وجوه

تعرف علي ديكتاتور أوروبا .. عمره 13 عاماً التقي ببوتين وأوباما والبابا بنديكت وغيرعم من قادة العالم

في الوقت الذي سيرث فيه أبناء بيكهام وأبناء براد بيت وأنجلينا جولي وأولاد ويل وجادا سميث الشهرة والمال، سيرث كوليا لوكاشينكو نجل رئيس روسيا البيضاء الكثير من القوة والنفوذ عن أبيه.

وفي سن يناهز 13 سنة يمكن لوكاشينكو أن يتباهى بمصافحة رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف (الذي سلم له مسدساً مطلياً بالذهب)، والبابا بنديكت وأوباما. ومن بين زعماء العالم الآخرين الذين صافحهم كوليا نجد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأيضاً هوغو تشافيز، وغيرهم من الشخصيات الأخرى.

وبحسب تقرير لصحيفة el espanol الإسبانية، في جميع الأحوال يتصرف الشاب الصغير على أنه من الشخصيات الرسمية في روسيا البيضاء، كما تتم معاملته على هذا الأساس في البلد الذي يحكمه والده ألكسندر لوكاشينكو (البالغ من العمر 63 سنة)، الذي يحكم بلاده بقبضة من حديد منذ 24 سنة.

وخلال العديد من المناسبات عبر الرئيس لوكاشينكو عن نيته أن يخلفه ابنه كوليا في الرئاسة، التي تعد بدورها الديكتاتورية الأخيرة في المجال الأوروبي.

وفي كثير من المناسبات، كان رئيس روسيا البيضاء يردد: «إنه طلسمي، وهو أيضاً صليبي، أصطحبه معي أينما أذهب». وبهذه العبارات، كان ألكسندر لوكاشينكو يبرر حضور ابنه في المحافل والمناسبات الرسمية.

يتصرف بطريقة رجل الدولة!

ومنذ بلوغه سن الثالثة عشرة، جعل رئيس روسيا البيضاء ابنه يترأس موكباً عسكرياً ارتدى خلاله الزيّ الرسمي. وعلى الرغم من أنه خلال هذه المناسبة الأولى لم يتردد الفتى الذي لم يتجاوز الثالثة عشرة عن العبث بأنفه أو رمش عينيه أو إظهار انزعاجه وضجره، إلا أن حضور «الشاب الذي يرتدي بدلة وربطة عنق» قد تحول منذ تلك اللحظة إلى عادة في كل جميع المناسبات الرسمية. تبعاً لذلك، أصبح كوليا يجلس على طاولة مأدبات الدبلوماسيين، حيث شرب مشروب الشامبانيا وناقش مسائل الدولة مع «زملائه».

في مقطع فيديو يعود إلى ثلاث سنوات، ظهر الشاب كوليا وهو يعزف على البيانو ويتحدث بلغة الماندرين لتهنئة المواطنين الصينيين بالسنة الجديدة. وخلال هذا الفيديو، تصرف الشاب بطريقة رجل دولة. ووفقاً لشائعات واسعة النطاق، يعد كوليا ابناً لرئيس روسيا البيضاء من علاقة خارج نطاق الزواج بطبيبته الخاصة. لذلك لا يمكن لألكسندر أن يكون فخوراً بابنه أكثر من هذا الحد، بحسب الصحيفة الإسبانية.

«كوريا الشمالية» الأوروبية

وبالنسبة لحوالي 9 ملايين ونصف مواطن يقطن روسيا البيضاء، البلد الذي يطلق عليه لقب «كوريا الشمالية الأوروبية»، يعد احتمال أن يتحول كوليا إلى قائدهم الموالي مجرد أحد التفاصيل من بين الكثير من معاناة هذا الشعب. كما يفرض على مواطني روسيا البيضاء معايشة الكثير من المعاناة في هذا البلد الذي يخترق كل القواعد العادية.

وعلى الرغم من مشاركتها حوالي 1200 كيلومتر من الحدود مع الاتحاد الأوروبي، تعد روسيا البيضاء من أكثر الأنظمة القمعية في العالم، كما أنها من أكثر البلدان الغامضة. ومع تفكك الاتحاد السوفييتي بدأت غالبية أراضيه تنأى بنفسها عن موسكو وإملاءاتها. لكن قرر لوكاشينكو، الذي ترأس البلاد منذ إنشائها بحلة ديمقراطية، الإبقاء على ذكرى النظام القديم.

وإلى الوقت الراهن تحمل وكالة أمن الدولة في روسيا البيضاء اسم الكي جي بي، أي لجنة أمن الدولة السابقة في الاتحاد السوفييتي. وبشكل عام، تتناسب أجهزة الدولة والرموز والخطابات التي يستخدمها لوكاشينكو تماماً مع العناصر التي تميز الاتحاد السوفييتي قبل 30 سنة. علاوةً على ذلك، تتشابه السياسة الاستبدادية لنظام روسيا البيضاء مع سياسات الاتحاد السوفييتي.

قبل بضعة أيام، قام الأب لوكاشينكو، وهي التسمية التي يحبذ الرئيس اعتمادها، بطرد الوزير الأول وجزء كبير من عناصر حكومة روسيا البيضاء، الذين اتهمهم بالفساد. لكن لا تعد هذه الحالة فريدة من نوعها في بلد يمكن فيه للرئيس تعيين جميع القضاة بمفرده، ويراقب بشكل شخصي ميزانية الدولة. وفي هذه البلاد أيضاً، يمكن أن تلغي كل المراسيم الرئاسية أي قانون كان، كما يجب على البرلمان الامتثال لقرارات الرئيس الذي يختار الوزير الأول أو يقيله بمفرده.

روسيا البيضاء: جنة للرقابة

ومن أجل ضمان السيطرة التامة على الشعب فرض لوكاشينكو رقابة على كامل البلاد؛ وهو ما أكده مؤشر حرية الصحافة في تقرير مراسلون بلا حدود. وفي هذا التقرير تحتل روسيا البيضاء المرتبة 155 من بين 180 بلداً، وقد تفوقت أمامها بلدان تغيب فيها الحريات على غرار الكونغو، وسوازيلاند وجنوب السودان. ووفقاً لهذه المنظمة، تم اعتقال حوالي 100 صحفي خلال السنة الماضية، وتعرّضوا في روسيا البيضاء إلى الضرب والسجن وتفتيش منازلهم.

وفي نظام لوكاشينكو يمنع على المواطنين التظاهر في منتديات الإنترنت دون تسجيل الاسم الحقيقي. علاوةً على ذلك لا يمكن للمراسلين الذين يعملون لصالح وسائل إعلام غير البيلاروسية الحصول على وثائق أو تراخيص، ولا يمكنهم تغطية أي حدث رسمي أو حضور ندوات صحافية. والأسوأ من ذلك لا يمكن لأي وسيلة إعلام يفوق فيها رأس المال الأجنبي نسبة 20% إنشاء مقر لها في روسيا البيضاء.

مثل غيره من الديكتاتوريين، يتجنب لوكاشينكو وصف نفسه بهذه الصفة. لكن، عندما تم سؤاله عن رأيه حول نائب ألماني مثلي قال لوكاشينكو إنه «كان من الأفضل أن يكون ديكتاتوراً، عوض أن يكون مثلياً». وفي قائمة تصريحاته المثيرة للجدل، تبرز تلك التي وجهها إلى اليهود، حيث أشار في إحدى المناسبات قائلاً: «لا يهتمون بالأماكن التي يعيشون فيها»، وقال أيضاً: «لا يعد هتلر سيئاً بالكامل، فقد بلغ النظام الألماني أوجه في ظل حكمه». وأضاف أن «الصحافة التي تنتقد هتلر ليست إلا دعاية قذرة».

المعارضة السرية

تكاد تكون المعارضة السياسية في روسيا البيضاء منعدمة، كما يتعين على المجموعات القليلة المعارضة التحرك بسرية تامة خوفاً من القمع. وخلال سنة 2015، حدث هجوم إرهابي في مترو الأنفاق في العاصمة مينسك. لكن لم يتم إيضاح تفاصيل هذا الحادث بتاتاً، رغم أنه تسبب في موت 15 شخصاً، بالإضافة إلى 195 جريحاً. وبعد أن أكدت الرواية الرسمية أن هذا الهجوم الإرهابي محاولة لزعزعة استقرار البلاد، تحول هذا الحدث إلى تعلة مثالية لاعتقال، وتعذيب، وحتى قتل بعض معارضي لوكاشينكو في بعض الأحيان.

خلال سنة 2020، ستنظم انتخابات رئاسية جديدة. لكن، ليس من المحتمل أن يتراجع نفوذ الرئيس الحالي، الذي استحوذ حزبه على كل السلطات وجميع المقاعد البرلمانية خلال سنة 2008. وخلال سنة 2010 حصل لوكاشينكو وحزبه على 80% من الأصوات أيضاً.

وتعد روسيا البيضاء بلداً مبنياً على أساس العجائب والتناقضات والقصص المأساوية. على سبيل المثال، لوثت كارثة تشرنوبيل حوالي 20% من أراضي روسيا البيضاء وأضرت بحوالي مليوني شخص من مواطنيها، في المقابل تعمل حكومة هذه البلاد بعد 31 سنة من هذه الكارثة على بناء محطة ضخمة للطاقة النووية أكبر بمعدل 6 مرات من المحطة التي سببت الكارثة.

ومن الأمثلة الأخرى على التناقض في روسيا البيضاء نذكر حادثة تغريم مكتبة في عاصمة هذه البلاد بمبلغ 60 ألف يورو بسبب بيع كتب محظورة، هي في حقيقة الأمر من تأليف الشاعرة سفيتلانا أليكسييفيتش، الحاصلة على جائزة نوبل للآداب خلال سنة 2015. ومن الحالات الأخرى، يمكن الحديث عن استقبال مارادونا مؤخراً باستعراض عسكري مهيب عندما تولى رئاسة أحد أندية كرة القدم الرئيسية في البلاد، على الرغم من أن لوكاشينكو من محبي هوكي الجليد.

وخير دليل على هذه التناقضات هو أن اللغة الرسمية لروسيا البيضاء معتمدة فقط في الأرياف، وتعتمد اللغة الروسية في هذه البلاد بشكل رسمي. وعلى الرغم من ذلك، يحبذ لوكاشينكو الإصرار على «استقلال بلاده» عن موسكو، متجاهلاً حقيقة أن 50% من معاملاتها التجارية الخارجية تحدث مع روسيا. وأخيراً، تعد روسيا البيضاء البلد الأوروبي الوحيد الذي يحافظ على عقوبة الإعدام في زمن السلم.

في تصريح أدلى به إلى الصحفيين، قال لوكاشينكو: «لا يتمكن ابني من النوم خلال الليل دون سماع إحدى القصص. لكنه لا يحب القصص التقليدية، ويحبذ القصص التي تتحدث عن المعارك والحروب». وأضاف: «خلال هذه الفترة أروي له قصة نابليون والحرب الوطنية العظمى عام 1812». وبالنسبة للكثيرين، يتغذى نظام لوكاشينكو عن بعض القصص والحروب التي استمرت 24 سنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى