاق النووي أدى إلى تدهور -وليس تحسين- السلوك الإيراني في المنطقة. وقال “من السخيف أن أذكر أن إيران تشعر بتخفيف القيود المفروضة عليها. فأنا أرى أنهم يشعرون أنه يمكنهم التصرف بحصانة والإفلات من العقوبة، فقد كانوا يراقبون، وشاهدوا أن أوروبا لا تفرض أي عقوبة على برنامجهم الصاروخي” منذ توقيع الاتفاق عام 2015.

حينما اتصل وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بنظرائه الأوروبيين خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، كان الجميع يتوقون للاستماع إلى خطط الإدارة. ورغم ذلك، ذكر مسؤولون من اثنين من الحلفاء الكبار الثلاثة، أنه ألقى الكرة في ملعبهم حين سألهم كيف يرون المستقبل.

وذكر مسؤول أوروبي آخر “ولكن الأمر متروك للإدارة لوضع إطار أو صياغة موقف جديد. إننا ننتظرهم”.

يشعرون أنهم خارج الحلف الأميركي المزمع ضد إيران

ويتمثل انطباع بولتون وبومبيو حتى الآن في أن الإدارة تتصور إقامة تحالف كبير ضد إيران، يضم إسرائيل ودول الخليج وكبار شركاء إيران التجاريين في آسيا، وربما تعتقد أنها لن تحتاج إلى أوروبا، وفق تقرير صحيفة The Washington Post. وقال بولتون: “لن نخوض ذلك بمفردنا. فإننا نحظى بدعم إسرائيل ودعم البلدان العربية الغنية بالنفط والعديد من الدول الأخرى… أعتقد أن القضية تتمثل هنا فيما سيفعله الأوروبيون”.

ورغم أن الشركاء الإقليميين يسعون وراء المشاركة في حملة الضغط، بل والحملة العسكرية، إذا ما وصل الأمر إلى ذلك الحد، فإن دولاً مثل الصين -التي افتتحت لتوّها خطَّ سكك حديدية جديداً إلى إيران وذكرت أنها تعتزم استمرار حركة التجارة الطبيعية- غير معنية بمواجهة إيران.

ويفقدون كل أساس للثقة في العلاقة مع واشنطن

وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، يوم الجمعة، خلال كلمة أدلت بها، إن محاولات ترمب المستمرة للتحايل على القانون الدولي أدت إلى تعريض النظام العالمي متعدد الأطراف “لأزمة فعلية”، كما نقل موقع DW العربي.

وقالت: “إذا قلنا دائماً إن هناك شيئاً لا يناسبنا، وإنه ليس لدينا نظام دولي، وكل شخص يفعل ما يشاء، فإن ذلك يمثل أنباء سيئة بالنسبة للعالم”.

وأشار آخرون في حكومة ميركل أنه لا يكاد يكون هناك أي أساس للثقة في أي محادثات مستقبلية مع الولايات المتحدة. ونقلت مجلة Der Spiegel الألمانية مؤخراً عن نائب وزير الخارجية نيلز أنين قوله، إن الإدارة “لم تُظهر أي رغبة في أخذ مناقشات حلفائها على محمل الجد”.

وفي بروكسل، حيث مقر الاتحاد الأوروبي، يشكك البعض في إمكانية انعقاد أي محادثات مستقبلية مع الولايات المتحدة. ومن المتوقع حينما يلتقي المسؤولون هناك يوم الثلاثاء، أن تركز المحادثات على ما يمكنهم فعله لإقناع إيران بعدم التخلي عن الاتفاق، بدلاً من كيفية طمأنة الولايات المتحدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى