تقارير وتحليلاتمصر

بلومبرج: صفقة الغاز بين مصر وإسرائيل تعيد تشكيل الشرق الأوسط

قالت شبكة “بلومبرج” الأمريكية ان اتفاق استيراد مصر الغاز من إسرائيل ستحل مشكلة الغاز الطبيعي لمصر، على عكس ما يظنه الكثيرون بأن اكتشاف حقل ظهر العملاق وضع حدا لهذه المشكلات.

الغاز الإسرائيلي يثير الجدل

وأشارت الشبكة إلي اثارة الجدل حول اتفاق شركة دولفينوس القابضة وهي شركة مصرية خاصة مع شركة الغاز الإسرائيلية نوبل إنرجي، بسبب الوضع السياسي الحساس والعداء التاريخي لإسرائيل في المنطقة، ولكن الاتفاق يمثل نهضة مبدئية لمصر.

ولفتت الشبكة إلي مشاكل الغاز التي تعاني منها مصر منذ عام 2006 حيث احتاجت الصناعات الجديدة في الداخل إلى الكثير من إمدادات الغاز والذي لم يكن متوفرا بعد تراجع الاستثمار والإنتاج بعد ثورة يناير 2011.
وأضافت الشبكة ان خطوط الغاز في سيناء تعرضت للقصف أكثر من مرة منذ الثورة، و أثر ذلك على إنتاجية مصر من الغاز وهو ما تسبب بدوره في وقف عمليات التسليم من صادرات الغاز، الأمر الذي أدى أيضا لخفض التيار الكهربائي والتحول إلى رفع تكلفة الوقود ومن ثم تفاقم المشكلات الاقتصادية.

حكومة السيسي سيطرة علي مشكلة الغاز

وتمكنت حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي من السيطرة علي المشكلة ابتداءا من عام 2015، ورفعت الأسعار التي كانت على استعداد لدفعها مقابل الحصول علي الغاز الجديد، وقلصت الدعم المالي للمستهلكين ، وبدأت واردات الغاز الطبيعي المسال، من خلال محطات عائمة لإمداد مجموعة جديدة من محطات توليد الطاقة التي يتم تشغيلها بسرعة لأنتهاء من مشكلة انقطاع التيار الكهربائي، حيث كانت مشتريات الغاز الطبيعي المسال مكلفة ، بنحو 3.55 مليار دولار للسنة المالية 2015-2016 ، وهو ما يمثل شريحة كبيرة من عجز الحساب الجاري المصري البالغ 18.7 مليار دولار.

الغرض من الصفقة مع إسرائيل

وتشير الشبكة إلي ان بعد عامين ونصف من اكتشاف حقل ظهر والتطور السريع في العمل به، ارتفع السعر المعروض للغاز في البلاد ومنذ ذلك الحين خفضت الحقول الجديدة الأخري من إيني وبريتيش بتروليوم الغاز المسال ومن المتوقع ان تنتهي الوارادات كليا هذه العام، وأنه يجب أن يكون هناك فائض للتصدير في عام 2019، وبالنظر إلى ذلك ، ما هو الغرض من صفقة الغاز مع إسرائيل؟

وتري الشبكة ان مصر تحتاح إلي تغطية الطلب في المستقبل، ما يعني الانخفاض السريع في الإنتاج الأساسي والارتفاع الكبير في الطلب من محطات الطاقة الجديدة من دون تطورات جديدة قد يكون مستوردا صافيا مرة أخرى في وقت مبكر من عام 2021، وسيكون ععليها توفير الغاز من خلال التحول إلى الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والفحم الطاقة ، ومحطة الطاقة النووية التي من المقرر أن تبنيها روسيا في عام 2029.
وأضافت الشبكة ان مصر تردي ان تصبح مركزا للغاز ومن هذا المنطلق ستكون مصر مستورد ومنتج ومستهلك ومصدر للغاز واستخلاص القيمة من التحول بين العديد من الموردين والعملاء اعتمادا علي أفضل الأسعار.

الصعوبات

ولكن هذا المحور الاستراتيحي لاستخراج الغاز من البحر المتوسط يواجه صعوبات بسبب الحدود المتعارضة وأمريين دبلوماسيين رئيسيين وهما أن تركيا لا تعترف بجمهورية قبرص “اليونان” وعدم وجود علاقات بيت إسرائيل ولبنان، وفي 23 فبراير منعت السفن الحربية التركية اليونان من البحث عن الغاز في الجزيرة المقسمة.

وأوضحت الشبكة أن الخلافات السياسية الداخلية والعلاقات بين إسرائيل ولبنان أعاقت المستثمرين، والأسواق المحلية في قبرص وإسرائيل ولبنان والأردن صغيرة إلى حد ما ، وهذا يعني أن الحقول الكبيرة تحتاج إلى تزويد تركيا أو مصر أو المزيد من المستهلكين البعيدين، والاكتشافات حتى الآن على الرغم من أنها كبيرة إلا أن انخفاض أسعارالغاز في السنوات القليلة الماضية جعل بناء خطوط أنابيب لمسافات طويلة أو منشآت التسييل الجديدة مهمشة اقتصادياً.

لذلك ، يتطلب مشروع التصدير القابل للتطبيق تجميع الغاز من عدة دول وشركات منافسة ، باستخدام مزيج من البنية التحتية القائمة والجديدة، وتلعب المنافسات بين الشركات دوراً أيضاً.

اكتفاء ذاتي

وقد اجتذب الاتفاق الحالي انتقادات غاضبة داخل مصر ، حيث معارضو المشروع غير راضين عن شراء الغاز من إسرائيل، ويفترضوا أن بلدهم يمكنها تحقيق الاكتفاء الذاتي ولم تقم الأطراف باختيار طريق التصدير، سواء عبر الأردن التي جذبت وارادات الغاز الإسرايلي إليها، ولم تجري اي محاولات لإحياء خط الأنابيب المدمر من عسقلان إلى العريش ، أو لبناء خط أنابيب جديد تحت الماء يتجاوز منطقة شمال سيناء المضطربة.

ويمكن لمصنعي الغاز الطبيعي المسال في مصر تصدير حوالي 7.5 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً، وحصلت دولفينوس علي اتفاق 64 مليار متر مكعب على مدار عقد تقريباً ، وهو ما سيسمح لمرافق الغاز الطبيعي المسال بالعمل بكامل طاقتها إذا لم تكن مطلوبة للاستخدام المحلي، ومع إضافة اكتشافات قبرص الجديدة إلى المزيج يمكن أن يبقي هذه المصانع قائمة حتى مع ارتفاع الطلب المصري، وفي خلال عامي 2015 و2017 برز في مصر اكبر مجموعة للمستوردين الجدد للغاز الطبيعي المسال مما يساعد عودة مصر لتصدير الغاز وتوفير ما ينقص من الغاز في مصر.

تشكيل جديد للشرق الأوسط

ولفتت الشبكة إلي احتمال استيراد السعودية الغاز من روسيا حيث تعاني المملكة نقصا في الغاز، وقد تكون مدينة نيوم الجديدة التي يتشارك فيها مصر والسعودية والأردن نقطة حيدة لاستيراد الغاز المصري المعاد تسميته بشكل مناسب في حال تغلب المصريين من حساسية شرائهم للغاز من إسرائيل سيكون لديهم فرصة لتأمين احتياجاتهم المستقبلية، وتكون اللاعب الذي لا غني عنه في الغاز بالشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى