آراء

الوعد بضم الضفة… بالون اختبار ينفخه ترامب ويطلقه فريدمان

لم يكن تصريح السفير ديفيد فريدمان زلة لسان أو تعبيراً عن أمنية، ولم يكن أمراً يتعارض وموقف سيده، الرئيس ترامب. وحين تحدث عن حق إسرائيل في ضم مناطق في الضفة، فإنه أسمع صوت سيده.
لقد تعرفت على فريدمان في أثناء حملة ترامب للرئاسة، حين منح «يديعوت احرونوت» المقابلة الواسعة الأولى، لقد تأثرت بحكمته، وبقدرته على التأثير على ترامب في كل ما يتعلق بإسرائيل واليهود، وبالأساس انتبهت لتمسكه بالهدف الذي وضعه لنفسه. فقد ترك كرسيه المريح في مكتب المحامين الناجح ودخل إلى الساحة السياسية تحت رعاية ترامب كي يجسد حلمه اليميني: بلاد إسرائيل الكبرى والكاملة. بعد أن كان عراب إيفانكا في أثناء عملية التهويد التي اجتازتها، أصبح فريدمان ابن بيت في بنتهاوس المرشح للرئاسة. فقد كان المشرف المتحكم في كل ما يتعلق بإسرائيل، والمتبرع السخي للمستوطنات. وقبل أن يعلن ترامب عن اعترافه بالقدس ونقل السفارة من تل أبيب إليها، كان فريدمان هو من وعد بأن الرئيس سيفعل ذلك قريباً. وما هي إلا بضعة أسابيع وإذا بالرئيس يفعل ذلك حقاً.
والآن، يقول السفير إن لإسرائيل الحق في ضم مناطق في الضفة. كمحام محنك وكثير التجارب يعرف جيداً بأنه حسب القانون الدولي، ليس لإسرائيل الحق في ضم أجزاء من يهودا والسامرة. ربما تحدث عن حق الإباء، الوعد الإلهي، وليس عن سياسة محددة. ولكنه ما كان سيقول ذلك لو لم يفهم بأن التوقيع الترامبي على أقواله لا بد سيأتي، وأن نتنياهو بات في الصورة.
لم يخف الرئيس عدم رضاه من أن إسرائيل تتجه مرة أخرى إلى الانتخابات. وقد فعل ما لم يفعله أي رئيس آخر قبله وتدخل في الشؤون الداخلية لإسرائيل عندما دعا الإسرائيليين إلى «البدء من جديد» وأشار إلى أن نتنياهو زعيم جيد. حتى الآن منح ترامب نتنياهو هدايا عدة: الخروج من الاتفاق النووي مع إيران، والاعتراف بالقدس، نقل السفارة والاعتراف بضم هضبة الجولان. أما الآن فجاءت الهدية الأكبر منها جميعاً، لن يتفاجأ أحد إذا لو حصل قبل الانتخابات من أجل مساعدة صديقه. يمكن التقدير بأن ترامب سيقفز إلى المنطقة كي يقص الشريط للمستوطنة في هضبة الجولان والتي ستسمى على اسمه، وفي الفرصة نفسها سيمجد ويمدح نتنياهو قبيل السطر الأخير في الحملة الانتخابية.
في الإدارة الأمريكية يفهمون بأن احتمالات تنفيذ صفقة القرن هزيلة، ويقدرون بأن الفلسطينيين سيرفضون الخطة. فقد قالوا صراحة إنهم لن يقبلوا بشيء هو أقل من دولة فلسطينية في حدود 67 عاصمتها القدس. إذا كان هذا ما سيحصل، ففي واشنطن يقدرون بأن نتنياهو سيعلن بأنه لا يوجد من يمكن الحديث معه فيتلقى الضوء الأخضر من ترامب ليضم بشكل أحادي الجانب كل قطعة أرض يسكن فيها مستوطنون.
ينظر ترامب إلى النزاع بعيني رجل عقارات. من ناحيته، يدور الحديث بالإجمال عن إعادة تقسيم العقارات. وهو لا يعترف بالتاريخ، بأنهار الدم التي سفكت في الجانبين، وإحساس الظلم، والغضب والمعاناة. يريد الرئيس الأمريكي أن يسجل إنجازات في الساحة الدولية، ويسمح لنتنياهو بأن يقتاده باستسلام. فريدمان بالإجمال أطلق إلى هواء العالم بالون اختبار، ولكن ترامب هو من نفخه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى