تقارير وتحليلاتمصر

خبراء يشيدون بمبادرة الرئيس السيسي لترشيد استهلاك المياه

لم تتوقف جهود الحكومة فى سبيل الحفاظ على مقدرات مصر، وخاصة ما يمس حياة المواطن، وذلك إيمانا منها بضرورة إشباع احتياجاته من ناحية والحفاظ على أمنه من ناحية أخرى وخاصة الأمن المائي، فتحت رعاية الرئيس السيسي تم إطلاق الحملة القومية لترشيد المياه تحت شعار” كل نقطة بتفرق” بهدف نشر ثقافة ترشيد الاستهلاك ورفع الوعي المائي لدى المواطنين، والتى تمثل تحديا كبيرا أمام التنمية.

في البداية قال الدكتور محمد عبد الحميد دَاوُد،َ خبير أمنى، إن مصر تعانى من شح مواردها المائية العذبة نتيجة تزايد تعداد السكان، ومن هنا تأتي أهمية الحفاظ على هذه الموارد الشحيحة ومبادرة رئيس الجمهورية لترشيد استهلاك هذا المورد الحيوي.

وأشار الدكتور دَاوُدَ، إلى أن طرق ترشيد استهلاك المياه تختلف حسب القطاع الذي تستخدم المياه فيه، متوقعا أن يصل حجم الطلب على الموارد المائية إلي حوالي 114 مليار متر مكعب سنويا، حيث يعتبر القطاع الزراعي أكبر مستهلك للمياه في مصر بنسبة تصل إلي حوالي 82% تقريبا بإجمالي 62 مليار متر مكعب يليه قطاع الشرب والأغراض المنزلية بإجمالي 10 مليارات متر مكعب سنويا.

وأضاف الخبير المائي أنه لابد من ترشيد المياه في القطاع الزراعي وذلك من خلال العديد من الوسائل منها استخدام الري المطور حيث تقوم الدولة ببذل مجهود كبير على هذا المشروع، مشيرا إلى أنه تم الانتهاء من تطبيق مشروع الري الحقلي المطور في أربع محافظات في الوجه البحري هي الشرقية والبحيرة وكفر الشيخ والدقهلية وست محافظات أخرى في الوجه القبلي هي بني سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج وقنا والأقصر بمساحات وصلت إلي أكثر من 221 ألف فدان حتى الآن.

وأكد الدكتور عبد الحميد دَاوُدَ، أنه تم البدء في المرحلة الثانية بواقع 30 ألف فدان تنتهي في ديسمبر 2018 للوصول إلى المستهدف من خطة تطوير الري الحقلي بواقع 250 ألف فدان بنهاية العام الحالي، مضيفاً أن تطوير الري الحقلي يسهم في ترشيد استهلاك مياه الري وتوفير المياه اللازمة لتنفيذ خطط التوسع الأفقي للدولة.

واستكمل الدكتور عبد الحميد دَاوُدَ، أن استخدام الصوب الزراعية كأحد الطرق الحديثة في الزراعة يسهم في زيادة الإنتاج الزراعي من خلال تعظيم العائد من وحدة المياه و المساحة، كما أن الدولة بدأت برنامجا طموحا للتخطيط والدعم الفني والتدريب لمشروع إنشاء مائة ألف صوبة زراعية لإنتاج الخضر والفاكهة، وتركيب المعدات والآلات اللازمة للمشاركة في تنفيذ المشروع القومي بعدة مناطق،
وأشار إلى أن الصوب الزراعية تسهم في زيادة الإنتاج وتعظيم الفائدة من استخدام المياه وترشيد مياه الري بنسبة تزيد على 75%، علاوة على تشجيع الاستثمار الزراعي وتحسين الإنتاج والعائد الاقتصادي، وتعتبر الصوب الزراعية وسيلة جيدة لاستخدام التقنيات والأنماط الحديثة في الزراعة، وتسهم في تحقيق مردود اقتصادي عالي من خلال زيادة الإنتاج فعلى سبيل المثال فإنه باستخدام متر مكعب واحد من المياه في الزراعة المفتوحة يمكن إنتاج من 7 إلي 8 كيلوات طماطم،بينما في زراعة الصوب الزراعية يمكن أن ينتج المتر المكعب الواحد من المياه 35 كيلو طماطم، فضلاً عن إنتاج حاصلات زراعية عالية الجودة بكميات ونوعيات جيدة، ومنتجات خالية من الملوثات وإتاحة فرص عمل جديدة بمناطق الاستصلاح المستهدفة ضمن الخطة القومية لمصر 2030، وتزيد من معدلات التصدير من المنتجات الزراعية لدعم الاقتصاد الوطني.

كما أن من أوجه ترشيد استهلاك مياه الري”الزراعة على مصاطب “مثل القمح وفي خطوط مثل الذرة وتُروى هذه الخطوط بطريق “النشع” المتتابع، ما يقلل من استهلاك المياه، على أساس أن مياه الري تجري في الخطوط فقط، ما بين المصاطب، أي أن المساحة المغطاة بالمياه، ستصبح أقل من ربع المساحة في الزراعات العادية؛ ويؤدي ذلك إلى توفير كمية كبيرة من المياه، رغم قلة احتياج القمح للمياه.

ويمكن ترشيد استهلاك مياه الري من خلال استخدام المحاصيل قليلة الاستهلاك للمياه وتخفيض المساحات المنزرعة بالنباتات الشرهة للمياه مثل تحديد مساحات زراعات الأرز؛ وبالفعل بدأت الدولة في تخفيض المساحات المنزرعة بمحصول الأرز من مليون و100 ألف فدان إلى 700 ألف فدان، موزعة على تسع محافظات في الوجه البحري هي الدقهلية والشرقية وبورسعيد ودمياط وكفر الشيخ والبحيرة والإسماعيلية والغربية والإسكندرية، ولابد من استخدام أساليب ري حديثة مثل الري بالتنقيط والابتعاد عن أساليب الري القديمة كالغمر، وبالتالي تتم المحافظة على أكبر قدر من المياه من الاستنزاف والإسراف.

وأضاف أنه بالنسبة القطاع المنزلي فقد أوضحت دراسة للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أن نسبة الفاقد من شبكات مياه الشرب بلغت 31.5 % من إجمالي كمية المياه النقية المنتجة على مستوى الجمهورية نتيجة تهالك وتقادم شبكات التوزيع والتسرب من المواسير لذا فإن هناك جهودا كبيرة تبذل من الدولة لتحديث الشبكات وصيانتها، كما أن هناك العديد من النصائح التي تسهم في ترشيد استهلاك المياه في المنزل باستخدام الصنبور عند الاستحمام بدلاً من البانيو وفتحه عند الحاجة فقط وإعادة غلقه وتجنب استخدام البانيو الذي يستهلك 140 لتراً في المرة الواحدة، وعدم غسيل السجاد بواسطة خراطيم المياه إنما بواسطة الآلات أو الشركات المختصة بذلك، ومراقبة طريقة استخدام الأطفال لصنبور المياه وحثهم للحفاظ على المياه وعدم الاستهتار بها، وغسل الخضروات والفواكه داخل إناء مملوء بالمياه وليس تحت الصنبور،وكذلك استخدام الأدوات الصحية المرشدة للمياه.

وفى سياق متصل قال الدكتور أحمد فوزى خبير مائى بالأمم المتحدة، إن الحملة القومية لترشيد استهلاك المياه التي طالب بها رئيس الجمهورية مهمة ولابد أن نهتم بها؛ لأننا أصبحنا نعانى من فقر مائى، مشيراً إلى أنه لابد من عمل عدة إجراءات منها حكومية واُخرى أهلية.

وأضاف الخبير المائى، أن الإجراءات الحكومية للحد من فقد المياه هى فرض رقابة على خطوط المياه للتجمعات السكنية المختلفة منعاً للتعديات على خطوط المياه، كما نراها الآن فى التجمعات العشوائية حيث تستهلك كميات كبيرة من المياه رغم كونها غير مرخصة.

وأشار الدكتور أحمد فوزى، إلى أنه يجب توافر ضبطية قضائية لدى مرفق المياه والصرف الصحى للحد من التعدى على أنابيب المياه وتوصيل المياه إلى الأماكن غير مرخصة والعشوائية، مؤكداً أنه لابد من مراقبة تدفقات المياه ومعرفة كل منطقة كم تستهلك من كميات المياه.

وأضاف الخبير المائى بالأمم المتحدة، أن تطوير أساليب تنقية المياه من خلال استخدام غاز الأوزون بدلاً من الكلور ومعالجة المياه الجوفية من بعض المناطق وضخ المياه فى الأماكن التى تعانى من الجفاف.

واستكمل الدكتور أحمد فوزى، أنه لابد من تقسيم مستهلكين المياه إلى شرائح لتقليل من معدلات الاستهلاك و التوزيع العادل للمياه، مضيفا أن المواطنين يجب أن يتعاملوا مع المياه بثقافة الندرة وليس البقاء.

وأوضح أنه من الضروري تغيير منظومة المياه عن طريق العدادات القديمة واستخدام العدادات الذكية؛ لأن الاعتماد على قراءة العدادات غير منتظم ومن الممكن أن يحدث به خطأ بشرى، مؤكداً على ضرورة التفكير فى المستقبل من خلال فصل مصادر المياه و عدم استخدام المياه النقية فى رى الحدائق وغسيل السيارات ودورات المياه أى نستخدم المياه غير المعالجة.

ومن جانبه قال الدكتور أشرف كمال خبير اقتصادى، إن قضية ترشيد استهلاك المياه تعتبر قضية وجود سواء على القطاع الزراعى أو فيما يتعلق بمياه الشرب، مضيفاً أن أساليب الرى التقليدية تؤدى إلى أنخفاض الكفاءة وهدر فى المياه، أما بنسبة لمياه الشرب فأن بها هدرا كبيرا نتيجة لسلوكيات خاطئة مثل غسيل الكم الهائل من السيارات الموجود بالمدن ورش الشوارع والطرقات والحدائق فضلاً عن الهدر فى المياه فى المنازل نتيجة ضعف الصيانة المنزلية.

وأضاف أنه بالنسبة لقطاع الزراعة لابد من ترشيد استهلاك المياه المستخدمة فى الرى سواء كانت لسد النهضة اثار سلبية على مصر أو لم يكن له تلك الاثار فى كل الأحوال لابد من الترشيد نظراً لانخفاض نصيب الفرد فى مصر من المياه كثيراً عن خط الفقر المائى العالمى الذى يبلغ ١٠٠٠ متر مكعب وتعتبر الزيادة السكنية عاملا رئيسياً محدداً فى هذه الحالة؛ لأننا فى حساب متوسط نصيب الفرد من المياه نقسم على المقام فى هذه الحالة عدد السكان وبالتالى من المتوقع انخفاض نصيب الفرد من المياه مما يهدد كل إستراتيجيات التنمية.

وأشار إلى أنه يجب الاستمرار فى سياسة استخدام أساليب الرى الحديثة فى الزراعة من الرى المطور والرى بالرش والرى المحورى، وبالنسبة للهدر فى مياه الشرب فلا مفر من تكثيف الحملات الإعلامية لتوعية المستهلكين بخطورة الممارسات الخاطئة فى هذا السياق بمختلف وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وهذه الحمله تعد بداية على الطريف الصحيح وأن تتسم بالاستدامة والاستمرارية وألا تنقطع وتكون موجة حماس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى