وجوه

من هي المخرجة السعودية هيفاء المنصور التي اقتحمت عالم هوليوود بفيلم “ماري شيلي”؟

عندما قدم وكيل المخرجة هيفاء المنصور مقترحاً عن فيلمها الأخير “ماري شيلي”، المقتطف من الرواية الشهيرة لفرانكشتاين، ماري شيلي، شعرت المخرجة البالغة من العمر 43 سنة بالحيرة. “لقد استغربت من الأمر، فأنا أصلاً سعودية، وهذا فيلم تاريخي وباللغة الإنكليزية، لم أعرف ما العمل”.

لكن حين قرأت المخرجة سيرة الكاتبة شيلي، التي تم التشكيك في روايتها القوطية خلال سنة 1818 نظراً لأنها امرأة، استشعرت حينها التشابه الكبير بين حياة الكاتبة وجوانب من حياتها الشخصية، فقد نشأت في واحد من أكثر المجتمعات محافظة في العالم بأسره. بلد تمتعت فيه النساء بحقهن في التصويت عام 2015، بينما حصلن على الحق في القيادة خلال العام الحالي.

وقالت هيفاء: “لقد ذكرني هذا الفيلم نوعاً ما بالوطن. فعلى سبيل المثال، تم رسم صورة نمطية للمرأة، أصبح الجميع يعتبرها من المسلّمات. لقد شعرت حقاً برابط بيني وبين ماري شيلي”، كما نقل عنها تقرير لموقع مجلة Vanity Fair الأميركية.

هيفاء بدأت بحكاية الفتاة “وجدة” التي تريد ركوب الدراجة

تعدّ هيفاء المنصور أشهر مخرجة في المملكة العربية السعودية، وهو في الواقع إنجاز رائع في ظل القيود المفروضة بشكل صارم على بنات جنسها وعلى الفن الذي تقدمه. وكان فيلم “وجدة”، وهو عمل درامي تدور أحداثه حول فتاة في العاشرة من عمرها، انخرطت في مسابقة لتلاوة القرآن الكريم لتفوز بمبلغ من المال حتى تتمكن من شراء دراجة كانت قد منعت من ركوبها بالأساس. وكان ذاك الفيلم أول مشاركة للمملكة العربية السعودية في مسابقة الأوسكار وكان ذلك سنة 2012.

بدأ عرض فيلم “ماري شيلي”، الذي لعبت فيه النجمة إيل فانينغ Elle Fanning دور مؤلفة رواية فرانكنشتاين، لأول مرة في دور السينما بمدينتي نيويورك ولوس أنجلوس في 25 أيار/مايو، كما سيكون متاحاً للجميع اعتباراً من 1 يونيو/حزيران.

وهي من بين 3 نساء على رأس هيئة الثقافة بالمملكة

رفعت فيه السعودية الحظر الذي فرضته منذ 35 سنة على دور العرض السينمائية، فيما أصبحت هيفاء، الأم الرشيقة لطفلين، والتي تفضل ارتداء الأحذية الرياضية، سفيرة بين هوليوود والرياض. وفي نيسان/أبريل، كانت هيفاء من بين ثلاث نساء تمت دعوتهن للانضمام إلى الهيئة العامة للثقافة بالمملكة، وهي هيئة حكومية جديدة تُعنى بتطوير قطاعات الفنون والترفيه.

وجاءت الدعوة في الوقت الذي تم فيه بيع جميع تذاكر فيلم “Black Panther”، من إنتاج شركة ديزني، في غضون 15 دقيقة في أحد المسارح الجديدة في العاصمة الرياض، وبالتزامن مع قدوم ولي العهد السعودي البالغ من العمر 32 سنة، محمد بن سلمان إلى لوس أنجلوس لحضور اجتماعات تندرج ضمن مساع لتوسيع العلاقات العامة والعلاقات الاستثمارية بين الولايات المتحدة والسعودية.

وتعد إعادة افتتاح بن سلمان لدور السينما بمثابة إصلاح لاقى الترحيب داخل المملكة العربية السعودية وخارجها. في المقابل، لا ينفي ذلك التعقيد والغموض التي تشوب شخصية الأمير بن سلمان، حيث اعتقل العديد من خصومه السياسيين ودعم حرباً بالوكالة في اليمن ضد خصمه الإقليمي إيران.

وترى أن هيئة الثقافة تمهد لعصر جديد للفنون السعودية

أما هوليوود، فتدفعها الحوافز المالية إلى التغاضي عن أي نوع من التحفظات حيال النظام السعودي، إذ تشير التقديرات إلى أن افتتاح شباك التذاكر في السعودية من شأنه أن يحقق مليار دولار من العائدات بحلول عام 2030. والجدير بالذكر أن محمد بن سلمان كان قد التقى كلاً من روبرت مردوخ، والمدير التنفيذي لديزني، بوب إيجر، ومدير شركة “ويليام موريس أنديفور”، آري ايمانويل، بالإضافة إلى أوبرا وينفري، خلال رحلته.

أثناء احتساء الشاي بالقرب من مكان إقامتها في وادي سان فيرناندو بكاليفورنيا، قالت هيفاء المنصور “أنا امرأة تقدمية وليبرالية، ولا أعتبر نفسي انعكاساً للصورة النمطية السعودية”.

أما بالنسبة لها، فيعد انفتاح بلادها على ثقافة الأفلام خطوة نحو مسار تطورها المحتمل، على الرغم من أنها تحمل في طياتها تداعيات جيوسياسية على جميع أنحاء المنطقة وخارجها.

وأضافت هيفاء قائلة: “إنه لأمر رائع حقاً أن يختاروني لتولي هذا المنصب الرفيع جداً. فالمملكة العربية السعودية ترسم مساراً ونموذجاً لبقية العالم الإسلامي. ففي حال شرعت السعودية بتصدير أفكار حول الفن والسينما، فسيساهم ذلك حتماً في إحداث نقلة نوعية داخل هذه المجتمعات المحافظة والمتشددة”.

وهيفاء نجدية مولودة بالأحساء وكانت طفلة مختلفة

هيفاء المنصور هي الابنة الثامنة لشاعر سعودي من بين 12 طفلاً. من مواليد الأحساء وأصولها من الزلفي في نجد، والدها هو الشاعر السعودي والمفكر السعودي عبد الرحمن المنصور والدتها بهية حمد الصويغ و شقيقتها الفنانة التشكيلية هند المنصور.

نشأت بين الرياض والأحساء في شرقي السعودية، حيث انتقلت عائلتها للعيش بعد تولي والدها أعمالاً استشارية في قطاع النفط. وفي بيئة محافظة للغاية، ارتدت أمها حجاباً لا يرقى إلى المعايير الموضوعة آنذاك، كشكل من أشكال التحدي الناعم والذي رسخ في ذاكرة ووعي المنصور.

وقالت المنصور إن الجميع كان “يتحدث عنها، خاصة وأنها كانت فخورة جداً بهويتها ولم تشأ إخفاءها”. وأردفت المنصور قائلة: لطالما شعرتُ بالإحراج في طفولتي من هذا الأمر، وكنت أعتقد أنني لا أشبه والدتي. كنت دائماً ما ألوذ بالفرار عند قدومها إلى مدرستي. وفي نهاية المطاف، جعلني هذه الأمر أكثر قوة وصلابة الآن، كما أنني أصبحت أقدر ذلك الآن أكثر بكثير من ذي قبل. وفي الحقيقة، ما فعلته جعلني أدرك مدى أهمية أن تكون صادقاً مع نفسك وألا تتبع  كل ما هو سائد إن كان يقيدك ولا يناسبك”.

شاهدت في صباها أفلام جاكي شان وأحبت السينما والمسرح

على الرغم من التأويل المتشدد لتعاليم دين الإسلام الذي ساد خلال فترة حظر المسارح، كانت عائلة المنصور تستأجر أشرطة نظام الفيديو المنزلي “في إتش إس” لمشاهدة أفلام جاكي شان، وأفلام بوليوود، بالإضافة إلى أفلام والت ديزني المتحركة.

وحين كانت مدرستها تطلب من التلميذات أداء مسرحيات حول مواضيع مختلفة على غرار الصلاة واللباس المحتشم، كانت تتطوع المنصور لكتابة وإخراج هذه المسرحيات، وكانت تشعر بالفخر كلما تمكنت من إضفاء نوع من الدعابة في المواضيع التعليمية بغية إضحاك زميلاتها.

وقالت هيفاء إن “المسرح كان مكاناً لطالما شعرت فيه بأن كل شيء تحت السيطرة”. وتنتهج المخرجة أسلوب الفكاهة في حياتها الشخصية أيضاً، وربما كان هذا ما ساعدها في الإفلات من تبعات آرائها.

وعندما تزوجت المنصور من برادلي نيمان، وهو موظف في وزارة الخارجية الأميركية التقت به حينما كان يعمل في القنصلية في الظهران بالمملكة العربية السعودية، لم تكن النساء قد حظين بعد بحقوق القيادة في المملكة. لكنها على الرغم من ذلك، قامت المنصور بقيادة عربة جولف عند توجهها نحو المكان الذي سيُقام فيه حفل زفافها.

درست بالقاهرة وعملت مذيعة بقناة لبنانية

على غرار العديد من مواطنيها الشباب، اكتشفت المنصور أن الوقت الذي قضته خارج المملكة العربية السعودية قد عمق معارفها. فبعد حصولها على درجة البكالوريوس في الأدب المقارن في الجامعة الأميركية في القاهرة وتمتعها بقدر من الحرية النسبية هناك، شعرت بالضيق من الثقافة القمعية عند عودتها إلى موطنها.

وفي حين عجزت عن تجسيد ذلك القدر من الحرية خلال حياتها اليومية، اتخذت المنصور من صناعة الأفلام طريقة للتعبير عن قوتها وإمكانياتها.

وقد قدم لها إخوتها الدعم من خلال العمل معها على اعتبارهم ممثلين وطاقم العمل في الوقت ذاته، مما مكنها من تصوير فيلم قصير عن قاتل متسلسل يتوارى تحت عباءة سوداء لتنفيذ جرائمه. كما عملت مقدمة برنامج حواري لصالح شبكة لبنانية، وأخرجت فيلماً وثائقياً عن المرأة السعودية.

في مرحلة تالية، رافقت المنصور زوجها نيمان حين عيّن للعمل في أستراليا، حيث تحصلت على منحة دراسية، ومن ثم حازت على درجة الماجستير في الدراسات السينمائية في جامعة سيدني. في الأثناء، بادرت المنصور بكتابة سيناريو فيلم “وجدة”.

وقدمت سيناريو “وجدة” كمسرحية لكنه أصبح أول أفلامها

وقد رصدت رينا رونسون، العضو في وكالة “يونايتد تالنت”، مخرجة الفيلم في مهرجان أبوظبي السينمائي، حيث فازت بجائزة عن سيناريو فيلم “وجدة” الذي لم يتم إنتاجه في شكل عمل مسرحي. وقالت رونسون: “رأيت هذه المرأة الضئيلة جداً في بحر من الرجال، فأردت أن أعرف: ما هو محتوى السيناريو الذي كتبته؟ لقد كانت امرأة قوية وواثقة تروي لنا قصة كونية، قصة تحيل إلى أن كل شخص في هذا العالم يريد شيئاً ما ولكنه لا يمكن أن يحصل عليه في هذه الحياة”.

عندما تبنت رونسون موهبة المنصور، قبلت الطموح شبه المستحيل للمخرجة بتصوير أول مشهد لها داخل المملكة العربية السعودية. وقد صدت هذه الفكرة الكثير من الممولين المحتملين.

وقد تمكنت المنصور ورونسون من تأمين ميزانية قدرها 2.5 مليون دولار تقريباً متأتية من المصادر مختلفة، بما في ذلك مجموعة روتانا، الشركة الترفيهية التي يملكها بشكل رئيسي الأمير السعودي الوليد بن طلال، الذي يعد من أوائل المدافعين عن توظيف النساء في المملكة، ومجموعة رازور فيلم التي تتخذ من ألمانيا مقراً لها.

وخاضت هذه المغامرات في اختيار الممثلين والتصوير بالشوارع

لانتقاء الممثل المناسب لدور البطولة في فيلمها، بحثت المنصور عن بطلها بين الشركات التي تستأجر راقصي الفلكلور لعطلة العيد. كما اختبأت المنصور في شاحنة صغيرة أثناء تصويرها في شوارع الرياض، وكانت تتواصل مع الطاقم العامل معها من خلال أجهزة اللاسلكي، وذلك حرصاً منها على أن لا تنتهك القواعد السعودية الصارمة المتعلقة بظهور المرأة في الأماكن العامة.

“لقد كان الأمر ضرباً من الجنون أكثر من كونه شجاعة. في بعض الأحيان، لا أدرك أني تجاوزت الحد المسموح به حتى يخبرني الناس بذلك. ثم أتوقف وأقول في نفسي “ماذا أفعل؟”. وقد واجه طاقم العمل ردود فعل مختلفة من السكان المحليين، حيث جوبهوا بالطرد من قبل البعض، في حين عرض آخرون تقديم المساعدة وجلبوا أطباقا من لحم الضأن والأرز إلى الفريق العامل.

من أجل ترشح فيلم “وجدة” لجائزة الأوسكار، كان على المملكة العربية السعودية أن تسمح بعرضه. ومع غلق المسارح في ذلك الوقت، عرضت المنصور فيلمها في المراكز الثقافية والأندية الأدبية.

تُظهر بطلة الفيلم، وهي فتاة سعودية ترتدي بنطلوناً من الجينز وحذاء تشاك تايلور أول-ستارز أسود، تناقضاً واضحاً مع الصورة السائدة حول المرأة السعودية في الغرب، المرأة الغامضة التي تختبئ وراء عباءاتها. وقد أوردت رونسون، أن “الفيلم أعاد تموقع المملكة العربية السعودية ضمن الخريطة بشكل إيجابي. أود أن أقول إنه قد فتح عيون البعض على الحقيقة”.

فيلم Mary Shelley، أول أفلام المنصور باللغة الإنكليزية، وتجربتها الأولى في الإخراج، وذلك دون الحاجة إلى أن تأخذ بعين الاعتبار المحظورات المفروضة في بلدها. لقد صورت فيلمها في أيرلندا ولوكسمبورغ وفرنسا، كما تمكنت من تصوير مشاهد الحب بين فانينغ التي مثلت دور ماري شيلي والممثل الإنكليزي دوغلاس بوث الذي مثل دور الشاعر بيرسي بيش شيلي، وهي من المشاهد التي يستحيل إخراجها في وطنها.

تقول هيفاء: “أنت ترث تلك الرقابة الذاتية، حول ما يجب أن تقول، وما يجب أن لا تقول. أثناء إخراجي لفيلم Mary Shelley، لم تسلط عليا أي رقابة ذاتية أو خارجية، كم هو ممتع أن تحظى بهذه الحرية. لم نركز على ما هو صواب أو خطأ، بل كان التركيز حول هل الطقس يسمح بالتصوير أم لا؟ في حين نتعرض في المملكة العربية السعودية دائماً للرقابة والممنوعات. ولكن هنا، بمجرد أن تقول للممثل انزع ملابسك يطيعك فوراً”.

وهيفاء متفائلة ومتحمسة للحركة النسوية في العالم.. والسعودية

في حين أن الكثيرين في الغرب يشككون في نظام محمد بن سلمان، تؤمن المنصور أن التحولات الثقافية التي أقرها سيكون لها تأثير قوي وإيجابي على الحياة اليومية للشعب السعودي وخاصة النساء. وستشارك المنصور من موقعها في الهيئة العامة للثقافة، في تقديم منح دراسية للسعوديين الذين يرغبون في دراسة الفنون في الخارج، وبناء الأكاديميات داخل البلاد، وتقديم حوافز مالية لصانعي الأفلام للعمل محلياً.

وفقاً لديفيد كومينز، أستاذ التاريخ في كلية ديكنسون ومؤلف كتاب “الإسلام في المملكة العربية السعودية”، سيكون حجم حرية التعبير الذي ستتمتع به المنصور في هذا المنصب، مقترناً بشكل كامل على مواقف محمد بن سلمان. وأضاف كومينز أن “كل هذا يتوقف على ولي العهد، ففي حال أباح لها أن تعبر عن رأيها فسيكون لها ذلك، وإن لم يرق لها الأمر فستكتشف ذلك بنفسها. إنهم، وفق تعبيرهم، يحاولون “هداية” الناس إلى الطريق الصحيح”.

تأمل المنصور أن تستخدم هذا المنصب لترسيخ بعض التوجهات الخاصة بها. في هذا الصدد، أوضحت المنصور: “أريد تشجيع ظهور المزيد من الأصوات السعودية، وخاصة النسوية، من خلال الفنون، ومنحهن منصة للتعبير عن أنفسهن”.

عندما وصلت الموجة الجديدة من الحقوق للنساء السعوديات، بدأت نظيراتهن في هوليوود وغيرها من مراكز الصناعات الأميركية الأخرى في الكشف عن المشاكل التي يواجهنها، على غرار الفجوة في الأجور والتحرش الجنسي، عن طريق مجموعة ناشطة في “حركة تايم أب”.

تقول هيفاء المنصور إنه من الصعب وصف مدى أهمية وثقل التغييرات التي تطرأ مؤخراً بالنسبة للنساء في المملكة العربية السعودية، لدرجة السماح لهن بقيادة السيارة والعمل في الأماكن العامة. وأكدت المنصور أن “رؤية النساء في جميع أنحاء العالم يدافعن عن أنفسهن من خلال حركة “تايم أب” سوف يتردد صداها بين صفوف النساء السعوديات، وأتمنى أن تلهمهن للتعامل مع هذه القضايا بشكل أعمق”.

وتعيش حياة عائلية سعيدة في ضواحي لوس أنجلوس

من عدة نواح، يمكن القول إن هيفاء تعيش حياة نموذجية باعتبارها أماً أميركية عاملة. وفي اليوم الذي التقينا فيه، كانت المخرجة السعودية تنظم مواعيد اجتماعات مع الملحنين الذين ستعمل معهم في فيلمها المقبل، بينما كانت تفكر في كيفية التصرف في جبل الغسيل الذي ينتظرها في المنزل قبل مغادرتها في رحلة.

حصل زوجها على إجازة من وزارة الخارجية للعمل في شركة باراماونت بيكتشرز  لمدة سنة في قسم إدارة العلاقات مع الحكومة. ورزقت هيفاء المنصور بطفلين، 8 و10 سنوات، اعتادا العيش في ضواحي لوس أنجلوس. أما فيما يتعلق بالحي الهادئ الذي تقطن فيه، قالت المنصور إنها “لا تعرف أميركا في القدم، لكن زوجها أكد لها أن المكان الذي تسكنه الآن يشبه إلى حد كبير أميركا القديمة”.

وأضافت المنصور أن الأطفال في الضاحية التي تقطن فيها يستطيعون اللعب، ويعرفون جيرانهم وكل المحيطين بهم. ومع ذلك، تعتبر عائلة هيرز عائلة صغيرة وفق المعايير السعودية، حيث أوضحت المنصور “في كل مرة أعود فيها إلى السعودية أحصل على محاضرة  لأنني اكتفيت بإنجاب ولدين فقط، معتبرين ذلك أمراً مخجلاً، أما أمي فتنزعج فقط”.

تختار المنصور معظم أبطال أفلامها من الإناث في معركة ضد تقييد التوقعات. وقد كانت المنصور ضمن فريق إنتاج فيلم “Nappily Ever After” التابع لشركة نيتفليكس، وهو فيلم كوميدي رومانسي يروي قصة عن الفروق العرقية، من بطولة الممثلة الأميركية سانا لاثان. وحيال هذا الشأن، قالت المنصور إن “الأمر يتعلق بتقبل نفسك واحتضانها حقاً والوقوع في حبها. وهو أمر صعب في بعض الأحيان عندما تكون من أصل إفريقي أو عربي. فأنت لست قوقازية، وطويلة القامة، وشقراء. هذه هي الصورة التي يجب علينا مطابقتها، إلا أن ذلك ليس ممكنا بيولوجياً”.

حالياً، تعمل المنصور وزوجها على إعداد فيلم رسوم متحركة، بعنوان “”Miss Camel، تتمحور أحداثه حول جمل وفتاة مراهقة في الشارع السعودي يعتقدان أنه كُتب لهما عيش حياة أكبر من تلك التي أعطيت لهما. وهذا الفيلم من إنتاج شركة  شادو ماشين، التي تنتج فيلم نيتفليكس “BoJack Horseman”.

وفي سياق متصل، أكدت المنصور أنه “من المهم بالنسبة لنا أن نتحدى التوقعات، ونقاوم الصورة النمطية. فأنا لا أريد أن تشعر ابنتي بأنها لا تستطيع أن تفعل شيئاً لمجرد كونها فتاة، أو التظاهر بأنها ليست ذكية فقط لتكون مشهورة، لن أتحمل حدوث ذلك. أريد أن يتغير مفهوم “الشهرة”، أن تكون قوية ورياضية، وهذا ما سيجعلها مشهورة”، كما نقل تقرير مجلة Vanity Fair الأميركية.

والفيلم المقبل عن طبيبة سعودية ترشح نفسها للانتخابات البلدية

ستعود المنصور إلى المملكة العربية السعودية في شهر يونيو/حزيران لمشاهدة عرض فيلمها “Mary Shelley” في أحد المسارح التي بنيت حديثاً في البلاد، ومن المحتمل أن تُحذف المشاهد الحميمية. وتعليقاً على ذلك، أكدت المخرجة أن هذا القرار لا يزعجها، لأنها كانت تتوقع أن فيلمها لن يُعرض في موطنها على الإطلاق. وتعتزم المنصور العودة إلى البلاد في الأشهر المقبلة لإطلاق فيلم “The Perfect Candidate”، وهو سيناريو شاركها زوجها في كتابته عن طبيبة تريد أن تخوض الانتخابات البلدية. وسيتم تمويل الفيلم من قبل ألمانيا والمملكة العربية السعودية، من خلال الحوافز الجديدة التي تقدمها المملكة لصناعة الأفلام.

تتوقع المنصور أن بلدها أصبح مكاناً مناسباً للإخراج أكثر مما كان عليه في السابق عندما أخرجت فيلم “Wadjda”. ومع ازدياد عدد النساء السعوديات اللواتي يطالبن بمساحة في الأماكن العامة، تأمل هيفاء المنصور أن يشترط اختيار الممثلات قدرا أقل من التملق. وفي حديثها عن تلك التجربة قالت المنصور “حينها لم يكن التصوير غير قانوني، لكنه لم يكن قانونياً كذلك، لذلك كانت النساء يشعرن بالخجل”. وأضافت المنصور “لم يكن الأمر واضحاً في السابق ولكن الآن أصبح التصوير قانونياً، لذلك ستكون لنا إعلانات لاختيار الممثلين ومكاتب. وستكون تجارب الأداء للتعرف على المواهب أكثر تنظيماً”.

تركز هوليوود على الفرص التي يتيحها شباك التذاكر في المملكة العربية السعودية، بيد أن هيفاء المنصور تهتم بالتبادل الثقافي بين البلدين. إنها تريد التصوير في الصحراء الحمراء، والجبال، والمواقع التاريخية في المملكة العربية السعودية، واحتضان صانعي الأفلام المحليين مثلما حدث معها. كما أشارت المنصور إلى أن “الشيء الأكثر إثارة بالنسبة لها هو رؤية المزيد من الأفلام السعودية لأن الكثير من الشباب السعوديين متعطشون لرؤية أنفسهم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى