آراء

«المال مقابل الهدوء»…استراتيجية إسرائيلية استنفدت نفسها تجاه غزة

ميزان أيام المعركة الأخيرة بين إسرائيل وحماس مختلط، إذ إن المشكلة الجذرية لم تعالج: أهداف إسرائيلية مغلوطة. بدلاً من تحديد هدف هو ترميم الردع ومعالجة تعاظم قوة حماس في المدى المتوسط، وإضعافها واستبدالها في المدى البعيد، تتبنى إسرائيل استراتيجية «المال مقابل الهدوء»، التي تثبت حماس وتضمن أياماً قتالية أخرى لحرب بحجم كامل.
كانت جوانب إيجابية، فقد استخدم الجيش الإسرائيلي هذه المرة بشكل أكثر عنفاً وصحة مما في المواجهات السابقة. وقد عاد إلى الإحباطات المركزة، أصاب مصانع الإنتاج والمخازن، اعترض خلايا النار وهاجم أهدافاً عسكرية في مبان متعددة الطوابق. في نظرة إلى الأمام للمدى القصير، ضمن على ما يبدو الهدوء في يوم الذكرى ويوم الاستقلال، والايروفزيون ستعقد كما كان مخططاً. إضافة إلى ذلك، وقفت الأسرة الدولية إلى جانب إسرائيل، ووجهت سهام الاتهام لحماس.
إلى جانب الإنجازات تبرز جوانب سلبية، فالنتائج الحقيقية والقاسية هي أربعة قتلى إسرائيليين وعشرات الجرحى وتشويش جديد لنمط الحياة. في المستوى الأعمق، حماس تملي توقيت أيام القتال وموعد إنهائه وشكله. يدخل الجمهور في إسرائيل في المواجهة بينما لا يعرف ما هي معايير التسوية المنشودة، ويخرج منها دون أن يعرف ما الذي اتفق عليه. ما نعرفه هو أن إسرائيل تواصل الدفع لمنظمة الإرهاب وترفض الحديث مع الجهة التي تعترف بها الأسرة الدولية كصاحبة السيادة ـ السلطة الفلسطينية. والرسالة الموجهة للفلسطينيين أن من يقود الإرهاب ضد إسرائيل يحقق أهدافه أكثر.
إن الردع الإسرائيلي متآكل؛ فأيام قتالية آنية لم تعد تردع حماس، أما المواجهة الأوسع فهي التي تردع، وبالشكل التدريجي الذي تتطور فيه الأمور يقترب اليوم الذي يتبدد فيه الردع من حرب شاملة. في السطر الأخير، فإن استراتيجية «الهدوء يستجاب بالهدوء» أو «الهدوء مقابل المال» استنفدت نفسها، و«حفظ حماس كعنوان» يعدّ خطأ. ينبغي الانتقال إلى سياسة ترميم الردع في ظل المس الشديد بالذراع العسكري لحماس. دون خوف من مصابي العدو، مع إحباطات مركزة للمسؤولين وخطوات مفاجئة. الكلمة الأساس هي المبادرة، بدلاً من الانجرار الذي يميز الجولات الأخيرة. من ليس مستعداً لأن يسقط خصمه فلن يردعه.
في المدى البعيد، يعدّ الإعمار هو الهدف، وكذا التجريد وإعادة حكم شرعي لغزة، من خلال خطوات سياسية ونهج يميز بين الكيانين الفلسطينيين المقابلين ـ حماس والسلطة الفلسطينية. لقد استبدلت سياسة العزل التقليدية المتمثلة بتعزيز السلطة الفلسطينية في الضفة وإضعاف حماس في قطاع غزة بنموذج «القطيعة، الانقسام والإضعاف المزدوج». هذا النموذج يسحق الردع، لا يردع حماس بما يكفي ويجبي أثماناً باهظة. والأسوأ من ذلك، إذا استمر الوضع فحتى النموذج الناجح في الضفة الغربية كفيل بأن ينهار، بأثمان أعلى بكثير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى