آراء

صفقة القرن ستظل علي ورق دون تعاون الفلسطينيين

قبيل افتتاح مؤتمر البحرين لتقدم الاقتصاد الفلسطيني بعد غد، نشر البيت الأبيض أمس القسم الاقتصادي من صفقة القرن، «السلام من أجل الازدهار»، والتي جمدت في هذه اللحظة بسبب الانتخابات في إسرائيل، وبسبب المقاطعة التامة التي أعلن عنها الفلسطينيون.
حسب الخطة التي عرضت، ستقام آلية لتجنيد التبرعات بهدف تحسين وضع الفلسطينيين الاقتصادي في الضفة الغربية وغزة، وفي الأردن ولبنان. وفي البيت الأبيض يأملون بأن تتحمل دول الخليج الفاسي وعلى رأسها السعودية، التمويل المركزي لتنفيذ الخطة، مثلما ستفعل دول غنية أخرى. وصرح رئيس فريق السلام الأمريكي وصهر الرئيس جارد كوشينر في مؤتمر لوكالة «رويترز» أن الولايات المتحدة ستنظر أيضاً في تقديم المساعدة المالية لتمويل الخطة الطموحة.
تقوم الخطة على أساس استثمار بمبلغ 50 مليار دولار على مدى عشر سنوات. 27.5 مليار منها تستثمر في الضفة الغربية وغزة، و22.5 مليار آخر في التنمية الاقتصادية لمصر (9 مليار)، الأردن (7.5 مليار) ولبنان (6 مليار).
يقترح الأمريكيون تشكيل مجلس أمناء دولي يقرر أي مشاريع يحول إليها المال ويوزع بشكل منح، قروض واستثمارات خاصة. وتركز الخطة على مجال البنى التحتية، المياه، الكهرباء، الاتصالات، السياحة، منشآت الصحة وغيرها.
بين الأهداف التي تضعها الخطة: مضاعفة الإنتاج المحلي الفلسطيني في غضون عقد، وإنتاج أكثر من مليون مكان عمل في الضفة وغزة، وتقليص معدل البطالة إلى منزلة واحدة وتخفيض معدل الفقر بـ 50 ٪.
وصرح كوشنير بأن المرحلة الثانية من الخطة ستكون المرحلة السياسية، التي تعنى ببعض المواضيع الجوهرية للنزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، ولكنه لم يقدم تفاصيل حول القسم السياسي. وعلى حد قوله فإنه معني بالحصول على تعقيبات على الخطة من بعض وزراء الاقتصاد، والشركات الاقتصادية والمستثمرين الخاصين الذين يشاركون في المؤتمر الاقتصادي في البحرين، والسماع منهم ما ينبغي عمله كي تحظى الخطة بتأييد واسع قدر الإمكان.
تبدو الخطة الاقتصادية الأمريكية طموحة جداً، غير أنه حسب محفل سياسي فإن أجزاء واسعة منها تبدو غير قابلة للتنفيذ. فالصعوبة المركزية هي الرفض الفلسطيني للتعاون. وشرح قائلاً: «السلطة الفلسطينية تقاطع مؤتمر البحرين، بل من المتوقع حدوث مظاهرات في المناطق وفي غزة تزامناً مع انعقاده»، وأضاف المحفل السياسي: «دون تعاون السلطة في تنفيذ قسم كبير من المشاريع فمشكوك أن يكون ممكناً تنفيذها».

مشكلة أخرى هي أن الخطة تقترح شيئاً يعتبر في إسرائيل شارة حمراء: ربط الضفة الغربية بقطاع غزة، باستثمار 5 مليارات دولار. لإسرائيل سياسة طويلة السنين لعزل الضفة عن غزة، وقد رفضت كل اقتراح لربط الضفة بالقطاع بأنفاق، وجسور، وقطارات، وطرق آمنة، وغيرها.
«هذا مؤتمر جاء في توقيت غير صحيح»، قال أمس دان شابيرو، السفير الأمريكي الأسبق في إسرائيل. «لا شيء سيخرج من مؤتمر اقتصادي لا يرتبط بأي خطة سياسية. المشكلة في الخطة الاقتصادية هي أنك إذا قلت لشركة خاصة أو دولة أجنبية تعالوا استثمروا في خطتنا الاقتصادية، والطرف الذي يفترض أن يستفيد منها يرفض الخطة فلن يستثمروا.
لست أفهم لماذا يفصلون بين خطة اقتصادية وخطة سياسية. حتى الآن لم يقل الأمريكيون ما هو هدف الخطة. إن كانت دولة فلسطينية، أم دولتين، أم حكماً ذاتياً. وهذا يتسبب بانعدام الثقة بالخطة الاقتصادية».
في فتح عقبوا أمس على كشف القسم الاقتصادي من صفقة القرن وكما كان متوقعاً رفضوه رفضاً باتاً: «الإدارة الأمريكية تقترح حلاً يقوم على أساس استخدام المال العربي من أجل قتل التطلعات السياسية للشعب الفلسطيني. أوليس من الأفضل ألا يسمح العرب للولايات المتحدة أن تبتزهم بهذا الشكل المهين؟ أليس من الأفضل بدلاً من ذلك إعادة إطلاق مبادرة السلام العربية وتوفير الغطاء المالي اللازم لتنفيذها؟».
وقالت عضو اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف حنان عشراوي: «ارفعوا الحصار عن غزة أولاً، أوقفوا السرقة الإسرائيلية لأراضينا ومقدراتنا، أعطونا حرية حركة وسيطرة على حدودنا على مجالنا الجوي ومياهنا الإقليمية. وبعد ذلك سترون كيف سنبني اقتصاداً مزدهراً كشعب حر بكل السيادة».
أمس بعد الظهر، قبل الكشف عن القسم الاقتصادي من الخطة، انعقدت قيادة فتح في رام الله للبحث في آثار مؤتمر البحرين ووسائل الكفاح ضده. في بداية الجلسة تطرق أبو مازن إلى الموضوع وقال: «لا يمكننا أن نقبل بصفقة القرن لأنها ستؤدي إلى نهاية القضية الفلسطينية. لن نحضر المؤتمر في البحرين لأننا لن نتمكن من إجراء نقاش اقتصادي قبل أن تكون هناك بنية سياسية».
في حماس أيضاً أعربوا عن معارضتهم: «الإدارة الأمريكية تواصل الحلم بأن يتخلى الشعب الفلسطيني عن حقوقه وعن أماكنه المقدسة مقابل مشاريع ما أو مال. تصريحات كوشنير واقتراحاته الاقتصادية، تكشف أهداف المؤتمر ـ جعل قضية الشعب الفلسطيني قضية إنسانية واقتصادية لأجل تنفيذ صفقة القرن، ولهذا فإن شعبنا يرفض وسيواصل كفاحه لإفشال ذلك».
في مؤتمر البحرين الذي سينعقد في يومي الثلاثاء والأربعاء سيشارك رجال أعمال ورجال المجتمع المدني الإسرائيلي ولكن دون تمثيل إسرائيل رسمياً. وضمن المشاركين مدير عام نوكيا إسرائيل اريك طل، الذي يتعاون مع السلطة الفلسطينية في مجال شبكات السايبر. كما دعي إلى المؤتمر اللواء يوآف فولي مردخاي الذي كان منسق أعمال الحكومة في المناطق، ود. اسحق رايس، مدير عام المركز الطبي شيبا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى