عالمنا الآن

موريتانيا: الرئيس المنتخب في عمرة والاستنفار الأمني والعسكري متواصل

سيكون اليوم الثاني من شهر أغسطس المقبل موعدًا لاستلام الرئيس الموريتاني المنتخب، محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني، لمهامه كرئيس للجمهورية، خلفًا للجنرال محمد ولد عبد العزيز الذي حكم 10 سنوات.
وتتحدث الأخبار عن مغادرة الرئيس الجديد إلى المملكة العربية السعودية لأداء العمرة، في انتظار ترتيبات تنصيبه، بعد أن أكد المجلس الدستوري فوزه بنسبة 52٪، وهو ما رفضه منافسوه في سباق الرئاسة.
وطالب المرشحون في بيان مشترك «بفتح حوار لحل الأزمة السياسية التي عمقتها النتائج الحالية المخيبة للآمال»، حسب وصفهم، معتبرين «أن الحوار هو المخرج الوحيد لما وصفوها بالأزمة السياسية المرشحة للتصاعد».
واتهم المرشحون المهزومون في اقتراع الرئاسة «النظام القائم في موريتانيا بتحويل الأزمة السياسية إلى أزمة اجتماعية عرقية تهدد الوحدة الوطنية».
وتنشغل وسائل الإعلام الموريتانية المستقلة، المحاصرة باستمرار انقطاع الإنترنت للأسبوع الثاني، بالاستنفار الأمني والعسكري المتواصل، متسائلة عما إذا كان «الرئيس المنتخب سيتمكن من استلام منصبه في ظرف يشوبه التوتر الناجم عن اعتقال عدد من السياسيين والمتهمين بأعمال عنف وأعمال شغب».
وأكد موقع «نوافذ» الإخباري المستقل في مقال افتتاحي «أنه بالإضافة لقطع الإنترنت الذي سبب غياب المواقع الإخبارية أو غياب متصفحيها، عاد الإعلام الموريتاني ليكون إعلامًا «رسميًا» يحمل خطابًا من جهة واحدة ولوجهة واحدة، كما تم في الوقت نفسه ضبط القنوات «الخاصة» على نبرة الإعلام المرسم ذاتها».
وأضاف: «سمع الناس من وزير الداخلية الحديث عن مخطط جهنمي، وعن أدوار لمقيمين من دول شبه المنطقة والجوار في تنفيذ ذلك المخطط، وعن اعتقالات، وعن توعد ووعيد لكل من تسول له نفسه المساس بالأمن، وتعكير هدوء حياة الناس، وسلامة ممتلكاتهم».
وتابع الموقع تحليله قائلًا: «تحدث الوزير بدون أن يتحدث تفصيلًا عن الجهة الراعية للمخطط، ولا عن المعتقلين من الموريتانيين، ولا عن سقف زمني لعودة الحياة إلى طبيعتها». وأضاف: «عرفت شوارع نواكشوط انتشارًا واسعًا لقوات الأمن، وانتشرت في بعض مقاطعاتها وحدات من الجيش بكامل أسلحتها، والكل يعلم أن الهاجس الأمني لتفسير ما يحدث هو مذهب السلطة، لكن تفسيرًا آخر يتداول على نطاق واسع؛ يقوم على أن الرئيس المنصرف لا يريد للرئيس الذي يخلفه أن يكون قويًا مستقلًا بذاته».
وتابع: «بدا ذلك من إصراره على الظهور بمظهر المرشح والقيم على شؤون المرشح المؤهل لخلافته، منذ إعلان الترشح وحتى السهرة الانتخابية التي أعلن فيها الفوز بالانتخابات قبل اكتمال الفرز الكلي للنتائج، وطبعًا قبل إعلان اللجنة المستقلة للانتخابات للنتائج المؤقتة، ما أثار حفيظة بقية المترشحين الذين اعتبروا ذلك الإعلان انقلابًا على إرادة الناخبين، ومهد لما سيتم لاحقًا من توتر يخيم هاجسه حتى اللحظة».
وأشار إلى إصرار «الرئيس ولد عبد العزيز من خلال وزارة الداخلية على عدم تمثيل المرشحين المعارضين أو المدعومين من المعارضة داخل لجنة تسيير اللجنة المستقلة للانتخابات، وهو أمر غير مبرر، سواء بالنظر لقيمة وجود مثل ذلك التمثيل على مصداقية الاقتراع شبه المضمون بالنسبة للمرشح المدعوم من السلطة، أو بالنظر لموقف الرئيس «عزيز» نفسه من تشكيل تلك اللجنة، التي قبل تقاسمها مع خصومه بموجب اتفاق دكار، ولم يهتم مطلقًا لتشكيلاتها اللاحقة، إدراكًا منه لمحدودية قدرتها على التأثير الفعلي في العملية الانتخابية».
ورأى الموقع أن التوتر أو التوتير الأمني هو «الإجراء المناسب لمرحلة تسليم السلطة للمترشح المنتخب، فمن خلاله تربك إستراتيجية الرئيس الجديد، ويجر للارتهان لسطوة الأجهزة الأمنية، التي بدورها تدين بالولاء للرئيس المنصرف».
وأضاف أن «التوتير الأمني ساهم حتى اللحظة في إبعاد المرشح المنتخب عن التواصل مع منافسيه في اقتراع الـ22 يونيو/حزيران، بفعل اتهامهم بتدبير الأحداث أو المشاركة فيها، ما يحرمه فرصة محاولة تدشين عهد جديد من الانفتاح والتفاهم، تتوافر مقوماته ومبرراته».
وواصل الموقع قائلًا: «حين ينصب الرئيس المنتخب في مثل هذه الظروف، وفي ظل برلمان انتخب على عهد الرئيس المنصرف، وشغل المعينون من طرفه الوظائف السامية -مدنية وعسكرية- في الدولة، واحتمال تعيين من هو بمثابة ابن له (ولد عبد الفتاح) وزيرًا أول لأول حكومة في العهد الجديد، في ظل كل ذلك، سيكون الرئيس المنصرف -كما صرح دائمًا- حاضرًا في المشهد السياسي، ومؤثرًا فيه لفترة لا يضع لها حدًا إلا انقلاب دستوري (ناجح حاسم وفي وضح النهار)، ينفذه الرئيس المنتخب، يطال قيادات الأركان والجيوش، والأجهزة الأمنية والهيئة التشريعية، والمجالس المعينة والمنتخبة، والوظائف السامية في الدولة».
وخلصت «نوافذ» في معالجتها إلى تأكيد «أنه بغياب الانقلاب أو فشله، فإن ذلك سيجر لتكرار صورة لا تزال إحداثياتها بادية للعيان لتغيير حقيقي لا يكاد يلوح أمله حتى يتوارى من جديد».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى