وجوه

الملك عبد الله الثاني يفوز جائزة تمبلتون .. هذه قيمة مبادرة «الرواد الروحانيون» ودوافع فوز الملك بها

تسلم الملك عبدالله الثاني ، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، في العاصمة الأميركية واشنطن، فجر الأربعاء 14 نوفمبر بتوقيت عمان، جائزة تمبلتون ، التي فاز بها عن العام الحالي.

وتسعى جائزة تمبلتون إلى تكريم شخص على قيد الحياة، وفقاً للموقع الرسمي للجائزة على شبكة الإنترنت، قدّم إسهاماً استثنائياً في تأكيد البُعد الإنساني والروحي للحياة، سواء من خلال أعماله الخيرية أو اكتشافاته العلمية أو من خلال الرؤى والدوافع المُحركة له في الحياة، والدافعة له في اتخاذ القرارات.

ويُنسب اسم الجائزة إلى مؤسسها السير جون تمبلتون رجل الأعمال البريطاني، وهو رائد من رواد الاستثمار المالي والمبادرات الإنسانية، قضى وقتاً طويلاً من عمره يُشجع على الانفتاح العقلي.

وكان الشعار الذي ابتكره السير جون لمؤسسته يتمثل في قوله «ما أقل ما نعلم، وما أعظم لهفتنا لنتعلم»، وهذا الشعار يُجسد فلسفته الفعلية في الأسواق المالية وفي أساليبه المبتكرة في العطاء الإنساني.

جائزة المتميزين في المجالات الإنسانية

كان السير جون يتميّز بأنه دائم التساؤل لا يركن إلى السائد والمألوف، وقد كرَّس النصف الأول من حياته الطويلة للترويج للاكتشاف الذي كان يُطلق عليه «المعرفة الروحية الجديدة».

هذا المصطلح يشمل بالنسبة له التقدم في فهم الأمور التي تعتبر مُسلَّمات دينية، إلى جانب فهم الحقائق العميقة للطبيعة البشرية والعالم المادي، فقد كان تمبلتون مقتنعاً أن معرفة البشر بالكون لا تزال محدودة للغاية، وكان يأمل أملاً عظيماً في تشجيع كل البشرية على الانفتاح أكثر لاكتشاف أسرار الكون ومحاولة فهم الذات الإلهية.

لهذا أسَّس جائزة تمبلتون في عام 1972،  وقد أراد أن تهدف جائزته إلى التعريف بالمتميزين في المجالات الإنسانية، والأفراد المتفانين الذين كرَّسوا مواهبهم وقدراتهم لتوسيع الرؤية الإنسانية والروحية للحياة، ولا تهدف الجائزة إلى الاحتفاء بأي فكرة إيمانية خاصة بالإله.

لكنها تسعى إلى دعم وتقديم الجهود الإنسانية المُتميزة لأولئك الذين طوروا مفاهيم روحية جديدة، أو ساهموا في طريقة جديدة لفهم علاقة الله بالكون، وفي عام 1987 نال السير جون لقب «فارس» من الملكة إليزابيث الثانية على إنجازاته الإنسانية.

تهدف الجائزة إلى التعريف بالمتميزين في المجالات الإنسانية / Social media

عمومية الجائزة ومعايير الترشح لها

تُمنح الجائزة للرجال والنساء على حد سواء، كما أنه لا يُنظر لعقيدة أو مهنة أو الانتماء الوطني للفائز بالجائزة.

وضمّت قائمة الفائزين السابقين بالجائزة أشخاصاً ينتمون للديانات المسيحية واليهودية والإسلام والهندوسية والبوذية وغيرها.

وقد مُنحت الجائزة أيضاً لعلماء وفلاسفة ورجال دين وأصحاب أعمال خيرية وكتّاب وإصلاحيين، وعلى اختلاف الفائزين السابقين بالجائزة، إلا أنهم كان مُحركهم التجديد والتميز في الجهود الروحية والاجتماعية والعلوم الإنسانية، والبحث عن إجابات الأسئلة الأساسية لوجود الكون وأصله والهدف منه.

ووفقاً للموقع الرسمي للجائزة أيضاً، فجميع الفائزين السابقين بالجائزة كانوا من الباحثين عن الحكمة، بالإضافة إلى كونهم يتميزون بالتواضع، وهي أشياء ليس من السهل توافرها نظراً لتعقيد الحالة البشرية وشدَّة صعوبة ترويض الطباع الإنسانية السيئة والسلبية.

ولكنهم بأفكارهم وأفعالهم استطاعوا أن يرسموا طريقاً للأمام، وأضْفَوا عليه الأمل والإنسانية، فقد أظهر بعض حائزي الجائزة أن لديهم القوة على تحويل الفضائل المعنوية مثل الحب والغفران والامتنان والإبداع إلى إنجازات مادية ملموسة، وقدّم بعض الفائزين بالجائزة رؤى جديدة حول المشكلات العلمية أو الفلسفية المُتعلقة بإجابات الأسئلة الوجودية الكبرى.

ويتم تشجيع الترشيحات بشكل خاص في المجالات التالية: الأبحاث الخاصة بالعلوم الإنسانية والعلوم الفيزيائية، الأبحاث الخاصة بدراسات الفلسفة واللاهوت، كذلك القيادة الدينية الإنسانية والروحية المؤثرة.

أما المُكافأة التي يحصل عليها المُرشح فهي جائزة نقدية قيمتها مليون جنيه إسترليني.

حكام الجائزة

المُحكمون الحاليون للجائزة من خلفيات ثقافية واجتماعية متنوعة، ومن بينهم:

جون برينان، وهو رئيس مجلس الإدارة الفخري والمستشار الأقدم لمجموعة «فانجارد جروب»، وهي واحدة من أكبر شركات الاستثمار في العالم، التي لديها أصول متداولة تتجاوز أربعة تريليونات دولار.

وكذلك ديفيد بروكس، وهو محرر ومراسل صحافي للعديد من الصحف، وله عمود بالنيويورك تايمز.

وأيضاً ليم سيونج جوان، وهو أستاذ في كلية لي كوان يو للسياسة العامة في جامعة سنغافورة الوطنية.

كان رئيساً لمجموعة حكومة سنغافورة للاستثمار (GIC)، ورئيساً لصندوق الثروة السيادية في سنغافورة.

الدالاي لاما الرابع عشر عام 2012 يتسلم الجائزة / Social media

الفائزون السابقون بالجائزة

منذ عام 1972 تُمنح الجائزة لشخصية واحدة سنوياً، ومن أشهر الفائزين السابقين بالجائزة:

الأم تيريزا، التي حصلت على الجائزة عام 1973 نظراً لجهودها غير العادية في مساعدة المشردين والأطفال المهملين في كلكاتا بالهند، وقد أدى عملها هذا إلى إحداث تغيير حقيقي بين أولئك الذين قامت بخدمتهم.

وكذلك سير ساربفالي راداكريشنان، حصل على الجائزة عام 1975، حيث كان رئيساً للهند من عام 1962 إلى عام 1967. وهو أستاذ الأديان الشرقية والأخلاق في جامعة أكسفورد، وقد دافع باستمرار عن نبذ العنف وتوقف الاعتداءات في صراعات الهند مع باكستان المجاورة، لقد أكدت كتاباته دوماً على نقل حقيقة عالمية تبنت الحب والحكمة لكل الناس.

والدالاي لاما الرابع عشر عام 2012، وهو الزعيم الروحي للبوذية التبتية، الذي جعله ارتباطه بالعديد من العلوم الأخرى والأشخاص المختلفين صوتاً عالمياً يتجاوز حدود تقاليد ديانته، وقد دعم الأخلاق العالمية من قوة التراحم ونبذ العنف وتحقيق الوئام بين الأديان العالمية.

رسالة عمان سبب فوز الملك عبدالله الثاني

وفي عام 2018 نال الجائزة الملك عبدالله الثاني، ملك الأردن، وعن ذلك تقول هيذر تمبلتون ديل، رئيسة مؤسسة جون تمبلتون ، إن الملك عبدالله الثاني ومنذ توليه حكم الأردن عام 1999 مستمر في بذل الجهود لتحقيق الوئام داخل الإسلام، فقد قام بتعزيز القوة الرمزية لمبدأ التعددية الدينية التي تحترم الاختلاف، وسعى لنشر الوئام الديني والاحترام بين 1.8 مليار مسلم، كذلك تحقيق الوئام بين الإسلام وغيره من الأديان الأخرى، ولم يسبقه أحد في هذا المضمار.

ففي عام 2004 أطلق الملك رسالة تحمل اسم «رسالة عمان»، التي قالت ديل إنها «أوضحت حقيقة الإسلام وبينت الأعمال التي تمثله، وتلك التي لا تمت له بصلة».

وفي عام 2006 أطلق الملك مُبادرة «كلمة سواء»، وهي رسالة مفتوحة من قيادات دينية إسلامية لقيادات مسيحية تنشد السلام والوئام، وتتحدث عن صميم المبادئ التأسيسية لهذين الدينين، وعن قيم مثل «حب الله» و»حب الجار».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى