مؤسسة الديوانمنتدى الفكر الاستراتيجي

توماس فريدمان: القطع المحطمة للسلام في الشرق الأوسط

وصف الكاتب الأمريكي توماس فريدمان السلام في الشرق الأوسط في مقاله بصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، بـ” القطع المحطمة للسلام في الشرق الأوسط” مشيراً إلي أن الذكري السنوية الأربعين لاتفاقية كامب ديفيد هذا الأسبوع.

كامب ديفيد

ويقول فريدمان ” أن اتفاقية كامب ديفيد كانت علامة بارزة في عملية صنع السلام في الشرق الأوسط ولكن إلي أي مدي لم يتحقق السلام ما يجعلنا نبكي علي سقوطنا”.

وأشار الكاتب إلي انهيار الأوضاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين وعدم وجود فرصة للتقارب فيما بينهم مما قد يؤدي إلي انهيار أي رئيس فلسطيني وبالتالي ستقع المسؤولية علي إسرائيل وستتحمل المسؤولية بالكامل عن صحة وتعليم ورفاهية 2.5 مليون فلسطيني في الضفة الغربية، وسيتعين على إسرائيل بعد ذلك أن تقرر ما إذا كانت ستحكم الضفة الغربية بسلطة قانونية واحدة أو اثنتين ، وهو ما يعني أن إسرائيل ستختار بين ثنائية القومية والفصل العنصري ، وكلاهما لديمقراطية يهودية.

حماس

ويوضح الكاتب أن الكثير من الأشخاص يتصرفون بشكل سيء، ومن بينهم جماعة حماس التي تتبع مبدأ التضحية البشرية في غزة وتلقي موجة من بعد موجة للمتظاهرين ضد السياج الحدودي الإسرائيلي ويتعرضون للموت دون تحقيق اي هدف، مما يشعر الكثير بإن هذا فعل مخجل.

ويعتقد الكاتب أن حماس بمثابة لعنة علي الشعب الفلسطيني، ففي الوقت الذي كان مفتاح أي تقدم فلسطيني نحو الحل مع إسرائيل هو إشعار الأخيرة بأنها آمنة، لكن غير آمنة أخلاقيا بسبب استمرارها في احتلال الأراضي، فإن حركة حماس تقوم بعملية حفر لا تنتهي للأنفاق، بالإضافة إلى الهجمات الحدودية، ودون أن ترفق بعرض لحل الدولتين، بشكل يجعل من إسرائيل غير آمنة لكنها راضية أخلاقيا عن استمرار احتلالها للأراضي الفلسطينية.

نتنياهو لاعب استراتيجي

ويري الكاتب أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو كان لاعب استراتيجي بارع في مواجهة إيران وإدارة روسيا في سوريا، ولكن بالنسبة للقضية الفلسطينية اتبع استراتيجية عامة واستخدم جميع ذكائه لكي يجعل الفلسطينيين يلومون الولايات المتحدة، ولم يقدم اي أفكار جديدة أو تحقيق تقدم حول كيفية فصل الفلسطينيين لتجنب الخيارات الرهيبة من الثنائية القومية والفصل العنصري، وينحدر نتنياهو في التاريخ ليكون رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي فاز بكل نقاش ولكنه جعل إسرائيل تفقد كونها دولة ديمقراطية يهودية.

ترامب يؤيد الاستيطان الإسرائيلي

ويتابع فريدمان ان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أول رئيس أمريكي ليس لديه استراتيجية موالية لإسرائيل فقط وأنما ايضا يؤيد الاستراتيجية الاستيطانية اليهودية المؤيدة للتيار اليميني المتطرف، سعياً لإرضاء اليهود اليمينيين المتطرفين مثل شيلدون أديلسون، وعمل ترامب علي نقل السفارة الأمريكية إلي القدس دون أن يطلب اي مقابل من إسرائيل، متبعاً فن الهبة، ولكن الآن يمنع المساعدات عن الفلسطينيين كعقاب لعدم مثولهم لخطة السلام التي جاء جاريد كوشنر في حين لا يقول كلمة عن المستوطنات الإسرائيلية المستمر بنائها علي الإراضي الفلسطينية.

استراتيجية حبس الأنفاس

ويصف الكاتب استراتيجية السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية باستراتيجية “حبس الأنفاس حتي يتحول إلي اللون الأزرق” لرفضها التفاوض مع فريق ترامب بسبب غضبهم من نهج ترامب أحادي الجانب لنقل السفارة وخيبة الأمل لعدم تلقي اي ائتمان من إسرائيل أو الولايات المتحدة لتعاونها الأمني في الضفة الغربية.

ويشير الكاتب إلي استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للسياسة، أظهر أن 78٪ من الفلسطينيين يعتقدون أن السلطة الفلسطينية تعاني من الفساد، ما يجعل السلطة الفلسطينية بحاجه إلي استراتيجية جديدة وسريعة لأن استراتيجيتها القديمة للتحدي وأظهار بإنها ضحية باتت لا تعمل والوضع الراهن جعل الفلسطينيين في حالة من العرج ويجب ان يتجهوا لطاولة المفاوضات.

ويوضح الكاتب أن فريق ترامب يريد ان يجعل حلفاء أمريكا العرب يؤيدون صفقة القرن ولكن لن يفعلوا ذلك، إذا لم تلبي المطالب الفلسطينية ولن يقبل الفلسطينيون بالحد الأدني من المطالب دون غطاء عربي.

الحلفاء

ويحث الكاتب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالذهاب إلي الحلفاء العرب الأربعة الرئيسيين لأمريكا وهم مصر والأردن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ويقترح أن يقولوا بشكل جماعي نعم لخطة ترامب وكوشنر إذا كانت الخطة الأمريكية تتضمن المعايير التي تدعو إلي إقامة دولة فلسطينية وتمنح الفلسطينيين شكلا من اشكال السيادة في القدس الشرقية التي اغلب سكانها من العرب ويعيش فيها حوالي 300 الف عربي، ويجب علي السلطة الفلسطينية أن توافق ايضا علي ان دولتها ستكون منزوعة السلاح.

دعم خطة ترامب

ويعتقد فريدمان أن هذا من شأنه سيمنح القادة العرب غطاء لدعم خطة ترامب وإعطاء الفلسطينيين غطاءً لإعادة التعامل مع ترامب، وإذا تبنى فريق ترامب مثل هذه المبادرة الفلسطينية العربية وجعلها جزءًا من خطته ، فإنه سيجبر نتنياهو أيضًا على اتخاذ بعض القرارات، لأن الحقيقة هي ان نتنياهو ليس لديه عزم لقيام دولة فلسطينية ومنحها السيادة للسلطة الفلسطينية في القدس، لقد تمكن نتنياهو من بقاء تعنته محجوباً لأن الفلسطينيين كانوا يقاطعون المحادثات.

ويتابع فريدمان إذا تبنت خطة كوشنر ترامب الحد الأدنى العربي الفلسطيني ، فسيتعين على نتنياهو إما أن يرفضها ويفضح موقفه الحقيقي أو يتخلى عن بعض من مؤيديه السياسيين اليمينيين المتطرفين ويشكل حكومة جديدة مستعدة للتفاوض على شروط الولايات المتحدة، ويمكنه بالتأكيد القيام بهذا الخيار الأخير إذا أراد ذلك.

غطاء العودة للمفاوضات

وينقل الكاتب عن المفاوض الأمريكي المخضرم دينيس روس ” لا يستطيع الفلسطينيون أن يفقدوا سيطرتهم الحاكمة في الضفة الغربية” مضيفاً أن إدارة ترامب وإسرائيل لا تستطيعان أن يملئا الفراغ ، لأنه في الشرق الأوسط تمتلئ جميع الفراغات بشيء أسوأ.

ويوضح روس أن اتفاق الفلسطينيين وحلفاء أمريكا العرب على أسس الحد الأدنى للمفاوضات ، يعطي للفلسطينيين غطاء للعودة إلى الطاولة ويضع ضغطاً على فريق ترامب لتقديم خطة موثوقة أو أن يتعرضوا لكونهم غير جديين، ويعطي إسرائيل شريكا وبعض الخيارات المصيرية.

السادات وبيجن واجها الخيارات الصعبة

ويقول فريدمان “أنور السادات ومناحيم بيجن واجها خيارات صعبة، وقاما بالاختيار، ونحن في هذه المرحلة مرة أخرى، فبالنسبة للفلسطينيين إما العدم أو المسالمة، أما إسرائيل، فإما الانفصال أو دولة ثنائية القومية وتمييز عنصري، وخيار جارد كوشنر وترامب يكمن في خطة جدية، والتعامل بقسوة مع الاطراف كلها، بمن فيها إسرائيل، أو البقاء في بيتهما”.

ويختم فريدمان مقاله: أن إحراز تقدم نحو السلام يتطلب إخبار الجميع بالحقيقة ، ولف أذرع الجميع وعدم السماح لأي حزب ان يشرد عن الاتفاق، ثم الالتزام ببناء الشقق وملاعب الجولف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى