تقارير وتحليلاتعالمنا الآن

استهداف طالبان سفير الصين في باكستان..إنذار أمريكي قوي برفض تمدد بكين في أفغانستان قبل الانسحاب

أعلنت حركة طالبان باكستان المتشددة مسؤوليتها عن هجوم استهدف فندق سيرينا بمدينة كويتا الباكستانية بإقليم بلوشستان، حيث كان يقيم السفير الصيني في باكستان.

وأسفر الهجوم عن مقتل  أربعة أشخاص على الأقل وإصابة 11 آخرين.

وأشارت تقارير إلى أن السفير الصيني نونج رونج، ووفد اقتصادي معه كانوا في الفندق، لكنهم غادروه قبل الهجوم الذي حدث بسيارة مفخخة استهدفت ساحة الانتظار.

وتواجد السفير الصيني في إقليم بلوشستان على الحدود الجنوبية الغربية مع أفغانستان، لتوقيع مشروعات بنية تحتية مع سلطات الإقليم، الأمر ترفضه حركة طالبان وجماعات أخرى متشددة ومن وراءها الولايات المتحدة.

أمريكا توقف التمدد الصيني

ومع إعلان الولايات المتحدة انسحابها من أفغانستان فهي تخشى من اتساع النفوذ الصيني في المنطقة، خاصة في ظل تواجدها القوي في باكستان، وقررت الاعتماد على تنظيمات متطرفة لوقف الاستثمارات الصينية في المنطقة.

ودخلت أمريا في مفاوضات طويلة مع حركة طالبان أفغانستان على مدار السنوات الماضية لبحث ترتيبات الانسحاب الأمريكي، وتسليم البلاد إلى طالبان.

وشملت التفاهمات التي تم التفاوض عليها في قطر وتركيا مؤخرا على أن تحتفظ طالبان بكل الامتيازات والمناطق التي تسيطر عليها وتعزز مشاركتها في حكم أفغانستان مقابل التصدي للتمدد الصيني والاستثمارات الصينية في المنطقة.

وفي الأشهر الأخيرة، صعدت حركة طالبان وتنظيمات مسلحة أخرى من هجماتها في المناطق القبلية بالقرب من الحدود مع أفغانستان.

ويعد إقليم بلوشستان معقلا لحركة تمرد انفصالي طويل الأمد. ويريد المتشددون الاستقلال عن باقي أنحاء باكستان ويعارضون مشروعات البنية التحتية الصينية الكبرى في المنطقة.

20 عاما من الفوضى والخسائر

 ستغادر القوات الأمريكية والبريطانية أفغانستان بعد 20 عاماً من التواجد في ذلك البلد.

وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، مطلع أبريل الجاري انسحاب ما بين 2500 إلى 3500 جندي أمريكي بحلول 11 سبتمبر المقبل، وستسجب بريطانيا ما تبقى من قواتها هناك وعددها 750 جنديا.

ويعد تاريخ الانسحاب مهما ويمثل ذكرى  مرور 20 عاما على هجمات تنظيم القاعدة في 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة، وهي الهجمات التي خطط لها التنظيم ووجهها من أفغانستان.

ورداً على تلك الهجمات قادت الولايات المتحدة تحالفاً غربياً واجتاحت أفغانستان وأطاحت بحكم طالبان وطردت تنظيم القاعدة من هناك مؤقتا.

وكانت تكلفة هذا الغزو والوجود العسكري والأمني لمدة 20 عاما هناك باهظة للغاية من الناحية البشرية والمالية.

وفقدت أمريكا أكثر من 2300 جندي أمريكي وأصيب أكثر من 20 ألفا آخرين، بالإضافة إلى مقتل أكثر من 450 جندياً بريطانيا ومئات آخرين من جنسيات أخرى.

وتحمل دافعو الضرائب في أمريكا خسائر مالية كبيرة بلغت أكثر من تريليون دولار أمريكي.

لكن الأفغان أنفسهم هم الذين تحملوا العبء الأكبر من حيث الضحايا، حيث قُتل أكثر من 60 ألفا من أفراد قوات الأمن ونحو ضعف هذا العدد من المدنيين.

ضرب محور (الصين باكستان أفغانستان)

ورغم قرار الإنسحاب إلا أن أمريكا عمدت خلال الفترة الماضية للبحث عن من يسد الفراغ الذي ستتركه عسكريا وسياسيا، فكان البديل المناسب حركة طالبان، التي مازالت قوية ومسيطرة على مناطق كبيرة في البلاد.

بل وتمددت طالبان إلى  باكستان المجاورة وأنشأت حركة طالبان باكستان، التي تحارب الحكومة في إسلام أباد وترفض كل مشروعات البنية التحتية للشركات الصينية في بلوشستان.

ومن جانبها استعدت الصين هي الأخرى للانسحاب الأمريكي وعززت تواجدها العسكري والأمني والاقتصادي في باكستان، وحاولت ضم أفغانستان إلى هذا المحور وتعزيز التعاون مع كابول، الأمر الذي أقلق أمريكا بشدة.

بدأت أولى التحركات الصينية في 2017ن عندما استضافت العاصمة بكين “الحوار الثلاثي” على مستوى وزراء خارجية الصين وباكستان وأفغانستان، كآلية تعنى بمناقشة قضايا التنمية والأمن والإرهاب.

وجاءت جولتها الأولي في 26 ديسمبرعام 2017، وكان الهدف الأهم  محاولة الصين وباكستان دمج أفغانستان في مبادرة الحزام والطريق من خلال إلحاقها بأحد أهم الممرات الاقتصادية ضمن المبادرة، وهو “ممر الصين- باكستان”.

أفغانستان تتجه شرقا

ويعمل هذا الممر على ربط إقليم شينجيانج (شمال غرب الصين) ببحر العرب والمحيط الهندي عبر شبكة من السكك الحديدية والطرق البرية داخل باكستان وصولا إلى ميناء جوادر الباكستاني على بحر العرب.

وعبر وزير الخارجية الصيني “وانج يي”، عن هذا التوجه وقال إن الصين وباكستان ستدرسان توسيع نطاق الممر الاقتصادي بين البلدين ليضم أفغانستان.

وأبدت أفغانستان تعاونا مع طرفي هذا المحور، كان أبرز مؤشراتها انضمام أفغانستان إلى “البنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية” AIIB في 13 أكتوبر عام 2017.

ويبدو أن كابول ترى في الصين والاتجاه شرقا فرصة أكبر للحصول على دعم قوي في مواجهة طالبان التي عقدت اتفاقا خاصا مع أمريكا بعيدا عن الحكومة مما زاد مخاوفها حول ما يجري ترتيبه مستقبلا.

ورغم من ضعف مساهمتها في رأس مال البنك (86.6 مليون دولار، من إجمالي رأس المال البنك البالغة 100 بليون دولار)، لكن الانضمام إلى البنك مثل في حد ذاته مؤشر إيجابي على استعداد أفغانستان للاندماج في مبادرة الحزام والطريق ومؤسساتها المالية.

تبع ذلك الاندماج في آلية “الحوار الثلاثي”، وتوقيع مذكرة تفاهم مشتركة للتعاون في مجال مكافحة الإرهاب بين الدول الثلاث، في كابول في منتصف ديسمبر 2018.

وكل هذه التحركات بالطبع أقلقت أمريكا من تزايد النفوذ الصيني في أفغانستان واستغلال الفراغ للسيطرة على الأوضاع، فكان الخيار الأفضل استخدام الحركات المتشددة، التي تجيد أمريكا التعامل معها لوقف هذا التطور والحد من نفوذ الصين.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى