تقارير وتحليلات

ترامب هرب من الحرب مع إيران بالعقوبات.. لكن في النهاية المواجهة قادمة لهذه الأسباب

اعتبر موقع Business Insider الأمريكي أن العقوبات الأمريكية التي فرضتها إدارة ترامب ضد إيران ستؤدي في النهاية إلى حرب بين البلدين، رغم تراجع البيت الأبيض عن ضربة كانت موجهة لإيران في اللحظة الأخيرة.

وأعلن ترامب، أنه سيصفع إيران بـ «عقوبات جديدة قاسية«، ويحذّر الخبراء من أنه من غير المرجح أن تحقق هذه العقوبات الأهداف المعلنة للإدارة الأمريكية الحالية، خاصةً أن شبح النزاع المسلح لا يزال في الأفق.

«لن تمتلك إيران السلاح النووي»

أتت العقوبات بعد أيامٍ معدودة من إلغاء ترامب فجأةً لضربةٍ عسكرية ضد إيران، بعد أن أسقطتْ طائرة بدون طيار تابعة للبحرية الأمريكية، كما أتت بعد أقل من أسبوعين على هجمات على ناقلات نفط في خليج عمان، وهي هجمات اتهمت أمريكا إيران بتنفيذها.

تستهدف العقوبات الجديدة المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، آية الله علي خامنئي، بين شخصيات أخرى.

وقال ترامب من المكتب البيضاوي، صباح أمس الإثنين: «تأتي عقوباتُ اليوم رداً على سلسلة من السلوكيات العدوانية التي اعتمدها النظام الإيراني خلال الأسابيع الأخيرة، بما في ذلك إسقاط طائرات أمريكية بدون طيار. المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران هو المسؤول عن السلوك العدواني للنظام. إنه محترمٌ في بلده، ويشرف مكتبه على أدوات النظام الأكثر وحشية، بما فيها الحرس الثوري الإيراني».

وقال ترامب إن هدفه الأساسي من كل هذا هو منع إيران من الحصول على سلاحٍ نووي وإنهاء نشاطاتها العدوانية في الشرق الأوسط، إلا أن بعض الخبراء يشككون في منطق استراتيجيته العامة.

«العقوبات الأخيرة هي جعجعةٌ أكثر منها طحناً»

وقال إيان بريمر، مؤسس ورئيس مجموعة أوراسيا، لموقع Business Insider الأمريكي إن «العقوبات الأخيرة هي جعجعةٌ أكثر منها طحناً، إذ إنها لا تغير الحسابات الاقتصادية للنظام الإيراني». وأضاف بريمر أن نهج ترامب لا يتعلق بتغيير النظام، ولكن بإجبار الإيرانيين على «الجلوس على طاولة المفاوضات».

وقال بريمر إنه لكي تنجح استراتيجية ترامب، يجب أن ينجح وزير الخارجية مايك بومبيو في تشكيل تحالف لا يقتصر على إسرائيل ودول الخليج العربي. وهو يحاول أن يستخدم «مزيجاً من الضغط الأمريكي والسلوك الإيراني»، لدفع «حلفاء أمريكا إلى العودة للتنسيق معها».

إن نجحت إدارة ترامب في بناء تحالفٍ «متعدد الأطراف»، حينها سيكون «من المرجح جداً أن تجبر إيران على الاعتراف بأخطائها»، حسبما قال بريمر.

وأضاف بريمر أنه «قد تنجح الاستراتيجية، لكن فيها مخاطرةٌ كبيرة يمكن أن تقود أيضاً إلى تصعيدٍ متبادل يقود بدوره إلى نزاعٍ عسكري». وقال آرون ديفيد ميلر، الباحث البارز في مركز ويلسون والمستشار السابق لوزارة الخارجية الأمريكية، فيتغريدةٍ رداً على العقوبات الجديدة إن «ترامب يحاول تجنب ذلك الاحتمال، لكن هذا لا يعني أنه لن يحدث. متى كانت آخر مرة غيرتْ فيها العقوباتُ وحدها مفهومَ دولةٍ لمصالحها السياسية/الأمنية الجوهرية وأجبرتها على الإذعان؟».

وتابع ميلر قائلاً: «افتراضُ أن الضغط على إيران سيقود إلى تلك النتيجة» على طاولة المفاوضات «هو حماقةٌ يمكنُ أن تقود إلى الحرب».

«العقوبات ليست استراتيجيةً»

في هذه الأثناء، انتقد مسؤولون سابقون في إدارة أوباما ترامب، لأنه قال إنه يود أن يمنع تصنيع إيران لأسلحة نووية، بعد أن انسحب من الاتفاق النووي الذي تم في عام 2015، وهو اتفاق بارزٌ صيغ لمنع حدوث هذا.

أعلنت إيران، الأسبوع الماضي، أنها ستنتهك الاتفاق وتسرع تخصيب اليورانيوم وتزيد ترسانتها، وهي خطوةٌ أتت بعد أن كرَّرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن طهران بقيت ملتزمةً بالاتفاق، حتى بعد انسحاب ترامب منه.

كما أن نيد برايس، المتحدث السابق باسم مجلس الأمن القومي خلال إدارة أوباما، انتقد نهج ترامب تجاه الأزمة الإيرانية، كما أشار إلى أن الهدف الحقيقي لبعض مستشاري ترامب هو الضغط على إيران بقوة تكفي لتقود إلى تغيير النظام، بحسب الموقع الأمريكي.

وغرَّد برايس أن «العقوبات ليست استراتيجية، كما أنها ليست الهدف النهائي. إنها وسائل للدفع باستراتيجيةٍ لتحقيق غاية. مشكلةُ نهج الإدارة الحالية هي أن هدف المتشددين فيها هو تغيير النظام، وليس منع إيران من تصنيع الأسلحة النووية، لأن الاتفاق النووي السابق حقَّق هذا الهدف»، بحسب الموقع البريطاني.

«إنه توقيتٌ مميز» قبل قمة العشرين في اليابان

وقال البروفيسور روكفورد فايتز، رئيس برنامج الدراسات البحرية في مدرسة فليتشر التابعة لجامعة تروفتس، إن العقوبات الجديدة ليست مفاجأة، وإنها مجرد استمرارٍ لحملة إدارة ترامب التي تهدف إلى الضغط على إيران بأقصى ما يمكن.

وأضاف فايتز: «أعتقد أنها ستستمر في تضييق الخناق على الإيرانيين، حتى يستجيبوا بطريقةٍ تغير الوضع الحالي».

فايتز سيتابع قمة العشرين القادمة بحثاً عن علاماتٍ على ما سيحدث تالياً، وستعقد القمة في مدينة أوساكا اليابانية بنهاية الشهر الحالي.

وقال فايتز عن القمة: «إنه توقيتٌ مميز جداً، بإضافة عقوباتٍ جديدة يمنح ترامب نفسه مساحةً أكبر بحيث يمكن أن يتراجع عن الحزمة الأخيرة من العقوبات، ويبقي على العقوبات السابقة إن توجّب عليه التنازل لبعض حلفائه القلقين تجاه تدفق النفط».

باختصار، يمكن للعقوبات أن تمنح ترامب بعض النفوذ الدبلوماسي خلال الأسابيع القادمة.

إحدى الناقلات التي تعرضت للهجوم في خليج عمان كانت ملكاً لشركة يابانية، وتحصل اليابان على حوالي 80% من نفطها من الشرق الأوسط.

أنكرت إيران مسؤوليتها عن الهجمات، لكن الحكومة الأمريكية والعديد من الخبراء لا يصدقونها.

إن وقع المزيد من الهجمات على الناقلات في المنطقة، فإن هذا قد يدفع حلفاء أمريكا، مثل اليابان، إلى التوتر، ويعقد الحالة المتوترة بالأصل في علاقة البلدين. يتصل خليج عمان بالخليج العربي عبر مضيق هرمز، وهو طريق مائي حيوي لحركة النفط العالمية، ويمكن لأي مشكلة في هذه المنطقة أن تؤدي إلى أزمة في الأسواق العالمية.

لكن ترامب أشار أيضاً، أمس الإثنين، إلى أنه غير مكترث بهذا، وطالب الدول بأن تحمي «سفنها الخاصة«، خلال ما سمَّاه بـ «الرحلة التي لطالما كانت خطيرة».

في هذه الأثناء، شجبت شبكات الأخبار الحكومية الإيرانية عقوباتٍ إيران واعتبرتها علامة على «يأس أمريكا«، بينما هاجم جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني، مستشاري الرئيس الأمريكي، وقال في تغريدة على تويتر إنه «من الواضح أنهم يستخفِّون بالدبلوماسية ومتعطشون للحرب«.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى