منوعات

تعرف علي من أماكن شراء البابا لملابسه

الأب المُقدَّس لا يرتدي ملابس من صُنع شركة برادا، بل صُنع المسيح”.

كان هذا رد الصحيفة اليومية الرسمية في الفاتيكان، عندما فاز البابا بندكت السادس عشر  بلقب “أبرز مُرتدٍ للإكسسوارات في العام” عام 2007، حين كان في منصب البابا، وفقاً لتصويتٍ أجرته مجلة Esquire الأميركية.

لا يشتري البابا ملابسه من برادا، ولكنه يرتدي ملابس من صُنع متجر غاماريلي الإيطالي، حسب تقرير لصحيفة The New Yorker الأميركية.

كان المتجر الكائن في روما مكتظاً، حيث كان لورينزو غاماريلي الرجل الطويل الملتحي المُهذَّب يتجول في الداخل، بينما يدق جرس الهاتف باستمرار.

يُعَد لورنزو وابنا عمه ماسيميليانو وستيفانو باولو هم الجيل السادس من آل غاماريلي، الذي يدير المتجر الذي يقع في شارع سانتا كيارا منذ عام 1874، حين افتتحه والد جدهما أنيبيل حفيد جيوفاني أنطونيو، الذي كان أول خياط بابوي مُسجَّل من آل غاماريلي.

تتخذ صالة عرض متجر غاماريلي شكل مستطيلٍ عميق، يوجد بها صفٌّ من الصور الفوتوغرافية التي تُظهِر باباوات يرتدون ملابس من صُنع متجر غاماريلي، بدءاً من بيوس التاسع حتى فرنسيس. وقال لورينزو غاماريلي صاحب المتجر: “هذا هو أغلى زبائننا”، مشيراً إلى صورة بندكت السادس عشر.

الوحيد الذي نذهب له

“نذهب إلى الأب المُقدَّس بأنفسنا، أمَّا أي زبونٍ آخر، فيأتي إلينا”، يبدو أن  إحدى الخدمات التي يميز بها المتجر البابا، حسب لورينزو غاماريلي.

وقبل الانتخابات البابوية، يعرض هذا المتجر الموجود في روما أرديةً بابوية صغيرة ومتوسطة وكبيرة، في نوافذ العرض الخاصة به.

وحتى قبل انعقاد الاجتماع السري لإعلان البابا الجديد، يستعد متجر غاماريلي لصناعة الملابس التي سيرتديها البابا المُنتخَب في أول ظهورٍ علني له”.

ظلت الملابس البابوية بلا تغييرٍ كبير على مدار ألفي عام حتى مع وجود تغييرات صغيرة أشعلت شرارة فضائح دينية، كارتداء يوحنا بولس الثاني أحذيةً بسيطة بدون كعب، وتاج بولس السادس البابوي الذي وُضِع لاحقاً في أحد المتاحف، وأعاد بندكت تقديم عباءة الموزيتا المخملية الحمراء المزوَّدة بفرو الفاقم.

أفضلهم أناقة

يبدو أنَّ الأزياء المُقدَّسة اكتسبت شعبيةً في الثقافة عموماً في الآونة الأخيرة. ففي عام 2013، فاز البابا فرنسيس بلقب أفضل الرجال الأحياء أناقةً وفقاً لمجلة Esquire.

وفي مسلسل The Young Pope الذي عرضته شركة HBO الأميركية مؤخراً، قدَّم ليني بيلاردو -البابا الأميركي اللبق المُدخن بشراهة- نفسه للكرادلة مرتدياً تاجاً مزخرفاً من العصور الوسطى.

وبدءاً من شهر مايو/أيار المقبل، سيحتضن متحف المتروبوليتان للفنون أكبر عرضٍ للأزياء في تاريخه تحت اسم Heavenly Bodies: Fashion and the Catholic Imagination أو “أجسادٌ مقدسة: الأزياء والخيال الكاثوليكي”.

ومن المنتظر أن يمزج المعرض بين بعض أرقى الأزياء وأشياء من مجموعة المتحف المسيحية التي يعود تاريخها إلى العصور الوسطى، وستُعرَض كذلك أردية وإكسسوارات بابوية من خزانة مُقدَّسات كنيسة سيستينا لم يسبق أن شوهد الكثير منها خارج الفاتيكان.

هناك نقطة تتميز بها الأزياء الباباوية عن الملابس الأخرى

يرى لورينزو أنَّ العلاقة بين الأزياء والملابس الكنسية ترجع إلى العهد الجديد، مستشهداً بالآية رقم 28 من الإصحاح السادس من إنجيل متى التي تقول: “ولماذا تهتمون باللباس؟”.

وقال لورينزو: “بالنسبة لنا، فالأزياء البابوية عكس جميع الملابس الأخرى، إذ يجب أن تكون متطابقة دائماً. لدينا خيَّاطٌ واحد فقط لأنَّ جميع الملابس البابوية يجب أن تكون ذات تصميم واحد ونمط واحد”.

سيفاجئك مَن يصنع ملابس البابا؟

آخر خياطٍ في آل غاماريلي كان بونافينتوا جد ابني عم لورينزو. ولكن على مرِّ السنوات العشرين الماضية تغيرت الأمور.

فرئيسة الخياطين أصبحت امرأة، وهي مونيكا التي يمكن رؤيتها وهي تهرول في أرجاء غرفة القياس، حيثُ كانت تضبط قياسات بعض الأردية على رجلين، ثم تصعد الدرج الحلزوني مسرعةً إلى الورشة.

الملابس الكنسية ليست ثابتةً تماماً، كما أن لديها مواسم، لكنَّها غير محكومة بصيحات باريس أو نيويورك أو ميلانو، بل التقويم الطقسي الكاثوليكي.

وأوضح لورينزو ذلك قائلاً: “تكتسي الملابس باللون الأخضر في الأيام العادية، والأرجواني في وقت الصوم الكبير وموسم مجيء المسيح، والأحمر في عيد العنصرة وعيد الشهداء، والأبيض في الأعياد الأهم مثل عيد الميلاد وعيد الفصح. واللون الوردي في يومين فقط في السنة: يوم الأحد الثالث في موسم مجيء المسيح، والسبت الرابع من مدة الصوم الكبير”.

لا نحب صنع أشياء قبيحة ولكن هناك بعضها موجود بالفعل

قال لورينزو: “لدينا مثلٌ إيطالي يقول L’abito non fa il monaco، أي “الزي لا يصنع راهباً”، ولكن هناك سببٌ لجمال الملابس”. واستشهد بالقديس فرنسيس قائلاً: “كان فرنسيس مؤيداً جداً لارتداء الملابس الزهيدة للغاية، لكنَّه قال ذات مرة: “حين تتلون قداساً، ينبغي لكم استخدام أغلى الملابس وأثمن الأشياء، لأنكم تقفون أمام الرب”.

وأضاف لورينزو: “وكذلك لن نكون سعداء بصناعة أشياء قبيحة، لا أصف أبداً أردية الكهنة بالقبيحة، ولكن هناك بعض الأردية القبيحة بالفعل”.

لماذا  ذاع صيت جوارب الكرادلة الحمراء؟

في الغرفة الأمامية، كان هناك مراهقٌ أميركي طويل نحيف يتجول في المتجر بصحبة والدته. ثم سأل: “ما ثمن…” قبل أن يصمت خجلاً إلى أن شجَّعته والدته على إكمال السؤال، فقال: “… الجورب؟”.

فأجابه ماسيمليانو غاماريلي بلُطفٍ قائلاً: “ثمن الجوارب 13 يورو (15.9 دولار) يا سيدي”.

وقال لورينزو: “السياح يشترون العديد والعديد من الجوارب”، بينما دخلت مراهقةٌ أميركية ذات شعرٍ مُبيَّض وترتدي حذاءً من طراز دكتور مارتينز، وبدا أنَّها لم تكن ذات صلةٍ بالفتى. كانت تقف خلف الفتى مباشرةً بجوار المرأة المتحدثة في هاتفها باللغة الألمانية، وسألت كذلك عن الجوارب.

وقال لورينزو: “في الماضي، كُنَّا نصنع جوارب لرجال الدين فقط، إذ كانت الجوارب السوداء للإكليركيين والقساوسة، والأرجوانية للأساقفة، والحمراء للكرادلة”.

لكنَّه أضاف أنَّ الأوضاع تغيَّرت منذ نحو عشرين عاماً برعاية إدوارد بالادور رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق. إذ قال لورينزو: “لم نكن نعرفه، لكنَّه كان يرتدي جوارب متجرنا، الحمراء منها على وجه التحديد. فبعد انتخابه رئيساً للوزراء مباشرةً، سأله أحد المذيعين في لقاءٍ صحفي: “من أين تشتري الجوارب الحمراء الفاخرة؟”، فأجابه آنذاك قائلاً: “من متجر صغير في روما اسمه غاماريلي”.

وأضاف لورينزو: “وقبل بضعة أشهر في فيلم Ghost Thread الذي لم أشاهده بعد، كان بطل الفيلم يرتدي جوارب أرجوانية اشتراها من هنا”، مشيراً كذلك إلى فيلم Phantom Thread الذي أخرجه المخرج الأميركي توماس أندرسون، وبطل الفيلم مُصمِّم الأزياء الذي أدى دوره الممثل الإنكليزي دانيال دي لويس، وكان يرتدى في أحد المشاهد زوجاً من الجوارب الأرجوانية الخاصة بالأساقفة من صُنع متجر غاماريلي. وأضاف لورينزو: “لذا أتى أناسٌ إلى المتجر سائلين عن الجوارب الأرجوانية لأنَّه ارتداها في الفيلم”.

سألت الفتاة الأميركية التي دخلت المتجر: “هل لديكم منها ما يناسب امرأةً في السابعة والثلاثين من عمرها؟”.

فأجاب أحد الموظفين في المتجر: “لا يا سيدتي أنا آسف، لدينا جوارب للرجال فقط”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى