منتدى الفكر الاستراتيجي

فايننشال تايمز: العين بالعين أيديولوجية إيرانية لردع أعدائها وحتى تبدو قوية

في تقرير لمراسلة صحيفة “فايننشال تايمز” في طهران، نجمة بوزوجمهر، قالت فيه إن سيطرة الحرس الثوري الإيراني على ناقلة النفط البريطانية “ستينا إمبيرو” هي محاولة من إيران الظهور بمظهر القوي، لا الضعيف.

وقالت إن الطريقة التي قام بها الحرس الثوري بإنزال قواته على الناقلة هو تكرار للعملية البريطانية ضد ناقلة النفط الإيرانية في جبل طارق. وكان نشر إيران صورًا لعملية الإنزال والسيطرة على الناقلة البريطانية، الجمعة، بدا أنه تنفيذ وعدها بالانتقام من قيام البحرية البريطانية احتجاز ناقلة النفط “غريس وان” في جبل طارق.

وقال السياسي الإصلاحي محمد صادق جوادي حصار: “العين بالعين واليد باليد هي أيديولوجيتنا الإسلامية. والعين الأمريكية أو اليد الأوروبية ليست أثمن من عين أو يد الإيرانيين”.

وقال إن “إيران لن تسمح بتشويش ميزان القوة في المنطقة والذي سيكون بمثابة موتنا. ولو سمحنا لبريطانيا معاملتنا بطريقة غير عادلة فسيتبعها آخرون”. وأضافت الصحيفة أن القادة الإيرانيين يقولون إنهم ملتزمون بالحلول الدبلوماسية، ولا يريدون لا التصعيد أو التوتر مع الولايات المتحدة أو غيرها من الدول الغربية. وفي الوقت الذي يقولون فيه إنهم لن يبدأوا هجومًا، إلا أنهم يؤكدون على أن أي فعل عدواني سيتم الرد عليه بالمثل حتى لو أدى لاندلاع حريق.

وتزعم الجمهورية الإسلامية أن بريطانيا سيطرت على ناقلة النفط “غريس وان” بناء على طلب من الولايات المتحدة في رد على إسقاط الحرس الثوري طائرة تجسس أمريكية، والتي تقول الولايات المتحدة إنها وضعتها على مسافة دقائق في المواجهة مع العدو.

وتنفي بريطانيا المزاعم محذرة أن احتجاز الناقلة الإيرانية وضع إيران على “مسار خطير”، وأنها ستفكر بالرد وبقوة. ونصحت بريطانيا سفنها بأن تبتعد عن المنطقة. وترفض إيران الاتهامات البريطانية وأن ناقلة “غريس وان” المحملة بالنفط الخام كانت متجهة إلى سوريا منتهكة العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي. وقال سعيد ليلاز، المحلل الإصلاحي للاقتصاد الإيراني: “هذه كذبة كبيرة من بريطانيا، فهل هذه الناقلة الوحيدة المشتبه بنقلها النفط إلى سوريا منذ عقد تقريبًا”.

وفي الوقت الذي عبرت فيه إيران عن الاستعداد والاعتراف أن العملية التي قامت بها الجمعة هي انتقام لاحتحاز ناقلتها، إلا أنها تؤكد أن العملية جاءت لأن “ستينا إمبيرو” خرقت قوانين الملاحة، من خلال التسبب بالتلوث في المعبر المائي الحيوي، عندما أغلقت أجهزة المتابعة وتصادمت مع قارب صيد.

وقال ليلاز: “لدى بريطانيا إستراتيجية جديدة، وهي الدولة الوحيدة حتى الآن التي قامت عمليًا بتقديم المساعدة للعدوان الأمريكي ضد إيران”، و”لم يكن أمامنا سوى الرد وتذكير بريطانيا أن هذا ليس عام 1953″، في إشارة للانقلاب الذي شاركت فيه مع الولايات المتحدة ضد حكومة محمد مصدق. وجاءت السيطرة على الناقلة البريطانية بعد 24 ساعة من إعلان الولايات المتحدة أنها أسقطت طائرة بدون طيار إيرانية، قالت إنها اقتربت من بارجة حربية أمريكية في مضيق هرمز.

ونفت إيران خسارتها طائرة وبثت صورًا قالت إنها التقطها من البارجة في عملية ناجحة. وزاد التوتر مع إيران بعدما قرر الرئيس دونالد ترامب الخروج من الاتفاقية النووية الموقعة عام 2015 وإعادة فرضه العقوبات على طهران، ثم ممارسته سياسة “أقصى ضغط”، والتي أثرت على موارد النفط التي تعد شريان الحياة للبلاد. ولا تزال إيران في الاتفاقية، إلا أنها قررت زيادة مستوى تخصيب اليورانيوم أكبر مما تسمح به الاتفاقية، في محاولة منها لوضع ضغوط على الدول الموقعة على الاتفاقية مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا كي تفي بوعدها ومساعدة إيران.

ويقول المحللون الإيرانيون إن الجمهورية الإسلامية مستعدة لإيجاد حل سياسي للمواجهة الحالية، والتي قد تشمل مفاوضات مع الولايات المتحدة. إلا أن محمد جواد ظريف، وزير الخارجية، أكد في زيارة له لنيويورك قبل فترة أن لا مفاوضات طالما استمرت العقوبات. ويقول المحللون إن الولايات المتحدة قد تشعر بالجرأة لو بدت إيران ضعيفة ولن تقدم تنازلات في المستقبل.

ويقول السياسي المقرب من القوى المتشددة، حامد رضا تراقي: “بالتأكيد نقوم بإثبات أنفسنا خلال هذه النزاعات المحدودة التي نستطيع القيام بها لفرض سياسة الردع والرد على أي عدوان، سواء من خلال إسقاط طائرة أمريكية مسيرة أو ناقلة نفط بريطانية”، و”لكن إن واصل العدو عدوانه فستقوم إيران بتغيير مسارها الدفاعي والانتقامي إلى هجومي ووقائي”. وتقول إيران إنها لا تتسامح مع الدول الغربية الأخرى والدول في المنطقة التي تساعد الولايات المتحدة على زيادة الضغط، خصوصًا السماح لها باستخدام قواعدها العسكرية وقدراتها.

وقال تراقي إن إيران أخبرت دول المنطقة إنها لو سمحت للولايات المتحدة استخدام أراضيها لشن هجمات ضدها فستكون دولًا عدوة وبالتالي عرضة للانتقام. وقال: “لقد تلقينا ردودًا إيجابية من دول المنطقة، بما فيها السعودية، وأنها لن تشارك في أي حرب أمريكية مع إيران”. وتقول طهران إنها قادرة على تجنب العقوبات والبحث عن طرق أخرى، فيما يقول محللون إن تصدير النفط قد ارتفع بشكل قليل من المستويات القليلة خلال الأشهر الماضية.

وقالت مرارًا إنها ستجعل التجارة في النفط الخام مكلفة على الجميع لو تم منعها من تصدير نفطها. وقال تراقي: “تجارة النفط تكلف بريطانيا أكثر مما تكلف إيران بسبب الكلفة العالية للتأمين والحراسة العسكرية”، و”كان احتجاز الناقلة البريطانية رسالة للولايات المتحدة وعميلها البريطاني: لو ضربت مرة فستتلقين عشر ضربات”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى